||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :22
من الضيوف : 22
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35367118
عدد الزيارات اليوم : 13658
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
نهاية الدستور

يقصد بنهاية الدستور ، إلغاء أحكامه بصورة كلية ، دون الوقوف عند حد تعديله بصورة جزئية.

والملاحظ إن غالبية الدساتير لا تنص على كيفية إلغاؤها بصورة كاملة ، وتقف عند حد النص على كيفية تعديلها بصورة جزائية والسلطة المختصة بإجراء هذا التعديل .

وبصفة عامة تنتهي الدساتير بأسلوبين أحدهما عادي والأخر استثنائي ، وتنتهي بالأسلوب الأول (إلغاء العادي) إذا كانت الأفكار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قام عليها الدستور ما زالت قائمة ومقبولة لدى الجماعة .

أما الأسلوب الثاني ( إلغاء بأسلوب استثنائي ) فلا يلجأ إليه الشعب إلا إذا كان راغبا في إحداث تغيير جذري في الأسس السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقوم عليها النظام .

المبحث الأول : الأسلوب العادي لنهاية الدستور

يقصد بالأسلوب العادي لنهاية الدستور ، إنهاء العمل بإحكامه بصورة كلية وبصفة نهائية دون اللجوء إلى العنف ، واستبداله بدستور جديد تنسجم أحكامه والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الطارئة على المجتمع .

ولا تثير نهاية الدستور المرن أشكالا أو صعوبة ، كونها تجري بذات الطريقة والأسلوب التي تم فيها وضع إلغاء القانون العادي ، فإذا كان الدستور غير مدون جرى إلغاؤه واستبداله بدستور غير مدون أخر أما عن طريق العرف أو السوابق أو السلطة التشريعية .

أما إذا كان الدستور المرن مدونا ، جرى إلغاؤه واستبداله بأخر من قبل السلطة التشريعية وبذات الإجراءات المتبعة بإلغاء التشريع ( القانون العادي) .

وفي إلغاء الدساتير الجامدة ، يجري التمييز بين حالتين ، حالة النص على كيفية إلغاء الدستور والإجراءات الواجب إتباعها في هذا الإلغاء كما في دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة لسنة 1875 وبين ان لا يجري النص على كيفية استبدال الدستور القائم بدستور جديد ، وهو ما يمثل الاتجاه الغالب في الدساتير ، الأمر الذي يثير التساؤل عما إذا كان بإمكان السلطة المختصة بإجراء التعديل الجزئي إجراء تعديل كلي على الدستور واستبداله بغيره ؟

وللإجابة على هذا التساؤل يذهب الرأي الغالب في الفقه ، إلى أنه ليس للسلطة المختصة بإجراء التعديل الجزئي إدخال تعديل كلي على  الدستور ، باعتبار إن هذه السلطة هي سلطة منشأة كسائر سلطات الدولة الأخرى ( التشريعية – التنفيذية – القضائية ) فإذا ما أقدمت على تعديل الدستور تعديلا كليا فإنها تتجاوز بذلك حدود اختصاصاتها ، كونها تحل نفسها محل السلطة التأسيسية الأصلية ، الأمر الذي يعد مخالفة دستورية من شأنها إبطال الأجراء بأسره ، فهذا الحق منوطا بالأمة وحدها في النظم الديمقراطية باعتبارها صاحبة السلطة التأسيسية الأصلية ، وهي وحدها القادرة على تحديد مدى حاجة الدستور للتعديل بصورة كليه ونموذج الدستور التي تقترحه بديلا عنه .

ولا بد من التمييز في أسلوب وضع الدستور الجديد ، الذي يحل محل الدستور الذي ألغته الأمة ، بين أن يتم وضع هذا الدستور في ظل نظام ديمقراطي وبين أن يتم وضعه في ظل نظام غير  ديمقراطي فإذا تم وضع الدستور في ظل نظام ديمقراطي فإن ذلك يتم عادة من قبل جمعية تأسيسية منتخبة ، أو عن طريق الاستفتاء أما إذا تم وضعه في ظل نظام ديمقراطي فإنه يجري عادة من قبل السلطة الحاكمة أو باتفاقها مع إرادة الأمة .

ولا يشترط أن تكون السلطة التأسيسية الأصلية التي وضعت الدستور الملغي هي ذاتها التي تضع الدستور الجديد ، فقد يجري وضع الدستور الملغي عن طريق المنحة أو العقد أو الجمعية التأسيسية ، في حين يتم وضع  لدستور الجديد عن طريق الاستفتاء الدستوري.

وإلغاء الدستور ، أما أن يتم بصورة صريحة من خلال النص في الدستور الجديد على وقف العمل بأحكام الدستور السابق ، كما في الدستور الأردني النافذ لسنة 1952 حيث نصت المادة (129/1) منه على أنه ( يلغى الدستور الأردني الصادر في 7 كانون أول سنة 1946 مع ما طرأ عليه من تعديلات ).

أو أن يستفاد هذا الإلغاء بطريق ضمني ، حينما تتعارض الأحكام والمبادئ الواردة في الدستور الجديد مع تلك المنصوص عليها في الدستور الملغى ، أو حينما يصدر دستور جديد يتناول كافة الموضوعات والمبادئ الواردة في الدستور القديم ولكن بطريقة ومعالجة جديدة ، ويوجب المشرع العمل بأحكام من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أو بعد مرور مدة معينة من تاريخ النشر .

ولا بد من الإشارة إلى أن إلغاء الدستور بصورة صريحة او ضمنية ، يفترض بقاء الشخصية الدولية للدولة واستمرارها ، ولكن قد تفنى الشخصية القانونية للدولة بفعل انضمامها لاتحاد فدرالي وفي هذه الحالة تلغى كافة دساتير الدول المنظمة للاتحاد بصورة تلقائية بفعل فناء شخصيتها القانونية ، ويتم استبدالها بدستور جديد يحكم الشخصية القانونية الجديدة ، ومثل هذا ما حدث في الولايات الأمريكية الثلاثة عشر المكونة للاتحاد الفدرالي الأمريكي ، حيث ترتب على إعلان الاتحاد الفدرالي وقف العمل بدساتير الولايات المكونة للاتحاد واستبدالها بالدستور الفدرالي النافذ لسنة 1787 ومثل هذا ما حدث أيضا في الدستور المصري لسنة 1956 والسوري لسنة 1950 حيث جرى استبدالهما بدستور الجمهورية العربية المتحدة لسنة 1958 آثر إعلان قيام الوحدة بين الدولتين .

وقد يحدث العكس بأن يتفكك الاتحاد القائم ، وتفنى شخصيته القانونية ، وينشأ نتيجة لذلك عدة كيانات ينطبق على كل منها وصف الدولة ، وفي هذه الحالة يوقف العمل بأحكام الدستور الفدرالي ويجري استبداله بدستور جديدة تحكم الأوضاع الدستورية للأشخاص الدولية الجديدة الناشئة عن تفكك الاتحاد ، كما في دستور الاتحاد السوفيتي السابق لسنة 1977 الذي ألغي آثر إعلان تفكك الاتحاد الفدرالي سنة 1991 واستبدل بدساتير جديدة بعدد الدول الناشئة عن تفكك هذا الاتحاد .

ويحصل في العمل أن يصدر دستور جديد وقبل العمل بأحكام تستجد ظروف تحول دون تطبيق كما في الدستور الفرنسي لسنة 1793 الذي لم يتم العمل بأحكامه منذ صدوره ، حتى ساد الاعتقاد لدى الرأي العام إن هذا الدستور لم يعد يمثل الفكرة القانونية السائدة في المجتمع الأمر الذي أدى إلى استبداله بدستور جديد هو سنة 1795.

المبحث الثاني : الأسلوب غير العادي ( الثوري) لنهاية الدستور

يقصد بالأسلوب غير العادي لنهاية الدساتير ، إنهاء العمل بأحكام الدستور عن طريق الثورة أو الانقلاب ، وإذا كان الأسلوب العادي لنهاية الدستور هو الطريق القانوني لإنهاء العمل بأحكامها ، فإن الثورات والانقلابات لعبت دورا كبيرا في وقف العمل بعدد لا يستهان به الدساتير وعلى سبيل المثال إن معظم الدساتير الفرنسية منذ عصر الثورة والتي بلغت خمسة عشر دستورا سقطت عن طريق الثورة والانقلاب ، ومن بينها دستور سنة 1791 ودستور السنة الثالثة والثامنة للثورة ، ودستور سنة 1814 ودستور سنة 1830 ودستور سنة 1848 ودستور سنة  1852، وبذات الأسلوب جرى إلغاء الدستور المصري لسنة 1930، والقانون الأساسي العراقي لسنة 1925 ودستور سنة 1958 ودستور لسنة 1963ودستور لسنة 1973.

ولا بد من التمييز بين الثورة والانقلاب ن حيث يبرز الاختلاف بينهما من حيث الهيئة والهدف فمن حيث الهيئة ، تقوم الثورة من قبل الشعب أم الانقلاب فيقع عادة من قبل فئة أو هيئة من الهيئات الحاكمة أو من قبل بعض القابضين على السلطة كرئيس الوزراء أو وزير الدفاع أو قادة الجيش .

ومن حيث الهدف فإن الثورة ترمي إلى إحداث تغيير في النظام السياسي للدولة ( كتغير النظام الملكي إلى جمهوري أ, تغير النظام البرلماني إلى رئاسي أو مجلسي أو بالعكس) والاجتماعي والاقتصادي ( كاستبدال النظام الاشتراكي بالنظام الرأسمالي أو بالعكس ).

أما الانقلاب فإنه يرمي إلى مجرد الاستئثار بالسلطة أو تولي فريق جديد لمقاليد الحكم بدلا عن القائمين على رأس السلطة ، ودون أن يهدف إلى إحداث تغيير في النظام السياسي أو القانوني أو الاقتصادي أو الاجتماعي ، على ذلك إن الثورة تهدف إلى تحقيق الصالح العام ، أما الانقلاب فيهدف إلى تحقيق مصالح خاصة أو شخصية تتمثل في الاستئثار بالسلطة ، ويذهب جانب من الفقه إلى أن بفعل الثورة هو وسيلة لتحقيق غاية تتمثل في إحداث تغيير في المجتمع أما الاستيلاء على السلطة بفعل الانقلاب هو هدف وغاية بحد ذاتها .

 آثر الثورة على الدستور :-

ذكرنا إن الدستور هو القانون الأعلى للدولة ، وهو الذي يحدد فلسفتها السياسية والأيديولوجية وأسس النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وأمام ذلك يثار التساؤل هل إن نجاح الثورة واستيلاء الثوار على الحكم يؤدي إلى سقوط الدستور تلقائيا أم إن مصيره يعتمد على إرادة القابضين على السلطة ؟

انقسم رأي الفقه بشأن هذه المسألة إلى ثلاث اتجاهات وعلى التفصيل التالي :-

الاتجاه الأول : عدم سقوط الدستور تلقائيا

يرى أنصار هذا الاتجاه إن نجاح الثورة لا يؤدي إلى سقوط الدستور تلقائيا ، إذ قد يكون الهدف من الثورة المحافظة على الدستور وحمايته من عبث الحكام ، وفي هذه الحالة ليس من المنطق أن يفرض على رجال الثورة إسقاط الدستور وهم ما قاموا بالثورة إلا دفاعا عنه .

( الدستور) ولصيانته من التلاعب ، وقد يكون قادة الثورة بحاجة للعمل بأحكام الدستور النافذ لحين استبداله بأخر .

ويذهب القائلين بهذا الرأي ، إلى أن الإعلان عن سقوط الدستور يضع الأمور في نصابها الصحيح ويبرز أهداف الثورة وما يرمي إليه قادتها ، والقول بأن هذا الإعلان مقرر لحالة حدثت غداة الثورة وليس منشأ لوضع جديد قول محل نظر والتمسك به غير منتج ، ويدعم أنصار هذا الاتجاه رأيهم بأحداث ثورة 23 يوليو 1952، حيث لم تؤد هذه الثورة إلى سقوط دستور سنة 1923 تلقائيا بل استمر العمل بأحكام إلى 10 ديسمبر 1952 حيث اصدر القائد العام للقوات المسلحة باعتباره قادا للثورة أعلانا دستوريا بسقوط الدستور ، ومثل هذا ما حدث في العراق في أعقاب ثورة 14 تموز 1958 حيث استمر العمل بأحكام القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 حتى أعلن قادة الثورة في 27 تموز 1958 وقف العمل بأحكام القانون الأساسي .

الاتجاه الثاني : سقوط الدستور تلقائيا

يذهب الرأي الغالب في الفقه ، إلى أن نجاح الثورة يؤدي إلى سقوط الدستور تلقائيا ، لأن الغاية من الانقضاض على نظام الحكم وتقويض أسسه السياسية والاقتصادية والاجتماعية واستبدالها بغيرها .

وقد ينص الدستور الجديد الذي يتم سنه في أعقاب قيام الثورة على وقف العمل بأحكام الدستور القديم ومثل بهذا النص لا يعد منشئا لوضع قانوني جديد ، وإنما هو مقرر وكاشف لوضع قانوني نشأ بمجرد نجاح الثورة .

وانقسم أنصار هذا الاتجاه على أنفسهم في بيان الأسس القانوني لمذهبهم ن فالاتجاه القديم بني رأيه على أساس نظرية العقد الاجتماعي الذي يجسدها الدستور ، والثورة ما هي إلى تعبير عن رفض الأفراد لما التزموا به وتنازلوا عنه بمقتضى الدستور ، أما الاتجاه الحديث فيفسر السقوط التلقائي للدستور بناء على نظرية سيادة الأمة ، فالأمة هي التي ارتضت الدستور ميثاقا لها لتبين من خلاله كيفية ممارسة السلطة ، وهي حين تسحب هذا الرضى تعبر عن عدم ارتياحها للدستور ومقاومتها له .

الاتجاه الثالث : سقوط النصوص المتعلقة بنظام الحكم فقط

يذهب الرأي الثالث في الفقه ، إلى أن الثورة تؤدي سقوط النصوص المتعلقة بنظام الحكم فقط دون نصوص الدستور الأخرى ، لأن الثورة لا تقوم عادة إلا للقضاء على النظام السياسي فقط وما دونها من نصوص يبقى ساري المفعول ويترتب على ذلك إن الدستور لا يسقط النصوص التالية :-

  1. النصوص المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم ، فحقوق الأفراد وحرياتهم وإن كانت تتعلق إلى حد ما بالنظام السياسي للدولة وتتأثر به ، إلا أنها تكون في مجموعها ما يسمى بالدستور الاجتماعي للأمة الذي لا يتغير بتغير النظام السياسي في الدولة ، هذا إضافة إلى أن هذه الحقوق استقرت في الضمير الإنساني وأصبحت واجبة الاحترام والتقديس وغدت أسمى من النص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذان جرى اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966، وبذلك أصبحت مقررة بموجب نصوص وضعية دولية تجعلها أسمى من الدساتير وغير مرتبط به وجودا وعدما .

ألا أن هذا الرأي لم يلق التأييد من بعض الفقه باعتبار إن الثورة ترمي إلى أحداث تغيير شامل في الأسس السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي تقوم عليها الدولة ، كما تعمل على إحلال مفاهيم جديدة لحقوق الأفراد وحرياتهم محل المفاهيم القديمة ، من هنا لا مناص من القول بسقوط الأحكام والقواعد المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم وإحلال أخرى محلها .

  1. النصوص الدستورية الشكلية ، وهذه النصوص لا تختلف من حيث الموضوع عن النصوص الواردة في القوانين العادية ، وهي لا تمت بصلة للدستور سوى النص عليها في صلب هذه الوثيقة لإكسابها مزيد من القدسية والثبات ، من هنا فإن هذه النصوص لا تسقط بسقوط الدستور ولكن تنزع عنها الصفة الدستورية وتغدو مجرد نصوص دستورية عادية كسائر القواعد القانونية الأخرى ، من هذه النصوص المادة (75) من دستور سنة 1814 الفرنسي التي كانت تقضي بعدم جواز مساءلة موظفي الحكومة مدنيا عن أعمالهم التي تتصل بوظائفهم إلا بعد استئذان مجلس الدولة ، واستمر العمل بهذا النص بوصفه قاعدة قانونية عادية حتى ألغي بمقتضى مرسوم 19 سبتمبر سنة 1870، ومن ذلك أيضا المادة (5) من دستور سنة 1848 التي كانت تقضي بإلغاء عقوبة الإعدام في الجرائم السياسية ، وما زال العمل ساريا بهذا النص بالرغم من سقوط دستور سنة 1848 بانقلاب لويس نابليون سنة 1851 ولكن باعتباره قاعدة قانونية عادية .

وبالرغم من الرواج الذي لاقته فكرة سحب الصفة الدستورية عن القواعد الشكلية بمجرد سقوط الدستور ، إلا أنها تعرضت للعديد من الانتقادات :

أ‌-       ليس من اليسير التمييز بين النصوص الدستورية كونها ذا طبيعة شكلية أو موضوعية وكثيرا ما يقع الخلاف في تحديد طبيعتها .

ب‌-  إن فكرة سحب الصفة الدستورية عن النصوص الشكلية فكرة يمكن قبولها ، في حالة سقوط الدستور بقرار صريح فور نجاح الثورة ، ولكن هذه الفكرة لا يمكن قبولها إذا لم  يتم إلغاء الدستور بصورة صريحة إلا بعد فتره من قيام الثورة ونجاحها إذ لا يمكن أن يستثني قرار الإلقاء الصريح للدستور ، بصورة ضمنية بعض النصوص ، فالإلغاء الصريح يعني إلغاء جميع النصوص دون تميز بين نص وأخر .

ونرى إن ما قال به أنصار الاتجاه الثاني أقرب الآراء إلى الواقع ، لأن الغاية من الثورة إحداث تغيير شامل في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة ، ومثل هذا التغيير لا يمكن إحداثه إلا إذا تم إنهاء الأساس القانوني الذي يحكمها ، من هنا نرى من أصحاب الاتجاه الثاني أن الدستور يسقط تلقائيا بمجرد نجاح الثورة ، مع ضرورة التمييز بين الإدارة الضمنية والصريحة للقائمين على الثورة ، فأرادتهم الضمنية تنصرف دائما إلى إلغاء الدستور القائم وإحلال دستور أخر ملحه يحدد الأسس الجديدة للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي أما الإرادة الصريحة لهم قد لا يجري الكشف عنها حال قيام الثورة ملاحقة القائمين على رأس السلطة التي تم إسقاطها بفعل الثورة .

أثر الثورة على القوانين العادية .

يجمع الفقه العربي ، على أنه ليس للثورة أثر على القوانين العادية ، كالقانون المدني والتجاري والجنائي وغيرها من القوانين الأخرى ، حيث تبقى هذه القوانين سارية المفعول ما لم يتم إلغاؤها بنص صريح أو ضمني .

وعلة بقاء القوانين العادية وعدم تأثرها بالثورة ، يرجع إلى كونها لا تتعلق بالنظام السياسي للدولة كما أن الثورة ليست موجهة إليها ، هذا إضافة إلى أن بقاؤها يعد نتيجة منطقية بفعل استمرار الدولة رغم تغير نظام الحكم فيها .

من هنا أن تشريعات العديد من الدولة ما زالت سارية المفعول بالرغم من قيام الثورة فيها ، من ذلك مجموعة نابليون التي ما زالت سارية المفعول في فرنسا بالرغم من سقوط العديد من الدساتير فيها بفعل الثورات ومن ذلك ايضا بعض القوانين العراقية ومن بينها القانون المدني العراقي الذي ما زال ساري المفعول بالرغم من قيام ثورتي 14 تموز و17 تموز 1968.

الكاتب: nibal بتاريخ: الثلاثاء 18-12-2012 08:29 مساء  الزوار: 23235    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

ظلُّ السلطَانِ سَريـعُ الزَوَالِ. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved