|| |
|
||||
اشكال الدولة
تقسم الدول إلى عدة أقسام ، وحسب المعيار الذي يجري اعتماده في التقسيم، فتقسم الدول من حيث التكوين إلى دول موحدة واتحادية ، وتقسم من حيث الرئيس الأعلى للدولة ، إلى ملكية وجمهورية، ومن حيث الخضوع للقانون تقسم ، إلى دولة قانونية واستبدادية ، وتقسم من حيث مشاركة الشعب في السلطة ، إلى دولة تأخذ بالديمقراطية المباشرة وأخرى تأخذ بالديمقراطية غير المباشرة وثالثة تأخذ بالديمقراطية شبه المباشرة ، ومن حيث مصدر السيادة والسلطة تقسم، إلى ديمقراطية وأرستقراطية ومونقراطية ومن حيث السيادة تقسم، إلى دول كاملة السيادة وأخرى ناقصة السيادة . وسنبحث تباعا في أشكال الدولة وحسب المعايير المختلفة التي تجري اعتمادها في التصنيف. المبحث الأول: أشكال الدول من حيث التكوين الدولة الموحدة والاتحادية تقسم الدول من حيث التكوين إلى دول موحدة أو بسيطة ، ودول اتحادية . المطلب الأول : الدولة الموحدة أو البسيطة الدولة البسيطة ، هي الدولة التي تكون فيها السيادة موحدة ، وتبدو الدولة وكأنها وحد واحدة متجانسة مندمجة اندماجا كليا ، وتظهر هذه الدولة ، حينما تتكامل عناصرها الرئيسية ( الشعب- الإقليم – السلطة) . وتجمع السلطة السياسية في هذه الدولة في يدي حكومة واحدة ، بغض النظر عن التسمية التي تتخذها تلك الحكومة ن ويترتب على ذلك إن وحدة الدولة السياسية ليست مقسمه ولا تتأثر بالتقسيم الإداري اللامركزي ، لأن القائمين على تلك الإدارات مجرد أدوات لتنفيذ القوانين والتعليمات الصادرة عن الحكومة المركزية ، وبمعنى أخر أن انعدام الوحدة الإدارية لا يؤثر بشكل من الأشكال على وحدة الدولة السياسية ، بل أن الاتجاه العام يذهب إلى تقسيم السلطات بين الحكومة المركزية والوحدات المحلية ، إذ غدت الحكومة المركزية عاجزة عن القيام بكل الوظائف والمهام التي يلزمها القانون بإشباعها ، بفعل توسع الدولة وازدياد عدد سكانها وتضخم حجم المهام الملقاة على عاتقها نتيجة للخروج من دور الدولة الحارسة والدخول في دور الدولة التدخلية ، هذا إضافة إلى ما يفرزه التقدم العلمي والتكنولوجي من مبتكرات حديثة ومتسارعة الأمر الذي يجعل إشباع كل هذه الاحتياجات من قبل السلطة المركزية أمر شبه مستحيل . وإلى جانب نظام اللامركزية الإدارية ، اهتدت بعض الدول إلى أنظمة أخرى في إدارة أقاليمها ومقاطعاتها ، ومن بين هذه الأنظمة ، نظام المقاطعات السياسية الذي يمنح مقاطعات الدولة الموحدة سلطة التنظيم الذاتي لهيئاتها الحكومية والتشريعية المستمدة من الدستور. وأخذ بهذا النظام الدستور الأسباني لسنة 1931، والدستور الايطالي لسنة 1947. وتبنى الدستور البلجيكي نظام المقاطعات المختلفة ، حيث قسم بلجيكيا سياسيا إلى ثلاث مقاطعات هي (والون وفلامند بروكسل) ، وقسمت لغويا إلى أربعة مقاطعات ( فرنسية و هولندية وألمانيا ومزدوجة اللغة وهي بروكسل) وحدود هذه المقاطعات لا تعدل إلا بقانون ، كما قسمت ثقافيا إلى ثلاثة مقاطعات ، (فرنسية وهولندية و ألمانيا ) واللغة الرسمية لكل مقاطعة لا تعدل إلا بقانون . وبصفة عامة تتسم الدولة الموحدة بالخصائص التالية :-
المطلب الثاني : الدولة المركبة ( الاتحادية ) . الدولة المركبة ، هي الدولة التي اتحدت مع غيرها لتحقيق أهداف مشتركة تعجز كل منها عن تحقيقها بمفردها ، وتقسم الدولة الاتحادية إلى أربعة أنواع وعلى التفصيل التالي : - الفرع الأول : الاتحاد الشخصي الاتحاد الشخصي هو اتحاد بين دولتين أو أكثر مع تمتع كل منها بسيادتها الداخلية والخارجية ، ولا يجمع بين دول هذا الاتحاد إلا مصادفة اجتماع العرش في يد شخص واحد أو أسرة واحدة كأن تؤدي قوانين توارث العرش في دولتين أو أكثر إلى أيلولة عرش الدولتين إلى شخص واحد، أو أن يكون على عرش إحدى الدولتين ملك ، وعلى عرش الدولة الأخرى ملكة ويتزوج الاثنان ويتولى أحدهما رئاسة الدولتين . والاتحاد الشخصي ليس حكرا على الأنظمة الملكية حيث ليس هناك ما يمنع من الناحية القانونية والمادية أن يقوم هذا الاتحاد بين دول ذات أنظمة جمهورية ، من ذلك الاتحاد الشخصي بين ( بيرو وكولومبيا وفنزويلا ) حيث اختير الرئيس (بولي فار) رئيسا لجمهورية بيرو سنة 1813 وأنتخب رئيسا لجمهورية كولومبيا سنة 1814 وفي سنة 1816 تم انتخاب رئيسا لفنزويلا ، وهكذا نشأ في سنة 1814 الاتحاد الشخصي بين بيرو وكولومبيا ، وفي سنة 1816 نشأ الاتحاد الشخصي الثلاثي بين بيرو وكولومبيا وفنزويلا . ويعد الاتحاد اللتواني البولندي (1385- 1569) أول اتحاد شخصي ظهر في العالم، وتلا هذا الاتحاد هولندا واللكسمبورج ( 1815- 1895) واتحاد بلجيكا والكونغو أثر صدور قانون من البرلمان البلجيكي سنة 1885 بمنح الكونغو الاستقلال على أن تدخل في اتحاد شخصي مع بلجيكا ويكون ملك بلجيكي ملكا لها وفي سنة 1908 قرر البرلمان البلجيكي جعل الكونغو مستعمرة تابعة لبلجيكا . وفي سنة 1939 احتلت إيطاليا ألبانيا وفرضت عليها اتحادا شخصيا تحت رئاسة ملك إيطاليا وانتهى هذا الاتحاد بهزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية . ويتسم الاتحاد الشخصي بالخصائص التالية :-
ومن خلال استعراض خصائص الاتحاد الشخصي ، نرى أن هذا الاتحاد اضعف أنواع الاتحاد رابطة ، فهو وضع دستوري مؤقت فرضه ظروف طارئة تمثلت في اجتماع عرش عدة دول في يد شخص واحد ومآل هذا الاتحاد التفكك والانهيار بمجرد أيلولة عرش الدولتين إلى أشخاص مختلفين من هنا نرى أن هذا الاتحاد هو اتحاد شكلي أكثر من فعلي كونه لا يحمل أيا من خصائص الاتحاد سوى وحدة الرئيس الأعلى للدولة . الفرع الثاني: الاتحاد الحقيقي ( الفعلي) الاتحاد الحقيقي أو الفعلي، اندماج دولتين أو أكثر في اتحاد تفنى أثر قيامه الشخصية الدولية لدول الاتحاد ، وتتبلور في شخصية قانونية جديدة ، هي دولة الاتحاد التي تنفرد بمباشرة مظاهر السيادة الخارجية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد . وتعد سائر الدول المنظمة للاتحاد ، بمثابة دولة واحدة من الناحية القانونية ، من هنا لا يكون لأي منها ممارسة مظاهر السيادة الخارجية ، من تمثيل دبلوماسي أو إعلان حرب أو عقد معاهدة أو اتفاقية دولية ، إذ أن كافة هذه الصلاحيات تناط بالشخصية الدولية الجديدة والجدير بالذكر أن كل دولة من دول الاتحاد الحقيقي تبقى محتفظة بسيادتها الداخلية ، فيكون لها دستورها الخاص وسلطاتها العامة المتميزة ( التشريعية – التنفيذية – القضائية ). ويعد الاتحاد السويسري النرويجي سنة 1851 أول اتحاد حقيقي عرفه التاريخ ن ومن قبيل هذا الاتحاد أيضا الاتحاد المصري السوداني سنة 1951 إذ أعلن هذا الاتحاد أثر قيام الحكومة المصرية ومن جانب واحد بإلغاء معاهدة التحالف والصداقة التي سبقت وأن عقدتها مع المملكة المتحدة سنة 1936، كما ألغت من جانب واحد أيضا اتفاقيتي الحكم الثنائي المبرمتين في 19 يناير و 10 يوليو 1899 ، بشأن إدارة السودان ثم قامت بتعديل بعض نصوص الدستور وتقرير وضع جديد للسودان وإعلان الملك فاروق الأول ملكا على مصر والسودان . ويتسم الاتحاد الحقيقي ( الفعلي ) بالخصائص التالية :-
الفرع الثالث ك الاتحاد التعاهدي ( الاستقلالي – الكونفيدرالي ) ينشأ هذا الاتحاد عن انضمام دولتين كاملتي السيادة أو أكثر إلى اتحاد تنظمه معاهدة تبرم بين دول الاتحاد بقصد تحقيق غايات مشتركة ، ونشأ أول اتحاد كونفيدرالي في العالم سنة 1776 بين الولايات الأمريكية الثلاث عشرة المستقلة عن بريطانيا ، ومن قبيل هذا الاتحاد ، الاتحاد الألماني سنة 1815 الاتحاد التعاهدي ( الاستقلالي – الكونفيدرالي ) . ويعد الاتحاد التعاهدي ( الاستقلالي – الكونفيدرالي ) صورة وسط بين الاتحاد الشخصي الذي تحتفظ فيه كل دولة بشخصيتها وسيادتها الداخلية والخارجية ، والاتحاد الحقيقي الذي يسلب الدولة المنظمة إليه شخصيتها الدولية ويستبدلها بشخصية دولية جديدة ، هي دولة الاتحاد الفعلي. ويمثل الاتحاد في صورة هيئة مشتركة تسمى الجمعية أو المؤتمر ، تشرف على تنفيذ المعاهدة أو الاتفاق، وتتكون هذه الهيئة من أعضاء يمثلون الحكومات المشتركة في الاتحاد ، وتصدر قرارات الهيئة بالإجماع ، إلا في بعض الحالات التي تجيز فيها المعاهدة ، صراحة صدور القرار بالأغلبية المطلقة . وتتحدد صلاحيات الهيئة أو المؤتمر بموجب نصوص المعاهدة أو صك الاتحاد، وليس لهيئات الاتحاد تعديل الاختصاصات الموكلة لها ضيقا وأتساعا ، زيادة ونقصانا ، إلا إذا جرى تعديل المعاهدة أو صك الاتحاد بموافقة جميع أعضاء الاتحاد ، فإذا اعترضت إحدى دول الاتحاد على العديل ، كان لها الانسحاب من الاتحاد. ويتسم الاتحاد التعاهدي ( الاستقلالي – الكونفيدرالي ) بالخصائص التالية :-
والجدير بالذكر إن الاتحاد التعاهدي ( الاستقلالي – الكونفيدرالي ) اتحاد ضعيف مؤقت مآله الزوال ويمكن أن ينتهي بأحد الطريقين :- الأول: اتفاق دول الاتحاد على حله ، من ذلك تفكك الاتحاد الألماني سنة 1866 أثر النزاع البروسي النمساوي ، وتفكك اتحاد الدول العربية الذي جمع اليمن والجمهورية العربية المتحدة سنة 1958بقرار من رئيس الجمهورية العربية المتحدة لتتصل اليمن عن التزاماتها الواردة في ميثاق الاتحاد. الثاني :تحول هذا الاتحاد إلى نوع أخر من أنواع الاتحادات وغالبا ما يتحول هذا الاتحاد إلى اتحاد فيدرالي كتحول الاتحاد الكونفدرالي بين الولايات الأمريكية الثلاث عشر إلى اتحاد فيدرالي سنة 1874. الفرع الرابع : الاتحاد الفيدرالي ( المركزي ). ينشأ عن هذا الاتحاد من اندماج وانصهار عدة دول في دولة واحدة ، بحيث تفقد الدول الأعضاء شخصيتها الدولية وتغدو بعد قيام الاتحاد مجرد ولايات أو دويلات تابعة للاتحاد. وينشأ عن الاتحاد شخصية دولية جديدة ، هي شخصية دولة الاتحاد الفيدرالي التي تتمتع وحدها بكافة مظاهر السيادة الخارجية وبجزء من السيادة الداخلية . ويعد الاتحاد الفيدرالي تتويجا لسائر أنواع الاتحادات الأخرى ، فهذا النوع من الاتحادات أخرها ظهورا وأقواها رابطة ، ونشأ أول اتحاد فيدرالي في العالم في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1787، وباستثناء الاتحاد الفيدرالي ،فإن سائر أنواع الاتحادات الأخرى لا تتعدى كونها مجرد معاهدات دولية تحتفظ فيها الدول الأعضاء بشخصيتها الدولية كاملة وتخضع علاقاتها لأحكام القانون الدولي، في حين ينظم القانون الدستوري علاقة الولايات الداخلة في الاتحاد . لقد أثارت مسألة الأخذ بالاتحاد الفيدرالي خلافا فقهيا طويلا بين مؤيد ومعارض ، فقد نجح هذا النظام في بعض الدول نجاحا منقطع النظير، وكان سبب في قوتها ، وربما تسيدها على العالم ، كما في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق. ومع نجاح هذا النظام في بعض الدول فشل في دول أخرى ، وكان سببا في مأساة ومعانات شعوب هذه الدول كما في يوغسلافيا السابقة . وعلى حد سواء مع الاتحادات الأخرى ، وقف وراء تبني النظام الفيدرالي عدة أسباب، فهذا الاتحاد وسيلة لتقوية الروابط التي توجدها الاتحادات الأخرى ، فمن خلال هذا الاتحاد يتم دمج شعوب الولايات الداخلة في الاتحاد ، متجاوزا عقبات الاختلاف والتباين اللغوي والديني والعرقي . ومن خلال الاتحاد الفيدرالي تم دمج الشعوب الناطقة بلغات متعددة في دولة واحدة ، كما في سويسرا وتشيكوسلوفاكيا، حيث وجدت هاتان الدولتان ، إن الفيدرالية هي الوسيلة المثلى لعيش شعوبها الناطقة بلغات متعددة في إطار دولة واحدة . وفي الهند جع النظام الفيدرالي بين المسلمين والهندوس والسيخ والبوذيين في دولة واحدة، وكذا الأمر في بريطانيا ، حيث وحد الاتحاد الفيدرالي بين البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس وجميعهم في دولة واحدة وكأنهم دولة موحدة. وقد يكون الاتحاد الفيدرالي وسيلة لإدارة الدولة ذات الرقعة الجغرافية الواسعة ، فقد لا تتمكن السلطة المركزية في الدولة الموحدة من إدارة شؤونها على أكمل وجه فتتخذ من الإدارة الفيدرالية وسيلة لضمان وحدة الدولة من ناحية وهيمنة السلطة المركزية من ناحية أخرى ، من خلال أيجاد سلطة تدير الشؤون المحلية تحت هيمنتها وأشرافها . ولنا في روسيا خير مثال على ذلك ، فالسهل الروسي لا يمتد إلى جبال الأوراس حسب ، بل إلى وسط أسيا وسيبيريا أيضا . وللنظام الفيدرالي يعود الفضل في توحيد شقي الباكستان الشرقي والغربي في دولة واحدة تفصل بينهما مساحات شائعة من الأراضي الهندية . وربما كان عنصر القوة والرغبة في توحيد الجهود لمواجهة الخطر الخارجي، العامل الأقوى لنشأت الاتحاد الفيدرالي ، فلهذا السبب يعود نشأت الاتحاد الفيدرالي أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية ، فبعد إعلان المستعمرات الثلاث عشرة استقلالها عن بريطانيا سنة 1776، وظلت هذه الدول ترتبط باتحاد كونفيدرالي مفكك وبلغ ضعف حكوماتها حد هدد بقاءها وكوسيلة لإثبات جدارتها بحكم نفسها وضمانا لمواجهة التحديات الخارجية لاسيما البريطانية منها ، اتجهت هذه الدول لإقامة رباط أكثر قوة، ووجدت هذه الدول أن الاتحاد الفيدرالي هو النظام الأمثل الذي يحقق لها ما تصبوا إليه من القوة والرفعة . ويبدو أن الاعتقاد بان الاتحاد الفيدرالي يرسخ أمن الدولة داخليا ويقويها خارجيا اعتقاد قد ترسخ لدى الكثير من الدول التي تبنت النظام الفيدرالي ، ومنها وأستراليا والنمسا وكندا واتحاد جنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين وفنزويلا والمكسيك والاتحاد السوفيتي السابق ، فتاريخ روسيا مثلا تاريخ حافل بالهزائم والانكسارات وكان الروس قد وجدوا إن الوسيلة الأمثل للخروج من هذا الواقع المؤلم ، توحيد جهودهم في إطار دولة واحدة تذوب فيها الشخصية الدولية لسائر الدولة المؤلفة لها ويخضع فيها سائر الأعضاء لسلطة مركزية واحدة، وتشجيعا للدول على الانضمام لهذا الاتحاد منحت حقا جزئيا في إدارة شؤونها بعيدا عن هيمنة السلطة المركزية ، وعبر ستالين عن هذا الاتجاه سنة 1931 بقوله ( إن تاريخ روسيا عبارة عن سلسلة من الانكسارات فقد هزمها خانات المغول وهزمها الأتراك والبارونات السويسرية وهزمها ملاك الأراضي البولنديون واللتوانيون وهزمها الرأسماليون الإنجليز والفرنسيون ، وتكمن أسباب هذه الهزائم في التأخر الحربي وتفككها وعدم توحيد جهودها في إطار دولة واحدة). أولا : نشأت الاتحاد الفيدرالي ينشأ الاتحاد الفيدرالي ( المركزي) بإحدى طريقتين :- الطريقة الأولى : اندماج عدة دول مستقلة في دولة الاتحاد وهي الطريقة الأكثر انتشارا في نشأت الاتحاد الفيدرالي وعادة ما يكون دافع الدول إلى هذا الاتحاد تقارب شعوبها من الناحية التاريخية والحضارية والثقافية أو شعور هذه الدول بحاجتها إلى الاتحاد لصد العدوان . ومن الدول الاتحادية التي قامت بهذه الطريقة ، الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا الاتحادية وألمانيا الاتحادية وكندا واستراليا وجنوب أفريقيا. الطريقة الثانية: أن تكون الدولة في الأصل موحدة ، تتعرض لظروف يخشى معها التفكك إلى عدة دول صغيرة كالحرب الأهلية أو التناحر الطائفي أو القومي ، فتتحول إلى دولة الفيدرالية التي نشأت بهذه الطريقة الاتحاد السوفيتي السابق والبرازيل والأرجنتين والمكسيك وفنزويلا والعراق في ظل دستور 2005. ثانيا: توزيع الصلاحيات والاختصاصات في الاتحاد الفيدرالي إن الاتحاد الفيدرالي ينشئ دولة واحدة فوق الولايات المكونة له ، ولدولة الاتحاد وعلى حد سواء مع الدولة الموحدة ، هيأتها العامة التي تمارس الاختصاصات التي عليها الدستور في التشريع والتنفيذ والقضاء ، وإلى جانب هذه الهيئات الفيدرالية ، توجد هيئات محلية تمارس اختصاصات في حدود الولاية الواحدة . وأمام هذا الازدواج في الهيئات العامة على صعيد الاتحاد والولايات من المحتمل أن يقع التعارض وربما التناقض في ممارسة الاختصاصات ، من هنا كان لابد من حسم هذه المسألة البالغة الأهمية ، واتجهت الدول الفيدرالية في ذلك إلى عدة اتجاهات ، وقبل الخوض في هذه الاتجاهات لابد من الإشارة إلى أن الاتجاه نحو توسيع أو تقليص صلاحيات الاتحاد أو الولايات يعتمد على الطريقة التي ينشأ بها الاتحاد . فإذا نشأ الاتحاد عن طريق اندماج عدة دول موحدة في دولة اتحادية واحدة اتجه الدستور نحو توسيع اختصاص الولايات على حساب الاتحاد تشجيعا لها على الدخل في الاتحاد . وإذا نشأ الاتحاد عن طريق تفكك دولة واحدة إلى دويلات مع رغبتها في الاحتفاظ بروابط معينة كوسيلة لتقويتها يلجأ الدستور إلى تقوية الاتحاد على حساب الولايات . ويمكن تحديد ثلاث اتجاهات في توزيع الاختصاصات بين الاتحاد والولايات في دولة الاتحاد الفيدرالي :- الاتجاه الأول: يذهب هذا الاتجاه إلى تحديد صلاحيات الاتحاد على سبيل الحصر ويترك ما لا يدخل في اختصاص الاتحاد للدويلات ، وهذا الاتجاه يرمي إلى توسيع اختصاصات الولايات ،لأن المشرع مهما وسع من صلاحيات الاتحاد ، تبقى هذه الصلاحيات محددة ، كما أن المسائل المستجدة ، بفعل تغير الظروف سوف تدخل ضمن اختصاص الولايات غير المحدد أصلا وذهب بهذا الاتجاه كل من الدستور السويسري والأمريكي والمكسيكي والأسترالي والسوفيتي الملغى. الاتجاه الثاني : يحدد هذا الاتجاه اختصص الولايات على سبيل الحصر ، ويترك باقي الاختصاصات للاتحاد ، على خلاف الاتجاه الأول ويؤدي هذا الاتجاه إلى توسيع اختصاص الاتحاد غير المحدد على حساب اختصاص الولايات المحددة على سبيل الحصر ، وتبنى هذا الاتجاه كل من الدستور الكندي والفنزويلي . الاتجاه الثالث : جمع هذا الاتجاه بين ما ذهب إليه الاتجاهين السابقين حيث يحدد هذا الاتجاه اختصاصات المركز والولايات على سبيل الحصر ، وهذا الاتجاه منتقد لأن المشرع الدستوري مهما كان واسع الخيال في تحديد الاختصاصات وتقسيمها بين المركز والولايات سوف تبرز مسائل أغفل منحها لأي منهما يكشف عنها التطبيق العلمي ، وبالتالي سوف تثار مسألة الجهة المختصة بها ،كما أن هناك مسائل تستجد بفعل تغير الظروف وتتابع الأحداث تثير هي الأخرى مسألة تحديد الجهة المختصة بها ، واخذ الدستور الهندي بهذا الأسلوب في توزيع الاختصاصات بين الاتحاد والولايات . ولمعالجة هذه المسألة البالغة الأهمية ، اتجهت الدساتير إلى ثلاثة اتجاهات ، الاتجاه الأول يترك المسائل التي تمس الاتحاد بأسره للمركز والتي تخص ولاية أو عدة ولايات يتركها للولايات ، وذهب الاتجاه الثاني إلى معالجة هذه المسألة من خلال اشتراك الاتحاد والولايات فيها ، حيث يترك للاتحاد وضع الأسس العامة ، ويخول الولايات الخوض في التفاصيل ، أما الاتجاه الثالث فيقدم المركز على الولايات في ممارسة هذه الاختصاصات فيجعلها من اختصاص الاتحاد أصلا وللولايات تنظيمها إذا امتنع المركز عن معالجتها خلال مدة معينة .
المطلب الأول : توزيع الاختصاصات بين الاتحاد في الولايات المتحدة الأمريكية من الناحية النظرية وسع الدستور الأمريكي من اختصاص الولايات على حساب الاتحاد ، فقد نص التعديل العاشر للدستور الصادر عام 1791، على (إن السلطات التي لم يفوضها الدستور للولايات المتحدة ، والتي لم تكن ممنوعة على الدول ، هي محفوظة لكل من الدول أو الشعب ) فهذا النص يشير إلى أن اختصاص المركز محدد على سبيل الحصر وهذا ما يستنتج من تعبير ( السلطات التي لم يفوضها الدستور للولايات المتحدة ) وكذلك يستنتج هذا الأمر من تعبير (ما لم تكن ممنوعة على الدول). على ذلك تخص الولايات في كل ما لا يدخل في اختصاص الاتحاد المحدد حصرا وفي كل ما لا يحظر عليه صراحة وذهب بهذا الاتجاه الدستور البرازيلي لعام 1967 المعدل، حيث حدد اختصاصات الاتحاد في المادة الثامنة منه ، وكل ما لا يرد في هذه المادة تختص الولايات بتنظيمه ، واخذ الدستور الأرجنتيني بذات المبدأ ، حيث منح الولايات سائر الاختصاصات غير المنصوص عليها في المادة (67) من الدستور . لكن تعابير النصوص المنظمة لاختصاص الاتحاد في الولايات المتحدة وواقع التطبيق العملي لهذه النصوص بشيران إلى اتساع اختصاص الاتحاد على حساب الولايات ، إذ أن اختصاص الولايات من الناحية العلمية ليس سوى اختصاص استثنائي ، فقد خص الدستور الحكومة المركزية بجملة من الاختصاصات التي تمارسها على وجه الانفراد ، كما تمارس الحكومة المركزية وحكومة الولايات جملة من الاختصاصات المشتركة ، وعلى التفصيل التالي :- الفرع الأول: الاختصاصات التي تمارسها الحكومة المركزية على وجه الانفراد . تنفرد الحكومة المركزية في الولايات المتحدة الأمريكية بجميلة من الاختصاصات ، هي:
ومنح الدستور للكونغرس صلاحية فرض الضرائب والغرامات والرسوم والمكوس وجبايتها وتحقيقا للمساواة بين جميع الولايات ، اشترط الدستور أن تكون الغرامات والمكوس والرسوم واحدة في جميع أنحاء الولايات . وحصر الدستور الأمريكي صلاحية الاقتراض بالكونغرس، ومن الملاحظ أن الدستور أشار إلى تعبير ( الاقتراض ) ولم يشر إلى تعبير ( عقد القرض) ، فالتعبير الذي أشار إليه الدستور يعني حصول الولايات المتحدة على القرض من الأفراد والدول وربما كان السبب الذي يقف وراء حصر هذا الاختصاص بالاتحاد ، خطورة الآثار المترتبة على القرض الأجنبي ، فمن اخطر هذه الآثار التبعية السياسية والاقتصادية للدولة المقترضة وربما المساس باستقلال الدولة وسيادتها ، وإلى جانب ذلك نرى إن واضعي الدستور الأمريكي وجدوا في البرلمان الاتحادي الجهة الأقدر على تحديد الحاجة للقرض ، وتقدير الآثار المترتبة عليه ، على اعتبار أن الكونغرس يضم في عضويته ممثلي كافة الولايات . ويختص الكونغرس بسك النقود وتحديد قيمتها وقيمة العملات الأجنبية ، ونرى أن السبب الذي يقف وراء منح هذه الصلاحية للبرلمان الاتحادي ، هو ضمان وحدة قيمة العملة الأمريكية ووحدة سعر صرفها بالنسبة للعملات الأجنبية .
ويذهب اتجاه فقهي إلى أن منح هذا الاختصاص للحكومة المركزية له آثاره الاجتماعية إلى جانب الآثار القانونية ، فالأجنبي الذي لا يصلح مواطنا في ولاية معينة لا يصلح أن يكون مواطنا في ولاية أخرى .
أما ما يتعلق بالتجارة الخارجية وتنظيمها ، فكان منح هذه الصلاحية للحكومة المركزية أمرا طبيعيا لأنها تتعلق بتنظيم علاقة الاتحاد بالدول الأخرى ، وليست مسألة تنظيم العلاقة بين الولايات وبعضها أو بينها وبين دول أخرى . وربما كان السبب الذي يقف وراء منح تنظيم العلاقة التجارية مع الهند، للحكومة المركزية ، هو أن تنظيم مسألة الاستيطان بالنسبة للهنود لم تحسم حين وضع الدستور ، ولضمان قواعد موحدة تنظم العلاقة بين الاتحاد والهنود من جانب والولايات والهنود من جانب أخر ، منحت صلاحية وضع هذه القواعد للحكومة المركزية .
ونرى أن السبب الذي وقف وراء منح السلطة الاتحادية هذا الاختصاص هو ضمان توحيد حقوق الولايات المواجهة الخطر الخارجي ، فمن المسلم به إن من بين أهم أسباب إنشاء الاتحاد الولايات الفيدرالي هو مواجهة الخطر الخارجي . وللاتحاد ممثلا بالكونغرس صلاحية إنشاء القلاع والمستودعات العسكرية في الأرضي المقطعة من أقاليم الدول الأعضاء بموافقتها على أن لا تزيد المساحة المقطعة عن عشر أميال مربعة، وللكونغرس ممارسة هذا الاختصاص على البقاع التي تشترى بموافقة المجلس التشريعي للولاية، لكي تقام في الولاية نفسها الحصون ومخازن السلاح والترسانات وأحواض السفن والمنشآت التي تدعو الضرورة إليها . ويعرف الكونغرس جرائم القرصنة والجنيات المرتكبة في البحار العالية والجرائم ضد قانون الأمم وأن يعاقب عليها .
ويختص البرلمان الاتحادي بفرض العقوبات على تزييف الأوراق المالية والسندات والعملة المتداولة في الولايات المتحدة ، ونرى إن الأسباب التي تقف وراء منح الاتحاد هذه الصلاحية ، هو إن آثار هذه الجريمة تنصرف إلى الاتحاد بأسره ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى إن هذه الجريمة تؤثر في الثقة المالية لعملة الدولة ، وحيث إن الكونغرس هو الجهة المختصة بسك النقود وإصدار العملة الوطنية ، بكون هو الأقدر على معالجة تزييفها .
الفرع الثاني : الاختصاصات المشتركة بين الحكومة المركزية والولايات حدد الدستور الأمريكي جملة من الاختصاصات التي تمارسها الحكومة المركزية على وجه الاشتراك مع الولايات ويمكن إجمال هذه الاختصاصات فيما يلي :
وبموافقة الاتحاد ، للولايات فرض الضرائب على حمولة السفن على أن يسجل صافي الضريبة إيرادا للاتحاد أيضا .
أما الحالة الثانية ، فتتمثل في وقوع الجريمة خارج إقليم الاتحاد في هذه الحالة يعين الكونغرس المكان الأصلح لأجراء المحاكمة وحسب سلطة التقديرية .
وعلى الرغم من أن الدستور حدد صلاحيات الاتحاد على وجه الحصر ، سواء في الحالات التي يمارسها على وجه الانفراد أو بالاشتراك مع الولايات إلا أن بعض نصوص الدستور وواقع التطبيق العملي يشيران إلى عكس ذلك فمن الملاحظ أن الاتحاد تمتع بقوة ملموسة على حساب الولايات ، ويمكن إبراز ذلك فيما يلي :
ولا بد من الإشارة إلى أن الاختصاصات الواسعة التي تمتع بها الاتحاد انعكست بشكل واضح على الصلاحيات التي تمتع بها رئيس الدولة، فرئيس الدولة يشارك البرلمان الاتحادي في العديد من الاختصاصات ، وعلى سبيل المثال يشارك رئيس الدولة الكونغرس في التشريع سواء من خلال الرسائل السنوية التي يرسلها للكونغرس والتي يشرح فيها أوضاع الاتحاد أو من خلال الاقتراحات التي يقدمها أنصاره في الكونغرس، ولرئيس الجمهورية حق الاعتراض التوقيفي على التشريعات التي يناقشها الكونغرس وتنال تأييده . ورئيس الدولة هو القائد العام للقوات المسلحة الاتحادية ، ويتمتع الرئيس الاتحادي بصلاحيات دولية واسعة، فهو يعقد المعاهدات الدولية بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ ، وله تجاوز الشيوخ من خلال إبرامه الاتفاقات التنفيذية . ويعين رئيس الجمهورية الوزراء والسفراء والقناصل وقضاة المحكمة العليا مستعينا بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ . تلك الصلاحيات وغيرها التي سنبحثها لا حقا وبشكل مفصل تشير إلى المكانة الدستورية المتميزة لرئيس الدولة والتي انعكست حتى على الولايات ، وعلى سبيل المثال منح التعديل الرابع عشر للدستور ، الرئيس الاتحادي صلاحية إرغام حكام الولايات على تنفيذ أحكام الدستور ، ومن خلال هذا التعديل استطاع الرئيس (جون كندي) إرغام حاكم ولاية المسي سبي على تسجيل الطالب الزنجي في جامعة اكس فورد التابعة لهذه الولاية بعد أن رفض حاكم الولاية طلب التسجيل على اعتبار أن طالب التسجيل من الزنوج . المطلب الثاني: توزيع الاختصاصات بين الاتحاد والولايات في ألمانيا الاتحادية من الملاحظ أن الدستور الألماني ، حدد الاختصاصات التي يمارسها الاتحاد على وجه الحصر، ومن هذه الاختصاصات ما يمارسها الاتحاد على وجه الانفراد ، ومنها ما يمارسها بصورة مشتركة مع الولايات . وأجاز الدستور لكل من الاتحاد والولايات أن يمارس أحدهما اختصاص الأخر لأسباب معينة ، فللاتحاد الحق في تنظيم مسائل تدخل في اختصاص الولايات حيث لا يتسنى تنظيم أمر من الأمور بطريقة فعالة عن طريق التشريع الذي تصدره الولايات المختلفة، أو حينما تصدر إحدى الولايات تشريعا يؤثر على مصالح بعض الولايات أو مجموعها . أو حينما تتطلب حماية الوحدة القانونية والاقتصادية ، وبوجه خاص المحافظة على تجانس ظروف المعيشة خارج حدود إحدى الولايات ذلك . وبالمقابل للولايات ممارسة الاختصاص التشريعي للاتحاد متى خولها قانون اتحادي ذلك صراحة ، وفي حدود التي ينص عليها القانون. وحدد الدستور الهندي النافذ لعام 1949 اختصاص الاتحاد والولايات على سبيل الحصر، سواء ما يتم ممارسته على وجه الانفراد أو بصورة مشتركة ، فالاختصاصات التي يمارسها الاتحاد بصورة منفردة جاء النص عليها في القائمة الأولى من الجدول السابق، وجاءت القائمة الثانية من الجدول نفسه مشيرة إلى الاختصاصات التي تمارسها الولايات على وجه الانفراد . وأشارت القائمة الثالثة من الجدول السابع إلى الاختصاصات التي يمارسها الاتحاد والولايات على وجه الاشتراك . ومن الملاحظ أن الطريقة التي أخذ بها الدستور الهندي في توزيع الاختصاصات بين الاتحاد والولايات هي طريقة معيبة ، فهناك من المسائل ما يتم إغفال تنظيمها ، ومنها ما يستجد بعد العمل بالدستور ، وفي محاولة لمعالجة هذا المآخذ في توزيع الاختصاصات ، نصت المادة (246) في الفقرة (4) منها على أنه ( البرلمان سلطة سن القوانين في شأن أي أمر خاص بأي جزء من الأراضي الهندية التي لا تدخل في أية ولاية من الولايات حتى ولو كان هذا الأمر من الأمور في قائمة الشؤون المحلية للولاية ) ونظمت المادة (248/2،1) الضرائب غير المشار إليها في قائمة الشؤون المشتركة والشؤون المحلية للولايات ، إذ نصت هذه المادة على أنه (1- للبرلمان وحده السلطة في سن أي قانون بشان أي أمر غير وارد في قائمة الشؤون المشترك وقائمة الشؤون المحلية للولاية 2- وتشمل هذه السلطة سن أي قانون يقرر ضريبة غير مشار إليها في أي من هاتين القائمتين )وبذلك وسع الدستور الهندي من اختصاصات الاتحاد وقيد اختصاصات الولايات الواردة على سبيل الحصر . الفرع الأول : الاختصاصات التي تمارسها الحكومة المركزية على وجه الانفراد نظمت المادة (73) من القانون الأساسي الألماني النافذ المسائل التي يختص بها الاتحاد على وجه التحديد ، ونرى إن هذه المادة جاءت منسجمة مع ما يجب أن يتمتع به الاتحاد ، إذ خصت الحكومة المركزية بمسائل تتعلق بالاتحاد بأسره ، وذهب بذات الاتجاه الدستور الهندي وإن كان أكثر تفصيلا في تحديد اختصاصات الاتحاد . وسنبحث في الاختصاصات التي تنفرد بها الحكومة المركزية في ألمانيا مقارنة بما أخذ به الدستور الهندي .
ومنح الدستور الألماني للاتحاد صلاحية الإشراف على شؤون الدفاع وتنظيمها ، ونص على هذا الاختصاص في ذات الفقرة التي نص فيها على الشؤون الخارجية ، وكان الأولى بالدستور النص على هذا الاختصاص في فقرة مستقلة ، لاستقلال الشؤون الخارجية عن شؤون الدفاع ، وهذا ما فعله الدستور الهندي .
الفرع الثاني : الاختصاصات المشتركة بين الحكومة المركزية والولايات نظمت المادة (74) من القانون الأساسي الألماني الاختصاص التشريعي المشترك، واحتوت هذه المادة على (23) اختصاص يمارسه الاتحاد على وجه الاشتراك مع الولايات . ويمكن القول إن الاختصاصات المشتركة الهامة ركزها القانون الأساسي الألماني في ستة محاور هي :
وعلى الرغم من سعة الصلاحيات التي يتمتع بها الاتحاد سواء ما كان منها على وجه الانفراد أو بصورة مشتركة مع الولايات ، إلا أن القانون الأساسي الألماني لم يخص رئيس الدولة إلا بصلاحيات محدودة وشكلية في غالبيتها ، وكما سنرى لاحقا ، ربما لأن الدستور الألماني أخذ بالنظام البرلماني الذي جعل من رئيس الدولة مصونا وغير مسئول ، فحيث توجد السلطة توجد المسؤولية ، وبانتفاء السلطة تنفي المسؤولية .
المطلب الثالث: توزيع الاختصاصات والصلاحيات بين الاتحاد والولايات في روسيا الاتحادية مسايرة للاتجاه الدستوري الفيدرالي الغالب ، حدد الدستور الروسي النافذ لسنة 1993، اختصاصات الاتحاد على سبيل الحصر ، ولكنه في هذا التحديد كان قد خص الاتحاد بغالبية الاختصاصات الهامة التي تمس شؤون الاتحاد بأسره ، ومن الاختصاصات ما يمارسها الاتحاد على وجه الانفراد، ومنها ما يمارسها مع شخوص الاتحاد الروسي الأخرى . ولم يكتف الدستور الروسي بمنح السلطة المركزية غالبية الاختصاصات الهامة ، بل أشار صراحة إلى أعلوية الاتحاد على الولايات في عدة نصوص ومنها ما ورد في المادة (73) منه (تتمتع مؤسسات الاتحاد الروسي خارج حدود الصلاحيات الاتحاد الروسي بكل صلاحيات السلطة الحكومية الكاملة في مواضيع الإدارة المشتركة للاتحاد الروسي ومؤسساته ) ومنها ما ورد في المادة (76/1) (تشرع قوانين دستورية فيدرالية وقوانين فيدرالية حول مواضيع الإدارة في الاتحاد الروسي ، تعتبر نافذة المفعول على جميع أراضي الاتحاد الروسي ). ومن الملاحظ أن هناك تداخلا في الاختصاصات التي يمارسها الاتحاد على وجه الانفراد والاختصاصات التي يمارسها بصورة مشتركة مع الولايات وسوف تبرز هذا التداخل من خلال بحثنا اختصاصات الاتحاد المنفردة والمشتركة . الفرع الأول: الاختصاصات التي تمارسها الحكومة المركزية على وجه الانفراد يمكن تركيز الاختصاصات التي تمارسها الحكومة الاتحادية على وجه الانفراد في عدة محاور هي:
ويمارس الاتحاد صلاحية حماية حقوق وحريات المواطنين من خلال وضعه للتشريعات المنظمة لها ، ومراقبته للانتهاكات التي يمكن أن تتعرض لها ، بل إن الدستور ينص صراحة على ضمان حقوق الأقليات القومية . كما ويقر الاتحاد أنظمة الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية الاتحادية ونظام منظماتها ونشاطها وتشكيل هيئات سلطة الدولة الاتحادية . ويختص الاتحاد بوضع التشريع الجنائي وقانون المرافعات الجنائية والمدنية وقانون الرسوم العدلية والقوانين المنظمة للملكية ، وبذلك يكون الدستور الروسي قد خلق وحدة تشريعية في هذه الميادين ، مع ملاحظة إن وضع التشريعات الجنائية والمدنية كان يختص بها الاتحاد أيضا في ظل دستور عام 1977.
من هنا خص الدستور الروسي ، الاتحاد بوضع السياسة الخارجية وتنظيم العلاقات الدولية للاتحاد وعقد الاتفاقيات الدولية ، ووضع أسس العلاقات الاقتصادية الخارجية للدولة . والملاحظ أن الدستور الروسي مر بين نوعين من اتفاقيات الحدود ، اتفاقيات الحدود الخارجية ، وخص بها الاتحاد ن واتفاقيات الحدود بين مناطق الحكم الذاتي والتي أجاز عقدها بين المناطق دون حاجة للرجوع للسلطة المركزية .
ومسايرة لهذا الاتجاه الدستوري الغالب، منح الدستور الروسي للحكومة الاتحادية صلاحية الإشراف على شؤون الدفاع والأمن والتصنيع العسكري ، وتنظيم بيع وشراء الأسلحة .
وأما وحدة الجنسية في الدولة الفيدرالية ، فهو نابع من طبيعة الجنسية والاتحاد الفيدرالي أيضا فالجنسية هي رابطة فرد بدولة تميزه عن أفراد الدول الأخرى ، أما الاتحاد الفيدرالي فيوحد سائر الولايات المؤلفة له في دولة واحدة ، وهذا يستتبع بالضرورة وجود جنسية واحدة لسائر أفراد الدولة لا عدة جنسيات بعدد الولايات . وانطلاقا من هذه الطبيعة الخاصة للدولة الفيدرالية ، منح الدستور الروسي للاتحاد صلاحية منح وسحب الجنسية لسائر أفراد الاتحاد بناء على ضوابط يحددها قانون اتحادي . الفرع الثاني : الاختصاصات المشتركة بين الحكومة المركزية والولايات أورد الدستور الروسي جملة من الاختصاصات التي يمارسها الاتحاد على وجه الاشتراك مع الولايات ، ووجدنا إن بعض هذه الاختصاصات جاء ضمانا لحماية الدستور والقوانين الاتحادية ووجدنا البعض الأخر مماثلا إلى حد ما للاختصاصات التي يمارسها الاتحاد على وجه الانفراد وإلى جانب هذه الاختصاصات أشرك الدستور ، الحكومة المركزية مع الولايات في جملة من الاختصاصات الجديدة ، ويمكن أجمال الاختصاصات المشتركة للحكومة المركزية والولايات فيما يلي :
ومن خلال استعراض الاختصاصات التي يمارسها الاتحاد سواء ما كان منها على وجه الانفراد أو بصورة مشتركة مع الولايات ن نجد إن الدستور كان قد خص الاتحاد بغالبية الاختصاصات الهامة سواء ما كان منها داخليا أو خارجيا والتي تمس الاتحاد بأسره . والملاحظ إن هذه السعة في الصلاحيات كانت قد انعكست على الصلاحيات التي يمارسها رئيس الدولة في مختلف المجالات التشريعية والعسكرية والدولية ، بل أن رئيس الدولة أصبح يتمتع بقوة ملموسة اتجاه سلطات الدولة الأخرى ( التشريعية – الحكومة ) وكما سنبرزه لاحقا . ثالثا: خصائص الاتحاد الفيدرالي يتسم الاتحاد الفيدرالي بالخصائص التالية :
وقاعدة انفراد السلطة المركزية بالشؤون الخارجية استثناءات ، إذ أقرت بعض الدساتير الفيدرالية للدويلات حق التمثيل الدبلوماسي المستقل وحق إبرام المعاهدات الدولية ، كما في دستور الإمبراطورية الألمانية الفيدرالية لسنة 1871، ودستور الاتحاد السوفيتي السابق لسنة 1977، حيث منح الولايات حق التمثيل الدبلوماسي المستقل وإرسال المبعوثين الدبلوماسي والدخول في علاقات دولية ، وعمليا انضمت أوكرانيا وروسيا البيضاء للأمم المتحدة ومثلت بشكل مستقل عن الاتحاد السوفيتي السابق.
وانطلاقا من ذلك أطلق بعض الفقه على الاتحاد الفيدرالي ، الاتحاد الدستوري ، باعتبار أن هذه التسمية اقرب إلى واقع الدولة الجديدة وتعبيرا عن تنظيم القانون الدستوري لها ، وأطلق الفقه الألماني على دولة الفيدرالية تعبير دولة دول ، كونها تتألف من اندماج عدة دول لها شخصيتها المستقلة قبل الاتحاد .
رابعا: ثنائية السلطات 1- ثنائية السلطة التشريعية جرى العمل في غالبية الدول الاتحادية على الأخذ بنظام المجلسين في تنظيم السلطة التشريعية ، حيث يمثل أحد المجلسين شعب الدولة الاتحادية ، ويمثل المجلس الأخر الولايات المنظمة للاتحاد. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تتألف السلطة التشريعية ( الكونغرس) من مجلسين هما ، مجلس النواب ، الذي يمثل الشعب الأمريكي بوحدته القومية الشاملة باعتبار أن الولايات المتحدة مكونه من شعب واحد ، وينتخب هذا المجلس من قبل مواطني كل الولايات وحسب عدد سكانها ، وبمعدل نائب واحد لكل ثلاثين آلف نسمة ، ونائب واحد لكل ولاية يقل عدد سكانها عن هذا العدد. ويختص مجلس النواب بممارسة الصلاحيات التي تتعلق بالاتحاد بأسره ، كالاختصاص المالي والعسكري والهجرة والجمارك ، وتوجيه الاتهام للرئيس الاتحادي وأعضاء مجلس الشيوخ . أما مجلس الشيوخ فتتمثل فيه الصفة الاتحادية للدولة الأمريكية الاتحادية ولا تختلف طريقة الاختيار أعضاء هذا المجلس عن طريق اختيار أعضاء مجلس النواب إذ يجري اختيار أعضاء هذا المجلس عن طريق الانتخاب أيضا على أن يكون لكل ولاية شيخان ، صغر أو كبر حجمها قل أو كثر عدد سكانها ، فتستوي في ذلك ولاية نيويورك التي يقترب عدد سكانها من عشرين مليون نسمة ، مع ولاية الألسكا التي لا يزيد تعدادها عن نصف مليون نسمة ، ويضمن هذا التمثيل المتساوي للولايات نوعا من التوازن ويحول دون طغيان الولايات الكبيرة على الصغيرة. ويبلغ عدد أعضاء مجلس الشيوخ مائة عضو ، ويرأس هذا المجلس نائب رئيس الجمهورية ويمارس هذا المجلس اختصاصات بالغة الأهمية فهو يشارك مجلس النواب في اقتراح مشاريع القوانين وفي فرض الضرائب ووضع قواعد الجنسية وإنشاء المحاكم الأقل من المحكمة العليا ، هذا إضافة إلى اختصاصات أخرى بالغة الأهمية . وفي العراق تألفت السلطة التشريعية بموجب دستور عام 2005من مجلسين هما مجلس النواب ومجلس الاتحاد . ويمثل مجلس النواب مجموع الشعب العراقي بمعدل نائب واحد لكل مائة ألف نسمة وهذا يعني أن عدد أعضاء هذا المجلس غير محدد وبتباين فيه التمثيل من محافظة لأخرى ومن إقليم لأخر وحسب عدد سكانه ، وتمثل فيه النساء بنسبة لا تقل عن الربع . وحدد الدستور مدة ولاية المجلس بأربعة سنوات تقويمية تبدأ بأول جلسة وتنتهي بنهاية السنة الرابعة ، على أن يجري انتخاب المجلس الجديد قبل خمسة وأربعين يوميا من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية . واختص مجلس النواب بموجب الدستور النافذ بغالبية الصلاحيات التشريعية الهامة، إن لم نقل جميعها ، فبموجب المادة (61) اختص بتشريع القوانين الاتحادية ، والرقابة على السلطة التنفيذية ، وانتخاب رئيس الجمهورية ، وتنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، والموافقة على تعيين رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية ، ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى ، والموافقة على تعيين السفراء وأصحاب الدرجات الخاصة بناء على اقتراح مجلس الوزراء والموافقة على تعيين رئيس أركان الجيش ومعاونيه ، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق ، ورئيس جهاز المخابرات ، وله مساءلة رئيس الجمهورية بناء على طلب مسبب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس وله إعفاءه من منصبه بعد إدانته من قبل المحكمة الاتحادية العليا . والمجلس بناء على طلب الأغلبية المطلقة سحب الثقة من أحد الوزراء وله بناء على طلب رئيس الجمهورية او خمس أعضاءه سحب الثقة من رئيس الوزراء ، وفي هذه الحالة تعد الوزارة مستقيلة بأكملها . وللمجلس الموافقة على إعلان حالة الحرب وحالة الطوارئ بناء على طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وله إجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة العامة وتخفيض مجمل مبالغها وله عند الضرورة اقتراح زيادة إجمالي مبالغ النفقات . أما مجلس الاتحاد فلم يفرد له الدستور سوى نصين ، أشار الأول منهما إلى إنشاء مجلس تشريعي آخر إلى جانب مجلس النواب ، يدعي مجلس الاتحاد يضم في عضويته ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنظمة بإقليم ، وأحال الدستور كل ما يتعلق بهذا المجلس إلى قانون يصدر لاحقا عن مجلس النواب . أما النص الثاني (م 137) أجل الدستور بموجبه كل ما يتعلق بهذا المجلس إلى حين صدور قرار من مجلس النواب بأغلبية الثلثين في دورته الانتخابية الثانية التي يعقدها بعد نفاذ الدستور. ويذهب جانب من الفقه إلى أن الأخذ بنظام المجلسين من مستلزمات الدولة الاتحادية حيث ، تتكون الدولة الاتحادية من أفراد ودويلات لها استقلالها الذاتي، ولكن ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه لا يمكن الأخذ به على إطلاقه ، فقد أخذت بعض الدول الاتحادية بنظام المجلس الواحد واستطاعت برلماناتها القيام بوظائفها على أكمل وجه ، من بينهما يوغوسلافيا في دستور عام 1963، وأطلق على هذا المجلس اسم الجمعية الفيدرالية ومثلت هذه الجمعية مواطني الجمهوريات اليوغسلافية وكذلك الولايات الست المكونة للاتحاد . 2- ثنائية السلطة التنفيذية : في الاتحاد الفيدرالي، يجري اقتسام السلطة التنفيذية بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية حيث تمارس الحكومة المركزية صلاحيتها التنفيذية على صعيد الاتحاد ، في حين تمارس الحكومات المحلية هذه الصلاحية في حدود الولايات فقط . وعلى حد سواء مع السلطة التنفيذية في الدولة الموحدة، تتكون السلطة التنفيذية في الاتحاد الفيدرالي من رئيس وحكومة اتحادية ومحلية ويتباين تشكيل الحكومة من نظام دستوري لأخر ففي الدولة الاتحادية التي تأخذ بالنظام الرئاسي ، تتكون الحكومة الاتحادية من رئيس اتحادي وعدد من الوزراء الاتحاديين ولا يعد هؤلاء الوزراء إلا مساعدين للرئيس يأتمرون بأوامره وينتهون بنواهيه ، فهم مجرد مساعدين وأعوان للرئيس وهو يمارس صلاحياته الدستورية في إدارة الشؤون التنفيذية . أما السلطة التنفيذية المحلية فتتكون من حاكم الولاية وأعضاء الحكومة المحلية ، ويتحدد اختصاص هذه الحكومة في إدارة الشؤون التنفيذية للولاية ولا يتعدى اختصاصها إلى الولايات الأخرى . 3- ثنائية السلطة القضائية : في الاتحاد الفيدرالي يجري اقتسام الصلاحيات القضائية بين المحاكم الاتحادية ومحاكم الولايات وثنائية السلطة القضائية في الاتحاد الفيدرالي أمر لا غنى عنه ، حيث يتحدد اختصاص المحاكم الاتحادية بالنظر في المسائل المتعلقة بالاتحاد ، كالرقابة على دستورية القوانين والمنازعات الانتخابية ( اختيار رئيس الدولة وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ ) ومنازعات الاتحاد والولايات والمنازعات بين الولايات ومنازعات الأفراد التابعين لولايات مختلفة . أما محاكم الولايات فيتحدد اختصاصها بالنظر في منازعات الولاية الواحدة ، فتنظر في دستورية قوانين الولاية ومنازعات الأفراد والطعون الانتخابية المحلية . المبحث الثاني : الدول من حيث السيادة كاملة السيادة وناقصة السيادة إن ما يميز الدولة عن غيرها من التنظيمات والتجمعات البشرية الأخرى ، ليس فقط الأركان الثلاث ( الشعب – الإقليم- السلطة) ولكن أيضا مدى تمتعها بالسيادة . ويختلف الفقه في تحديد مفهوم السيادة ، فمنهم من يذهب إلى أن معناها يتحدد في أن يكون للدولة الكلمة العليا والأخيرة في إدارة شؤونها ولا تخضع في ذلك لغيرها من الدول . ومنهم من يذهب إلى أن السيادة هي التشخيص القانوني للأمة وما يجعل من الأمة دولة هو توافر السلطة العامة التي تعلو إرادة سائر الأعضاء ولا توجد فوقها سلطة تخضع لها . أما الأستاذ (دابان) فيعرفها ( إن الدولة تكون ذات سيادة في مواجهة الأفراد والجماعات الخاصة والعامة التي تعيش أو تعمل داخلها ، فهي المجتمع السامي الذي يخضع له الأفراد والجماعات ) . وتقسم السيادة إلى عدة أقسام تبعا للزاوية التي ينظر منها إليها :- أولا : السيادة الداخلية والخارجية ينصرف معنى السيادة الداخلية ، إلى عدم خضوع الدولة لسلطة دولة أخرى، وحقها في تشريع القوانين وسن الأنظمة ، أما السيادة الخارجية فتعني الحقوق المكفولة للدولة في المجال الخارجي وفقا لقواعد القانون الدولي . ثانيا : السيادة الشخصية ويبني هذا التقسيم أساسا على أركان الدولة الثلاث( الشعب – الإقليم _ السلطة) فتكون السيادة شخصية إذا ما جرى تحديدها على أساس عنصر الشعب ، وتكون السيادة إقليمية إذا ما جرى تحديدها على أساس الإقليم والسيادة بهذا المعنى تعني امتداد سلطان الدولة إلى كل من يعيش على إقليمها ولو كان حاملا لجنسية دولة أخرى . ثالثا: السيادة القانونية والسياسية تعني السيادة القانونية ، انفراد الدولة بتشريع القوانين وتعديلها وإلغاؤها ، ويختلف أصحاب السيادة من دولة لأخرى ، فتارة يكون أصحاب السيادة القانونية ، أعضاء السلطة التشريعية ، وتارة أخرى يكون أصحاب هذه السيادة أعضاء السلطة التنفيذية أما السيادة السياسية ، فتعني سيادة أولئك الذين لديهم حق الانتخاب والتصويت ، ويتحدد حجم أعضاء هذه السيادة بمدى إطلاق وتقييد حق الانتخاب ، فيتسع حجم أصحاب السيادة إذا ما أخذت الدولة بمبدأ الاقتراع العام ، ويضيق حجمهم إذا ما أخذت الدولة بمبدأ الاقتراع المقيد . وبصفه عامة تقسم الدول من حيث السيادة إلى دول كاملة السيادة ودول ناقصة السيادة . المطلب الأول: الدولة كاملة السيادة الدولة كاملة السيادة، هي الدولة التي لا تخضع في ممارسة سلطاتها لسلطة أخر ،إلا في حدود ما تفرضه عليها القوانين والالتزامات الدولية ، كخضوعها للشرعية الدولية والتزامها بعدم الاعتداء على الغير وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى وتقيدها بالالتزامات المفروضة عليها بموجب المعاهدات الدولية ، سواء أكانت هذه المعاهدات اختيارية أم إجبارية . المطلب الثاني: الدولة ناقصة السيادة الدولة ناقصة السيادة ،هي الدولة التي تتبع غيرها من الدول والهيئات الدولية في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية ، ويتخذ هذا النوع من الدول عدة أشكال . الفرع الأول: الدولة الخاضعة للانتداب الانتداب ، نظام استعماري انشأ بموجب عهد عصبة الأمم ، فقد نصت المادة (22) من العهد على أن ( تطبق المبادئ الأتي بينها على المستعمرات والبلدان التي لم تعد بعد الحرب تحت سيادة الدول التي كانت تحكمها سابقا والتي يقطنها شعوب قاصرة على أن تحكم نفسها بنفسها بالنسبة للظروف العالمية في العالم الحديث ، وإن رفاهية وتطور هذه الشعوب تشكل مهمة مقدسة على عاتق المدنية ، ويجدر بالميثاق أن ينص على الضمانات التي تؤمن تنفيذ هذه المهام ) . وبموجب هذا النظام خضعت الدول المهزومة في الحرب العالمية الأولى والأقاليم التي كانت تتعبها وبخاصة في أفريقيا والشرق الأوسط للدول المنتصرة في الحرب على أن تتعهد الأخيرة بالعمل على رفاهية وتقدم الشعوب الموضوعة تحت انتدابها . وقست الأقاليم الخاضعة للانتداب إلى ثلاثة أقسام . (القسم أ-A ) ويضم أقاليم الدولة العثمانية ( العراق – لبنان – سوريا- فلسطين – شرق الأردن) وهذه الأقاليم وصلت إلى درجة من التطور يمكن معها الاعتراف لها كأنها مستقلة على أن تسترشد في إدارة شؤونها ومصالحها بالدول الأخرى . (القسم ب- B) ويضم مجموعة من الأقاليم الأقل تطورا من إقليم القسم (أ-A) لاسيما تلك التي تقع في أواسط إفريقيا ( الكاميرون – توغو – تنجانيقيا – رواندا) وهذه المجموعة لم تصل إلى درجة من التطور يمكن معها أن تحكم نفسها بنفسها من هنا تبقى هذه الأقاليم خاضعة مؤقتا للدولة المنتدبة لحين بلوغها درجة من التطور يمكن معها أن تدير شؤونها بنفسها . (القسم ج-C) ويضم الأقاليم النائية والأقاليم الصغيرة قليلة السكان ( جنوب أفريقيا – غينيا الجديدة – جزيرة مارينا وكارولينا ) وهذه الأقاليم على درجة من التخلف لا يمكن معها منحها الاستقلال أو وضعها تحت الإدارة المؤقتة للدولة المنتدبة وبالتالي تبقى هذه الأقاليم خاضعة للدولة المنتدبة وكأنها جزء من إقليمها .
الفرع الثاني : الدولة التابعة ينصرف معنى الدولة التابعة إلى ارتباط دولة بأخرى برابطة الخضوع والولاء ، ويطلق على الأولى الدولة التابعة وعلى الثانية الدولة المتبوعة . وتختص الدولة المتبوعة بإدارة الشؤون الخارجية للدولة التابعة ن فتمثلها في المنظمات والهيئات الدولية ، وتبرم المعاهدات نيابة عنها وتدير شؤونها الدبلوماسية ، وليس للدولة التابعة إلا ممارسة بعض الاختصاصات الداخلية . ولا يوجد نمط واحد محدد ينظم علاقة الدولة التابعة بالمتبوعة وإنما يخضع تنظيم هذه العلاقة للظروف التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، إلا أن العمل جرى على ارتباط الدولة التابعة بالمتبوعة في جميع المعاهدات التجارية والسياسية التي تعقدها الأخيرة (المتبوعة) كما اعتمدت الدولة المتبوعة على التدخل من حين لأخر في الشؤون الداخلية للدولة التابعة . وساد العمل بهذا النظام في القرن التاسع عشر ، فقد أصبحت مصر تابعة للدول العثمانية بموجب معاهدة لندن المبرمة في 15 مايو 1840 واستمر هذا الوضع حتى سنة 1914 كما طبق هذا النظام على الأقاليم الأوربية التي كانت خاضعة للدولة العثمانية مثل إقليم صربيا ورومانيا والجبل الأسود وبلغاريا ، حيث راح بعضها يتنقل من نظام الولايات التركية إلى نظام الولايات المستقلة داخل الدولة العثمانية ثم إلى نظام الدولة المستقلة بشؤونها الداخلية مع بقائها مرتبطة بالباب العالي برباط التبعية كنظام انتقالي لحين نيل الاستقلال النهائي . الفرع الثالث : الدولة المحمية الحماية علاقة قانونية تنشئ عن معاهدة دولية بين دولتين إحداهما قوية ( الحامية) والأخرى ضعيفة ( المحمية) وبموجب هذه المعاهدة تضع الدولة الضعيفة نفسها تحت حماية الدولة القوية وتتنازل لها عن قدر من سيادتها الداخلية وسيادتها الخارجية، بما في ذلك الاشتراك في المؤتمرات الدولية وإبرام المعاهدات والتمثيل الدبلوماسي ومباشرة الشؤون الدبلوماسية . ويخضع تنظيم علاقة الدولة الحامية بالمحمية لأحكام القانون الدولي وتكون الحرب بين الدولتين حرب دولية كما تحتفظ الدولة المحمية بجنسيتها المستقلة عن جنسية الدولة الحامية ومن الدول التي تخضع لنظام الحامية النهد الصينية ، حيث كانت خاضعة للحماية الفرنسية ، وترتب على انتهاء هذه الحماية ظهور عدة دول هي كمبوديا ولاوس وفيتنام والشمالية والجنوبية ، كما خضعت تونس ومراكش للحماية الفرنسية حتى سنة 1956. والجدير بالذكر إن نظام الحماية ما زال معمولا به حتى الوقت الحاضر ، إذ تخضع إدارة موناكو للحماية الفرنسية بموجب معاهدة مايو 1948وتخضع سان مارينو للحماية الإيطالية بموجب معاهدة يونيو 1898. الفرع الرابع : نظام الوصاية يقصد بنظام الوصاية ، قيام دولة أو أكثر بمساعدة إقليم معين في إدارة شؤونه الخارجية أو الداخلية أو كليهما ، أو تقديم النصح له حتى يصل إلى الدرجة التي يستطيع فيها ذلك الإقليم الاستقلال بشؤونه على نحو كامل . وإذا كان نظام الانتداب وليد الظروف السياسية التي طبعت مؤتمر الصلح سنة 1919، فإن نظام الوصاية ، ظاهرا يهدف إلى حل المشكلة الاستعمارية على النحو الذي يسهم في حفظ السلم والأمن الدوليين ويمكن الشعوب من تقدير مصيرها . فحينما نشأت الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، كان هناك عدد من الأقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي ، وكان من بين أهداف تلك الهيئة محاولة مساعدة تلك الأقاليم على النهوض والتقدم على نحو يمكن معه تقرير مصيرها بنفسها والوصول إلى حد تستطيع معه الاستقلال بشؤونها وحكم نفسها ، من هنا أنشأت الأمم المتحدة نظاما أطلقت عليه نظام الوصاية لتحقيق الأهداف سالفة الذكر . وحددت المادة ( 77) من ميثاق الأمم المتحدة الأقاليم المشمولة بنظام الوصاية وهي :
والجدير بالذكر إن حدود الوصاية ، وسلطت الدولة التي تتولى الوصاية، يتم تحديدها بموجب اتفاقيات تبرم بين الدولة التي تتولى الوصاية والأمم المتحدة ن ومن ثم فإن هذه الحدود والصلاحيات تختلف من اتفاق لأخر ومن حالة لأخرى . ولابد من الإشارة إلى أن مآل هذا النظام الزوال بعد ان أصدرت الأمم المتحدة في 14ديسمبر 1960، إعلانا دعت فيه إلى ضرورة وضع نهاية سريعة وغير مشروطة للاستعمار بجميع صوره وأشكاله ، ولم يعد لهذا النظام وجود منذ سنة 1977إلا في إقليم واحد بعد أن خضع لهذا النظام إحدى عشرة دولة وهذا الإقليم هو المحيط الهادئ الذي تولت أدارته الولايات المتحدة تحت أشراف مجلس الأمن بموجب اتفاق وصاية عقد بينهما عام 1947. الكاتب: nibal بتاريخ: الثلاثاء 18-12-2012 07:56 مساء الزوار: 35327 التعليقات: 0
|