||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :14
من الضيوف : 14
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35459816
عدد الزيارات اليوم : 10156
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
الحكومه

للحكومة عدة معان ، ويحكم تحديد معنى الحكومة ، معيارين ، هما المعيار الموضوعي والعضوي .

والحكومة وفق المعيار العضوي ، قد يقصد بها مجموع الهيئات العليا المسئولة عن تيسير شؤون الدولة ، والحكومة بهذا المعنى تضم السلطة التشريعية التي تختص بسن القوانين والسلطة التنفيذية التي تتولى إصدار الأنظمة و التعليمات ، والسلطة القضائية التي تختص بالفصل بالمنازعات .

وقد ينصرف معنى الحكومة وفق المعيار العضوي إلى السلطة التنفيذية ( رئيس الدولة و الوزراء وموظفي الإدارات العامة )، واستعمال تعبير الحكومة بهذا المعنى شائعا للصلة الوثيقة بين السلطة التنفيذية والمواطن ، فأوامر السلطة ونواهيها إنما يبلغ بها الأفراد عن طريق هذه السلطة ، وهي التي تباشر وسائل الإكراه المادي في مواجهتهم فيحسبها الناس الهيئة الحاكمة الوحيدة دون السلطتين التشريعية والقضائية .

وأخيرا  يقصد بالحكومة وفقا لهذا المعيار ( المعيار العضوي) الوزارة ، أي رئيس الوزراء والوزراء ، وهذا المعنى شائع في البلدان التي تأخذ بالنظام البرلماني ، فيقال الحكومة البريطانية والحكومة الألمانية والحكومة الهندية والحكومة التركية و الحكومة العراقية .

أما الحكومة وفق المعيار الموضوعي ، فيقصد بها وسائل إسناد السلطة وكيفية ممارستها وهي بهذا المعنى تقسم إلى عدة أقسام ، فمن حيث طريقة اختيار رئيس الدولة تقسم إلى حكومة ملكية وجمهورية ، ومن حيث الخضوع للقانون تقسم إلى حكومة قانونية واستبدادية ، ومن حيث مصدر السيادة والسلطة تقسم إلى حكومة فردية وأرستقراطية وديمقراطية .

المبحث الأول : الحكومة من حيث مصدر السيادة والسلطة الحكومة الفردية والأرستقراطية والديمقراطية .

تقسم الحكومات من حيث السيادة والسلطة ، إلى حكومة فردية ( مونقراطية ) وديمقراطية وحكومة أقلية ( ارستقراطية ) .

المطلب الأول : الحكومة الفردية ( المونقراطية ) .

إن مصطلح مونقراطية ، هو مصطلح يوناني يتكون من مقطعين هما (Monos) وتعني واحد (kratos) وتعني حكم ، أي حكم الفرد الواحد وفي هذا النظام تتركز السلطة بيد شخص واحد أو حاكم واحد مهما اختلفت ألقابه.

ونظام الحكم الفردي أو المونقراطية ، يمكن أن نجد له تطبيقا في الأنظمة الملكية والجمهورية وعلى حد سواء ، ويوصف النظام الملكي في هذه الحالة ب ( الملكية المطلقة ) وينقسم النظام الملكي بدوره إلى قسمين هما الملكية المطلقة الاستبدادية وتوصف الملكية المطلقة بهذا الوصف حينما لا يخضع الملك لحكم القانون ، والملكية القانونية ، وتوصف الملكية المطلقة بهذا الوصف حينما يجمع الملك بين يديه كافة السلطات إلا أنه يخضع لحكم القانون ويتقيد بأحكامه.

وفي النظام الجمهوري ، يجري وصف الرئيس الذي يجمع كافة الصلاحيات بين يديه بالدكتاتور وفي هذا النظام لا يتولى الرئيس الحكم عن طريق الوراثة ولكن بالقوة غالبا من خلال الانقلابات العسكرية .

ويذهب جانب من الفقه إلى أن الحكم يبقى محتفظا بوصف الفردية وإن كان الحاكم محاطا بالمساعدين والمستشارين ، طالما أن هؤلاء المساعدين والمستشارين ليس لهم دور حقيقي في إدارة وتسيير شؤون البلاد .

وتقسم الفردية ( المونقراطية ) إلى قديمة وحديثة وتتمثل الأولى بالملكية المطلقة والدكتاتورية والاستبدادية ، أما الثانية فتتمثل كالفاشية في إيطاليا بزعامة موسليني بين عامي 1921-1939 والنازية في ألمانيا بين عامين 1933- 1945، والأنظمة العسكرية التي غزت بلدان العالم الثالث في أعقاب نيلها  الاستقلال .

المطلب الثاني : حكومة الأقلية ( الأرستقراطية )

إن مصطلح الأرستقراطية ، هو مصطلح يوناني يتكون من مقطعين هما ( Aristos) وتعني أصلح و (Kratos) وتعني سلطة وهي بذلك تعني حكم أصلح الناس أو حكم خيرة القوم .

أما المصطلح (Oligarchies) فهو الأخر مصطلح يوناني يتكون من مقطعين هما (Oligos) وتعني قليل و (Archie) وتعني حكم أو أمر ، ويجمع المصطلحين فأنه يعني حكم الفئة القليلة وفي هذا النوع من الأنظمة تتركز السلطة بيد فئة قليلة من الأفراد.

والحكم الفردي هذا يفترض وضع السلطة بيد أفضل الأشخاص وأحسنهم ، تجسيدا للفكرة القائلة بالقانون الطبيعي أو المكتسب والمقسم بشكل مشترك بين عدد محدد من الرجال والعوائل .

وحكم الأقلية يمثل مرحلة وسط بين الحكم الفردي والديمقراطي ، وهو مرحلة انتقالية تمهد السبيل لنقل السلطة من يد الحاكم المستبد بها إلى الشعب وخير مثال على ذلك التجربة الإنجليزية ، فبعد أن كانت السلطة مركزة بيد الملك في ظل الملكية المطلقة ، جرى توزيعها بعد ذلك بين الملك ( الحاكم الفرد ) والبرلمان ( حكم الأقلية ) ( النخبة – الطبقة الأرستقراطية ) بمجلس ( الوردات – العموم ) حيث كان مجلس اللوردات ورجال الدين أما مجلس العموم فكان حتى سنة 1832 منتخبا على أساس أرستقراطي إذ كان يشترط في الناخب نصاب مالي معين مما جعل الانتخاب مقصورا على فئة قليلة .

وبمرور الزمن تضاءلت سلطة الملك حتى غدا مجرد سلطة شكلية بروتوكولية ليس لها دور يذكر في الواقع العلمي، كما تضاءلت صلاحيات مجلس اللوردات وانتقلت إلى مجلس العموم ، الذي أصبح يمثل جمهور الناخبين وغالبية الشعب بعد إلغاء شرط النصاب المالي والأخذ بمبدأ الاقتراع العام .

وهكذا يبدو جليا كيف انتقلت السلطة في بريطانيا من الملك ( الحكم الفردي) إلى النخبة ( الحكم الأرستقراطي) ثم إلى الشعب ممثلا في مجلس العموم ( الحكم الديمقراطي ) .

 

المطلب الثالث : الحكومة الديمقراطية

أن أصل اصطلاح الديمقراطية مشتق من مصطلحين يونانيين هما (Demos) وتعني الشعب (Kratos) وتعني حكم أو سلطة ومن جمع المصطلحين معا، فإن مصطلح الديمقراطية يعني سلطة الشعب أو حكم الشعب فحكومة الشعب أو الحكومة الديمقراطية هي الحكومة التي يجري مباشرة السلطة فيها عن طريق الشعب أو غالبيته ، إذ يعد الأخير صاحب السيادة الحقيقية وله دون غيره ممارسة السلطة في الدولة .

ويذهب رأي في الفقه إلى أن مبدأ الديمقراطية يعد متحققا من حيث الواقع بمجرد الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات باعتبار أن ذلك يمنع تركيز السلطة في يد هيئة واحدة ، ويذهب رأي أخر إلى ضرورة التفريق في الحيز الجغرافي الذي يجري تطبيق الديمقراطية فيه ، ويقسم هذا الاتجاه الديمقراطية إلى ديمقراطية شرقية وغربية ونرى أن هذا الرأي يجانب الحقيقة ويخرج الديمقراطية عن معناها الحقيقي فالديمقراطية لها مفهوم واحد لا يختلف باختلاف الزمان والمكان فهي تعني حكم الشعب أو الأخذ بمبدأ السيادة الشعبية ، أي أن يكون الشعب مصدر السيادة والسلطة .

والجدير بالذكر أن مفهوم الديمقراطية ليس حكرا على نظام دستوري معين ، فمثلما يتحقق هذا المفهوم في النظام البرلماني ، يتحقق أيضا في النظام الرئاسي والمجلسي والمختلط.

ورغم المزايا التي يتمتع بها النظام الديمقراطي إلا أن خصومه وجهوا له سهام النقد بقصد النيل منه، ومن بين الانتقادات التي وجهت لهذا النظام : -

  1. إن الديمقراطية حكم الأقلية أو على الأقل هي ليست حكم مجموع الشعب أو غالبيته ، باعتبار أن من يختص بتسيير الأمور داخل الأغلبية أقلية ضئيلة .

ونرى أن هذا النقد غير مقبول ، كونه يغفل حقيقة مسلم بها ، هي استحالة ممارسة سائر الأفراد للسلطة لازدياد عدد السكان في كافة الدول ، حتى أن بعض الدول قد تجاوز عدد سكانها الميار وربع المليار ، هذا إضافة إلى اتساع حجم المهام التي تضطلع بها الدولة بفعل انتشار الأفكار الاشتراكية والأخذ بمبدأ الدولة التدخلية ، وربما كان الأهم من ذلك إن القائلين بهذا النقد يغفلون اعتبارات السرية الواجب مراعاتها في إدارة شؤون الدولة .

  1. أنها تؤدي إلى عدم تحديد المسؤولية ، حيث يلقي الناخب المسؤولية على النائب الذي يلقيها بدوره على البرلمان ( ممثل الشعب ) وبالتالي فأن هذه الحلقة المفرغة سوف تنتهي إلى ضياع المسؤولية .

ونرى أن هذا النقد لا محل لإيراده ، لأن المسؤولية سوف تتحدد بأعضاء البرلمان وكثيرا ما يجري حل البرلمان في البلدان التي تأخذ بالنظام البرلماني لثبوت تقصير أعضائه في أداء واجباتهم النيابية .

  1. إذا كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب ، فإنها قد تؤدي إلى الفوضى والإضراب إذ لم تصل كافة الشعوب إلى درجة من التطور يمكن معها أن تحكم نفسها بنفسها ، وإذا وصلت بعضها إلى درجة فإن من وصل منها صفوة أو فئة معينة وليس مجموع الأفراد.

إن القائلين بهذا النقد يفترضون إن الديمقراطية يتحدد معناها بالديمقراطية المباشرة  تحديدا ويغفلون أن للديمقراطية صور أخرى هي الديمقراطية النيابية وشبه المباشرة .

  1. يذهب أنصار الديمقراطية ، إلى أن الديمقراطية الحقيقة ، هي التي تقوم على التعددية الحزبية ، باعتبارها الضمانة الحقيقة لرقابة الحكومة ومنع استبدادها والوسيلة الفعالة لتعبير الشعب عن رأيه وإذا كانت التعددية الحزبية شرط لا غنى عنه لقيام الديمقراطية الحقيقية عند أنصارها فأن خصومها يرون فيها أنها مأخذ كبير على الديمقراطية ، على أساس أنها ( التعديدية الحزبية ) تخلق الفرقة وتزرع الشقاق بين أفراد الشعب حيث يسعى كل حزب لكسب تأييد أكبر عدد من الأفراد ولو بطرق غير مشروعة لضمان وصوله إلى سدة الحكم .

ونرى أن هذا الرأي غير مقبول ، فقد تناوب على السلطة في بريطانيا منذ أوائل القرن العشرين حتى الآن حزبي العمال والمحافظين ، وتناوب على السلطة في الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر حتى الآن الحزب الجمهوري والديمقراطي ن ولم يذكر التاريخ الدستوري في بريطانيا والولايات المتحدة أن الحزبين الرئيسين كانا سببا لفرقت الشعب الانجليزي أو الأمريكي .

  1. يرى خصوم الديمقراطية ، أنه نظام غير مستقر فهو لا يصلح إلا إذا كانت الدولة تعيش في ظل ظروف عادية ، وهي لا تصلح نظاما للحكم إذا كانت الدولة تعيش في ظل ظروف استثنائية ، حيث يستوجب حماية امن الدولة تركيز كافة أو غالبية الصلاحيات في يد القائمين على رأس السلطة أو العسكريين منهم.

وفي رأينا إن هذا النقد مرفوض من أساسه ، لأن تقييم نظام معين لابد أن يجري في ظل ظروف اعتيادية لا استثنائية ، فالأصل إن تعيش الدولة في ظل ظروف اعتيادية ، والاستثناء مرورها بظروف استثنائية ن هذا إضافة إلى أن سائر الدول قد تمر بظروف استثنائية بغض النظر الحكم الذي تتبعه وتلجئها هذه الظروف إلى تركيز كافة الصلاحيات أو غالبيتها في يد هيئة واحدة أو شخص واحد .

المبحث الثاني : الحكومة من حيث الخضوع للقانون الحكومة القانونية والاستبدادية .

تقسم الحكومات من حيث خضوعها للقانون إلى :-

المطلب الأول : الحكومة القانونية .

الحكومة القانونية ، هي الحكومة التي يخضع فيه الحكام للقوانين والأنظمة النافذة ، وفيها تتقيد الدولة بما تتخذه من قرارات وإجراءات وتصرفات بحكم القانون ، ويذهب جانب من الفقه الألماني إلى أن خضوع الحكومة للقانون يتنافى مع  فكرة السيادة ، لكن هذا الرأي غير مقبول إذ أن خضوع الحكومة للقانون لا ينتقص من سيادتها ، كونها هي التي تضع القوانين وتلتزم بها بمحض إرادتها ، وليس هناك من يفرض عليها هذا الالتزام .

والالتزام بأحكام القانون أمر مفروض في الدولة القانونية على سلطات الدولة الثلاث ( التشريعية – التنفيذية – القضائية ) فالسلطة التشريعية ملزمة في التشريعات التي تصدرها بالمبادئ العامة الواردة في الدستور ، وبغير ذلك تعد تشريعاتها غير دستورية .

وتلتزم السلطة التنفيذية عند وضعها الأنظمة والتعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ القانون بمراعاة المبادئ الوارد في الدستور والتشريعات النافذة .

أما السلطة القضائية ، فهي مقيدة في أحكامها بالتشريعات النافذة وليس لها القضاء بموجب تشريع ملغى أو غير نافذ أو قضي بعدم دستوريته ، وهي في كل ذلك محكومة باختصاصها الموضوعي والمكاني ، كما أنها ملزمة بمراعاة مبدأ التدريج القضائي إذ تلتزم المحاكم الأدنى درجة بأحكام وقرارات المحاكم الأعلى درجة .

والحكومة القانونية قد تكون حكومة مقيدة ، تتوزع فيها السلطات بين جهات متعددة تتبادل بينها الرقابة وقد تكون حكومة مطلقة تتركز فيها السلطات بيد شخص أو هيئة واحدة مع خضوعها للقانون .

وضمانا لتحقيق مفهوم الدولة القانونية لا بد من اقتران مخالفة القانون بجزاء رادع يقع على من يرتكبها ، مع الأخذ بمبدأ الرقابة القضائية والسياسية على دستورية القوانين ، ولكن تحقق الرقابة أهدافها ، خولت هذه الصلاحية إلى المحكمة العليا ، ومن الدول من أفردت محاكم خاصة لممارسة هذه الرقابة ، كما في ألمانيا ومصر اللتان خولتا هذه الرقابة للمحكمة الدستورية

وخضوع الدولة القانونية بجميع سلطاتها وهيئاتها  لحكم القانون لا يعني بحال من الأحوال حظر تعديل أو إلغاء القانون إذا أضحى التعديل والإلغاء أمر لا غنى عنه لمسايرة المستجدات والمبادئ الديمقراطية والتقدم العلمي .

المطلب الثاني : الحكومة الاستبدادية

الحكومة الاستبدادية ، هي الحكومة التي لا تخضع فيها الحكام للقانون ، إذ أن إرادة الحاكم هي القانون الذي يجب أن يلتزم به الجميع دون أن يتقيد هو به .

وفي ظل هذا النظام يعصف الحاكم بحقوق الأفراد وحرياتهم ، فلا يقيم لها وزنا ، وهو لا يبغي من وراء ممارسته السلطة إلا تحقيق مصلحته الخاصة  وإيثارها على مصلحة الجماعة .

وكانت الحكومات الاستبدادية هي الطابع المميز للنظم الملكية القديمة ، ومن الكتاب والفلاسفة الفرنسيين من برر هذا الاستبداد بدعوى أن الملك وهو مصدر القوانين له أن يأمر وينهي دون أن يلتزم بقاعدة معينة، وهناك من زعم لهم بحق التفويض الإلهي ، وأن الحاكم أو الملك هو ظل الله في الأرض وأنه يحكم بمشيئة إلهية حتى وصل الأمر بأحد ملوك فرنسا حدا قال فيه قولته المشهورة ( أنا الدولة والدولة أنا ) .

إلا أن الكثير من الفلاسفة والمفكرين الفرنسيين قاوموا هذا الاتجاه الذي يبرر الاستبداد حتى قامت الثورة الفرنسية سنه 1789، فأطاحت بالملكية المستبدة وأشرق العهد الجديد بنظام سياسي يقوم على احترام الأفراد وحريتهم بل إن هذا النظام أصبح نبراسا الدرب لغيره من الشعوب.

ويميز جانب من فقه القانون الدستوري بين الدولة البوليسية والاستبدادية، إذ يرى أن الدولة البوليسية تشترك مع الدولة الاستبدادية في عدم التزام الحكام في ممارستهم السلطة بأحكام القانون ، إلا أن ما يمز الاثنين إن الدولة البوليسية ترمي من وراء خروجها على القانون تحقيق المصالح العام للأمة أما الدولة الاستبدادية فإنها تستهدف من وراء ذلك ( خروج عن القانون ) تحقيق مصالح شخصية .

على ذلك أن الحاكم في الحكومة البوليسية غير مقيد من حيث الوسيلة لكنه مقيد من حيث الغاية ،أما في الحكومة الاستبدادية فهو غير مقيد لا من حيث الوسيلة ولا من حيث الغاية فله أن يسلك ما يشاء من الطرق والوسائل تحقيقا لمصلحته الذاتية .

المبحث الثالث: الحكومة من حيث تركيز السلطة الحكومة المطلقة والمقيدة

تقسم الحكومات من حيث تركيز السلطة وتوزيعها إلى حكومات مطلقة ومقيدة .

المطلب الأول: الحكومة المطلقة

الحكومة المطلقة ، هي الحكومة التي تتركز فيها كل سلطات الدولة في يد شخص واحد أو هيئة واحدة ، فيجمع الحاكم أو الهيئة الواحدة ، بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية .

ولا بد من التمييز بين الحكومة المطلقة والاستبدادية ، فقد تكون الحكومة مطلقة ويجمع الحاكم بين يديه السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وبالرغم من ذلك تكون الحكومة قانونية ، كما في الحكومة الإسلامية في صدر الإسلام ، حيث كانت تجتمع السلطات الثلاث في يد الرسول والخلفاء الراشدين من بعده لكن سلطاتهم كانت مقيدة بالمبادئ الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية .

وقد تكون الحكومة المطلقة استبدادية ، فيجمع الحاكم بين يديه السلطات الثلاث دون أن يكون محكوما بالأنظمة والقوانين ومثل هذه الحكومات وجدت في الملكيات القديمة ، إذ كان الملك يجمع بين يديه كل السلطات ، وما زالت قائمة في الوقت الحاضر ممثلة بالأنظمة الشمولية والأنظمة التي يتم تولى السلطة فيها عن طريق الانقلابات العسكرية ، حيث يجمع الحاكم بين يديه كل السلطات بحجة عدم استقرار أوضاع الثورة ومرور الدولة بظروف استثنائية .

المطلب الثاني : الحكومة المقيدة

الحكومة المقيدة ، هي الحكومة التي يتم فيها توزيع السلطات بين عدة هيئات يراقب بعضها البعض ، فتختص السلطة التشريعية بسن القوانين وتتولى السلطة التنفيذية مهمة إصدار الأنظمة والتعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ القانون ، وتختص السلطة القضائية في الفصل في منازعات الأفراد والإدارة والقوانين ( الرقابة على دستورية القوانين ) .

وتعد جميع الأنظمة القائمة على مبدأ  الفصل بين السلطات ، حكومات مقيدة ، فكل ما النظام الرئاسي والبرلماني والمجلسي والمختلط بقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وإن تفاوتت في درجات هذا الفصل ، فهي تبدو أكثر وضوحا في النظام الرئيسي منه في النظام البرلماني والمجلس والمختلط.

ونرى إن الملكيات الدستورية ، مثالا للحكومات المقيدة ، إذ يخضع الملك لأحكام الدستور الذي يحدد صلاحياته ، ويوزع السلطات بين هيئات ثلاث ، ويكون الملك فيها مقيد بمجلس أو مجالس منتخبة من قبل الشعب ، من هنا درج فقهاء القانون الدستوري على تصنيف الأنظمة الملكية الدستورية ، ضمن الأنظمة الحرة باعتبار أن الملك في هذا النظام أبعد أن يتحكم أو يطغي .

المبحث الرابع: الحكومة من حيث الرئيس الأعلى للدولة الحكومة الملكية والجمهورية

تقسم الحكومات من حيث الرئيس الأعلى للدولة ، إلى حكومات ملكية وجمهورية

المطلب الأول: الحكومة الملكية

وفيها يتولى رئيس الدولة مهام عمله عن طريق الوراثة مدى الحياة أو طالما كان متمتعا بالأهلية ، بغض النظر عن التسمية التي تطلق على هذا الحاكم ، ملك ، أمير ، سلطان ، إمبراطور ، قيصر ، عاهل ، شاه ، والي .

ويعد هذا النوع من نظم الحكم هو أقدم الأشكال ظهورا وكان هو السائد في أكثر دول العالم حتى قيام الثورة الفرنسية .

وتقسم الملكيات إلى ملكيات مطلقة ودستورية وفي الأولى يجمع الملك كافة السلطات والصلاحيات بين يديه دون أن تشاركه في ذلك سلطة أخرى ،  أما في الثانية الدستورية فيمارس الشعب السلطة بواسطة هيئات ثلاث ( التشريعية – التنفيذية – القضائية ) وما الملك إلا رمز لوحدة الدولة .

وغالبا ما يتمتع الملك ببعض الامتيازات التي يطلق عليها امتيازات التاج ، إلا أن هذه الامتيازات تضاءلت بمرور الزمن بفعل انتشار المبادئ الديمقراطية في معظم الأنظمة السياسية.

المطلب الثاني : الحكومة الجمهورية

وفيها يتولى الرئيس مهام عمله عن طريق الانتخاب من قبل الشعب ، كما في الولايات المتحدة بموجب دستور الولايات المتحدة لسنة 1787 ، وروسيا الاتحادية بموجب دستور سنة 1993، وفرنسا بموجب دستور سنة 1958، أو عن طريق البرلمان كما في لبنان بموجب دستور سنة 1926، وتركيا بموجب دستور سنة 1982، والعراق بموجب عام 2005، أو أن يتم انتخاب من قبل هيئة خاصة كما في ألمانيا بموجب دستور سنة 1949حيث يجري انتخاب الرئيس من قبل المجلس الاتحادي ، والهند بموجب دستور سنة 1949، إذ ينتخب الرئيس من قبل الأعضاء المنتخبين في البرلمان الاتحادي والأعضاء المنتخبين في المجالس التشريعية للولايات .

ظهر في الآونة الأخيرة أسلوب جديد لاختيار رئيس الجمهورية ، هو الاختيار عن طريق الاستفتاء ، وبهذا الأسلوب تم اختيار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1956 والرئيس حسني مبارك سنة 1999 والرئيس الراحل حافظ الأسد سنة 1978، و1999 والرئيس جعفر نميري سنة 1977 وصدام حسين عامي 1995 و 2002، وكل هذه الاستفتاءات في الواقع كانت فرض لولاية الرئيس على الشعب ، وبالتاي فهي أبعد ما تكون عن الشريعة الدستورية .

أوجه التمييز بين الحكومة الملكية والجمهورية

أولا : من حيث كيفية اختيار الرئيس

كما ذكرنا سابقا إن الملك يتولى مهام عمله عن طريق الوراثة من الأصول ( الأب – الجد – العم ) حيث يعتبر ذلك حقا مورثا عن الأسرة، من ذلك عائلة هانوفر في إنجلترا التي أصبحت تعرف باسم (وندسور) ، ومن ذلك أيضا ما قضى به الدستور الأردني النافذ لسنة 1952، حيث نصت المادة (28) منه على أن ( عرش المملكة الأردنية الهاشمية وراثي في آسرة الملك عبد الله بن الحسين وتكون وراثة العرش في الذكور من الأولاد الظهور وفق الأحكام التالية :-

تتنقل والية الملك من صاحب العرش إلى أكبر أبنائه سنا ثم إلى اكبر أبناء ذلك الابن الأكبر ، وهكذا طبقة بعد طبقة ، وإذا توفى اكبر الأبناء قبل أن ينتقل إليه الملك ، كانت الولاية إلى أكبر أبنائه ولو كان للمتوفى أخوة، على أنه يجوز للملك أن يختار أحد إخوانه الذكور وليا العهد ، وفي هذه الحالة تنتقل ولاية الملك إلى صاحب العرش إليه ).

وقد تنتقل وراثة العرش عن طريق الأم ، ففي بريطانيا أصبح الأمير ( تشالزفيليب) وليا لعرش المملكة المتحدة عن طريق والدته الملكة ( إليزابيث).

وتجيز بعض الدساتير نقل ولاية العهد إلى الأخ ، وأن كان للملك أولاد من صلبه ومن هذه الدساتير الأردني ن حيث خول التعديل الدستوري الصادر في نيسان  1965الملك حق اختيار أحد إخوانه وليا للعهد .

أما في النظام الجمهوري فيتم اختيار الرئيس بالانتخاب ، وتتعهد وتتنوع أساليب انتخاب الرئيس ، تبعا لاختلاف الفلسفة السياسية التي يؤمن بها واضعو الدستور ، وطبيعة النظام السياسي في الدولة وعلى النحو التالي :

اختيار رئيس الجمهورية من قبل الشعب وعلى درجة واحدة :

وفقا لهذا الأسلوب يجري اختيار رئيس الجمهورية بواسطة الشعب مباشرة ، كما في الدستور الفرنسي لسنة 1958، منذ ان جرى تعديل المادة السادسة منه سنة 1962 ، حيث أصبح الرئيس ينتخب بصورة مباشرة من قبل الشعب ، وذهب بذات الاتجاه الدستور التونسي لسنة 1959، فقد نص الفصل الأربعون منه على أن ( ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس أعوام انتخابا عاما حرا مباشرا سريا عن طريق الناخبين المنصوص عليهم بالفصل العشرين ) .

 

اختيار رئيس الجمهورية من قبل الشعب على درجتين :

وبموجب هذا الأسلوب يجري اختيار الرئيس على درجتين ، إذ يختار الشعب مندوبون وهؤلاء المندوبين ينتخبون الرئيس وبهذا الأسلوب اخذ الدستور الأمريكي النافذ لسنة 1787، ويرى جانب من الفقه الأمريكي إن هذا القلة المختارة تملك المعلومات الكافية عن المرشحين بما يمكنها من التمييز بين الصالح والأصح .

اختيار رئيس الجمهورية من قبل البرلمان :

خولت بعض الدساتير البرلمان ، صلاحية اختيار رئيس الجمهورية ، ومن بين هذه الدساتير ، الدستور الفرنسي لسنة 1875 وسنة 1946، والدستور اللبناني لسنة 1926، والدستور التركي لسنة 1962 وسنة 1982، والدستور العراقي لسنة 2005.

وما يسجل على هذه الطريقة في اختيار الرئيس ، أنها تجعل الرئيس خاضعا للبرلمان ، لاسيما إذا أجاز الدستور اختياره لأكثر من فترة رئاسية ، وهو ما يجري عليه العمل في غالبية الدساتير ، فقد أجاز الدستور العراقي سنة 2005 مثلا ، اختيار الرئيس لمدتين رئاسيتين ، الأمر الذي قد يدفع الرئيس إلى اختيار سياسة ترضى البرلمان أو على الأقل عدم إتباعه سياسة تخالف السياسة التي يتبعها البرلمان رغبة في اختياره لفترة رئاسية ثانية .

اختيار رئيس الجمهورية من قبل الشعب والبرلمان .

تنبت بعض الدساتير طريقا وسطا في اختيار رئيس الجمهورية ويقضي هذا الطريق بتخويل صلاحية اختيار الرئيس للشعب والبرلمان معا ، والواقع إن تبني هذا الاتجاه كان يرمي إلى تفادي المآخذ المسجلة على اختيار الرئيس من قبل الشعب أو البرلمان على وجه الانفراد ، حيث يجعل الأسلوب الأول الرئيس مستقلا بصورة كاملة عن البرلمان الأمر الذي قد يدفعه إلى اتخاذ سياسة مخالفة لسياسة البرلمان، في حين يخضع الأسلوب الثاني لهيمنة البرلمان .

وبموجب هذا الأسلوب ( اختيار الرئيس من قبل الشعب والبرلمان) يجري ترشيح الرئيس من قبل البرلمان ، ثم يعرض هذا الترشيح على الشعب لإبداء الرأي فيه ، وتبنى هذا الأسلوب في اختيار الرئيس ، كل من الدستور السوداني والسوري لسنة 1973 والمصري لسنة 1956، والدستور الجمهوري العربية المتحدة المؤقت لسنة 1964، والدستور المصري النافذ سنه 1971، حيث نصت المادة (76) منه على أن ( يرشح مجلس الشعب رئيس الجمهورية ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه ، ويتم الترشيح في مجلس الشعب لمنصب رئيس الجمهورية بناء على اقتراح ثلث الشعب أعضائه على الأقل ، ويعرض المرشح الحاصل على أغلبية ثلثي أعضاء المجلس على المواطنين لاستفتائهم فيه فإذا لم يحصل أحد المرشحين على الأغلبية المشار إليها ، أعيد الترشيح مرة أخرى بعد يومين من تاريخ التصويت الأول ، ويعرض المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس لاستفتائهم فيه ... ).

اختيار رئيس الجمهورية من قبل هيئة خاصة :

أناطت بعض الدساتير مهمة اختيار الرئيس لهيئة خاصة، ويختلف تشكيل هذه الهيئة من دستور لأخر ، فبموجب الدستور الأسباني لسنة 1931، يجري اختيار الرئيس من قبل هيئة خاصة مؤلفة من أعضاء المجلس النيابي ومن عدد من المندوبين مساو لعدد أعضاء المجلس النيابي يجري اختيارهم بالاقتراع العام من قبل الشعب ، ومنح الدستور الألماني النافذ صلاحية اختيار الرئيس للمجلس الاتحادي المؤلف من أعضاء مجلس النواب ( البندستاج) ومن عدد مساو لهم يجري انتخابهم  وفقا لمبدأ التمثيل النسبي بواسطة المجالس النيابية للولايات .

ثانيا: من حيث مدة الولاية

يعتلي الملك العرش لمدة غير محدودة ، أو طالما كان متمتعا بالأهلية القانونية ، أما الرئيس فيجري اختياره لمدة يحددها الدستور، ومما لاشك فيه أن قصر مدة ولاية الرئيس أو طولها ، تؤثر سلبا أو إيجابا على أداء الرئيس مهما عمله فالإنسان مجبول على الولاء لما في يده ، بمقدار يتناسب وطول المدة التي يملك فيها ما يملك ، فهو يقبل إقبالا شديدا إن طالت مدته ويستخف بها إن كان ملكيته لها مؤقتة ، وينطبق هذا الأمر على مدة ولاية الرئيس ، فالرئيس إن طالت مدة ولايته كان أكثر حرصا على أداء عمله وأكثر تحسبا في اتخاذه لأي إجراء لأن نتائج عمله ربما يراها أثناء مدة ولايته ، أمامن قصرت مدة ولايته قد لا يكون حريصا على عمله أثناء مدة ولايته ولا يتحمل مسؤولياتها .

وأثارت مسألة إعادة انتخاب الرئيس خلافا فقهيا بين مؤيد ومعارض ، ولكن نرى أن جواز إعادة انتخاب الرئيس ربما يكون دافعا لبذل المزيد من الجهد رغبة في الفوز بولاية أخرى ، بل أن تحريم إعادة الانتخاب قد يدفع إلى إساءة استعمال السلطة لأن الرئيس لا يخشى على منصبه الذي سيفقده حتما بعد انتهاء مدة ولايته سواء أحسن أم أساء استخدام صلاحياته ، بل إن تحديد مدة الولاية بمدة واحدة غير قابلة للتجديد ، قد يحرم الدولة من خبرة سياسية اكتسبها الرئيس نتيجة لولايته السابقة ، كما أن تغيير الرئيس بشكل مستمر، ربما يؤدي إلى التغير المستمر في أسلوب العمل الإداري ، باعتبار أن لكل رئيس إداري أسلوبه المستقل وربما الخاص في تصريف شؤون الدولة .

وتباينت الدساتير في تحديد مدة ولاية الرئيس ، وجواز إعادة انتخابه ، فحددها الدستور الأمريكي بأربع  سنوات قابله للتجديد مرة واحدة ، وحددها الدستور الألماني بخمس سنوات قابله للتجديد مرة واحدة ، وحددها العراقي لسنة 2005 بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وحددها الدستور الهندي بخمس سنوات قابلة للتجديد بشكل مطلق ، وحددها الدستور البرازيلي والأرجنتيني بست سنوات غير قابلة للتجديد.

ثالثا: من حيث المسؤولية

من المبادئ التي جرى النص عليها في الدساتير الملكية ، عدم مسؤولية الملك والنص على أن ذات الملك مصونة لا تمس ، ومثل هذا المبدأ جاء النص عليه  في الدستور الأردني النافذ ( الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية ) والدستور المصري لسنة 1930 ( الملك مصون من كل تبعة ومسؤولية) .

ويعد هذا المبدأ في أصوله إلى القاعدة الانجليزية القائلة ب (أن الملك لا يخطئ) ومبدأ عدم مسؤولية الملك مبدأ مطلق  يمتد ليشمل المسؤولية السياسية والجنائي ، فالملك غير مسئول سياسيا عن أعماله في إدارة شؤون الحكم ، وتقع المسؤولية على عاتق الوزارة وهذا ما نصت علية صراحة المادة ( 49) من الدستور الأردني ( أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء م المسؤولية ) كما نصت المادة (95) منه على أن ( رئيس الوزراء والوزراء مسئولون أما م مدلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسية العامة للدولة ، كما أن كل وزير مسئول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته ) ومثل هذا النص ورد في الدستور المصري لسنة 1923 و 1930 ( أوامر الملك شفوية أو كتابية لا تخلي الوزراء من مسؤولياتهم ).

وعلى حد سواء مع عدم مسؤولية الملك السياسية لا يسأل الملك جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها أثناء اعتلائه العرش سواء ارتكب الجريمة أثناء قيامه بواجبات الوظيفة أو خارجها .

أما  في النظام الجمهوري ، فإن الرئيس يسأل عن بعض الأفعال المتعلقة بأعمال وظيفته وتتبع إجراءات خاصة في محاكمته ، حماية له من التهم الكيدية وعلى سبيل المثال ناط الدستور الأمريكي صلاحية اتهام الرئيس لمجلس النواب وأوكل لمجلس الشيوخ مهمة محاكمته وقصر الدستور صلاحية مجلس الشيوخ على عزل الرئيس إذا اثبت ارتكابه الجريمة .

ولا يحيل مجلس النواب الرئيس إلى المحاكمة إلا بناء على طلب اللجنة القضائية فيه ، واكتفى الدستور بالأغلبية البسيطة لصدور قرار الاتهام، وينظر مجلس الشيوخ في الدعوى المحالة إليه ، بعد أداء اليمين بالحكم حسب القانون والعدل والضمير ، وفي هذه الحالة ينعقد مجلس الشيوخ برئاسة ورئسا المحكمة العليا ، ولإدانة الرئيس لا بد من صدور القرار بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين .

ويذكر التاريخ الدستوري للولايات المتحدة ، عدة حالات جرى فيها اتهام الرئيس وكان الرئيس ( اندرو جونسون ) أول رئيس أتهم من قبل مجلس النواب وانتهى الاتهام بالبراءة .

ورفض مجلس النواب اقتراح اتهام الرئيس ( تايلر) مرتين ، قدم الأول سنة 1842 واقترح الثاني سنة 1843، كما رفض مجلس النواب سنة 1932 وسنة 1933 اتهام الرئيس ( هو فر ) وقبل اتهام الرئيس ( دي ني كسون) من قبل مجلس النواب بادر الرئيس إلى الاستقالة على أثر فضيحة ( ووتركيت ) .

وفي سنة 1998 وجه مجلس النواب الرئيس ( بل كلينتون ) تهمة الحنث باليمين وتضليل العدالة، أثر فضيحة المتدربة في البيت الأبيض ( مونيكا لوين سكي) إلا أن هذا الاتهام انتهى بإعلان مجلس الشيوخ براءة الرئيس من التهمة الموجهة إليه والجدير بالذكر إن مجلس النواب استعمل صلاحيته في الاتهام ستة عشر مرة ، سبع مرات في القرن التاسع عشر وتسع مرات خلال القرن العشرين .

وتباينت الدساتير في تقرير مسؤولية رئيس الجمهورية السياسية فبعض الدساتير أقرت حصانته من المسؤولية السياسية ، وألقت المسؤولية على الوزارة ومن بين هذه الدساتير الدستور اللبناني لسنة 1926، حيث نصت المادة (60) منه على أن (لا تبعة على رئيس الجمهورية في حال قيامه بوظيفته) وذهب بذات الاتجاه الدستوري المصري النافذ لسنة 1971 .

وبخلاف ذلك نصت بعض الدساتير على مسؤولية الرئيس السياسية ، ومن بين هذه الدساتير ، الدساتير ، الدستور الأسباني لسنة 1931، والألماني ( فايمر) لسنة 1919، والألماني الديمقراطي لسنة 1949.

وتبنت بعض الدساتير موقفا وسط في تقرير مسؤولية الرئيس السياسية ، فأوجبت إثارت مسئوليته عن أفعال محددة ، ومن بين هذه الدساتير ، الدستور الفرنسي لسنة 1958، حيث نصت المادة ( 68) منه على أن ( لا يكون رئيس الجمهورية مسئولا عن الأعمال التي تقوم بها مباشرة مهامه إلا  في حالة الخيانة العظمى، ويكون اتهامه بواسطة المجلسين بقرار موحد يصدر بتصويت علني بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتكون منهم الجلسات وتجري محاكمته أمام المحكمة القضائية العليا ).

وفي العراق يسأل الرئيس عن أخطائه السياسية ، وأناط الدستور صلاحية اتهامه لمجلس النواب بناء على طلب مسبب من قبل الأغلبية المطلقة .

الكاتب: nibal بتاريخ: الثلاثاء 18-12-2012 08:05 مساء  الزوار: 7373    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

الحسـد ثِقْلٌ لا يضعه حامله. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved