||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :14
من الضيوف : 14
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35235433
عدد الزيارات اليوم : 6997
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
رسالة مفتوحة إلى نقابة المحامين بقلم د. معتز قفيشة

الدكتور المحامي معتز قفيشة عميد كلية الحقوق، جامعة الخليل، فلسطين 25 آذار/ مارس 2014


 


 

 عدد المحامين المتدربين آخذ في الازدياد ونوعية التدريب تتفاوت بين محام متدرب وآخر بحسب المحامي المدرب ومدى جدية المتدرب والتزامه وتفرغه الفعلي ووضعه المالي. لكن لا شك أن سنتي التدريب على المحاماة هي من أصعب الفترات التي يمر بها المحامي (أو المحامية) المتدرب؛ كما تشكل عبأ على المتدرب وعلى أهله، كون التدريب لا يدر على المتدرب دخلا عادة. وبالرغم من أن نقابة المحامين قد قامت بخطوات للتأكد من مستوى المتدربين (امتحان القبول للتدريب، بحث التأهل للانتساب للنقابة، امتحان النقابة النهائي)، إلا أن هذه الإجراءات في كثير من الأحيان جاءت شكلية وليست كافية للتأكد من المستوى المطلوب لممارسة المهنة بشكل يليق بعظمتها ومسؤولياتها. كما أن مشكلة الفترة الزمنية الطويلة والمملة التي يقضيها المتدرب لم يتم تغييرها أو تطويرها، باستثناء بعض المحاضرات التي يحضرها المحامون المتدربون. هذا الوضع يفرض علينا التفكير بحلول متناسبة مع واقعنا للخروج من هذا المأزق. أحد المقترحات التي يمكن أن تقدم في هذا الشأن هو إنشاء معهد المحاماة لتدريب المحامين. هذا المعهد، الذي قد يكون شبيها بالمعهد القضائي الفلسطيني، تتم إدارته والإشراف عليه من خلال النقابة بالتعاون مع كليات الحقوق الفلسطينية. أي أننا لا نحتاج إلى بناية تسمى المعهد القضائي. المعهد القضائي المقترح قد يكون عبارة عن برنامج تدريب عملي تضعه نقابة المحامين لينفذ من خلال كليات الحقوق. أقترح أن يكون برنامج التدريب لمدة سنة واحدة يجتاز فيها المحامي المتدرب ثلاثين ساعة معتمدة على شكل جلسات تدريبية عملية وجلسات في المحاكم. أتناول هنا باختصار برنامج المعهد (أو دبلوم المحاماة) ومحتواه التدريبي وطريقة إدارته ورسومه والشهادة التي يحصل عليها المتدرب في النهاية وكيف يؤهل لممارسة مهنة المحاماة. يشكل البرنامج محاكاة لبرامج الدبلوم العالي أو الدبلوم المهني الذي يمنح في كثير من جامعات العالم. لكنه سيكون برنامج عملي، ليس أكاديمي. يتضمن البرنامج مجموعة من المواضيع العملية مثل أصول المحاكمات المدنية، الإجراءات الجزائية، البينات، التنفيذ، الصياغة القانونية، أخلاقيات مهنة المحاماة، قانون وأنظمة نقابة المحامين، الاستشارات القانونية، محاكمات صورية، تطبيقات قضائية محلية ودولية في مواضيع مختارة. لا يجوز أن يدرب في المعهد أساتذة جامعات. بل يجب أن يكون المدربون ذوي خبرة عملية فنية يتم تحديد نوعيتها ومدتها من خلال النقابة، كالقضاة والمحامين المزاولين والمستشارين القانونيين والخبراء الدوليين وموظفي المحاكم ووكلاء النيابة وغيرهم من المشتغلين بالشأن القانوني والقضائي. وفي نهاية السنة التدريبية يقدم المحامي المتدرب امتحانا شاملا في كل المواضيع القانونية ويحصل، في حالة النجاح، على دبلوم عال في مهنة المحاماة. هذا الدبلوم العالي نفسه يعتبر إجازة المحاماة التي توقع من قبل الجامعة التي تخرج منها المحامي ومن قبل مدير معهد المحاماة أو من نقيب المحامين. يساهم هذا البرنامج في توحيد طرق تدريب المحاماة وفي التأكد من أن جميع المحامين الفلسطينيين لديهم حد أدنى موحد من الخبرة والمعرفة بالقانون الفلسطيني والالتزام الأخلاقي. بالنسبة لخريجي الحقوق من الجامعات الفلسطينية، سيكون برنامج دبلوم المحاماة هو السنة الخامسة المكملة لدرجة البكالوريوس. يمنح الخريج هنا شهادتين: شهادة بكالوريوس في الحقوق وشهادة دبلوم في المحاماة. أما بالنسبة للخريجين من جامعات غير فلسطينية، فهم يلتحقون ببرنامج دبلوم المحاماة في إحدى الجامعات الفلسطينية التي تقدم هذا البرنامج؛ وهنا نضمن معرفة خريجي الدول الأخرى بالقانون الفلسطيني من خلال التدريب والامتحان الشامل. هذه الطريقة تم تبنيها بالفعل في مدرسة الحقوق الفلسطينية التي تم إنشاؤها في القدس عام 1920 من خلال حكومة فلسطين تحت الحكم البريطاني، بهدف التأكد من أن جميع ممارسي مهنة المحاماة لديهم خبرة ومعرفة بالقانون المطبق في فلسطين وقتئذ (ولأسباب أخرى ليس هنا مكان سردها). بالنسبة لخريجي كليات الحقوق غير الراغبين في ممارسة مهنة المحاماة، فهم لن يلتحقوا بالدبلوم وإنما يمكنهم العمل في أي مهنة أخرى مثل القضاء، موظفي محاكم، مستشارين قانونيين، باحثين في مؤسسات أمنية أو مدنية أو دولية أو في القطاع الخاص أو في التدريس الجامعي. يستفيد الجميع من هذا المعهد. ففائدة المتدربين واضحة. أما نقابة المحامين فهي تستطيع فرض رسوم على الساعات المعتمدة للالتحاق بالبرنامج وعلى تقديم الامتحان الشامل. يمكن اقتسام الرسوم بين النقابة والجامعات. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يفرض رسم مقداره 100 دينار أردني على الساعة المعتمدة، ويتم تقاسم هذا الرسم مناصفة بين النقابة وكل جامعة من الجامعات التي تنفذ البرنامج. فلو فرضنا أنه سيكون لدينا كل عام 600 متقدم للتدريب (وهذا يتناسب تقريبا مع العدد الحالي لطلبة الحقوق في الجامعات الفلسطينية البالغ حوالي 3000 طالب وطالبة)، فستحصل النقابة على أكثر من مليون دينار أردني سنويا: 50 دينار x 300 متدرب x 36 ساعة (وهي 30 ساعة معتمدة وست ساعات للامتحان الشامل الذي يمكن أن يقدم عدة مرات في حالة الرسوب بعد دفع الرسوم). هذا يساهم بدوره في تقوية النقابة واستقلاليتها. أما بالنسبة للجامعات، فلن تستطيع أي جامعة فتح برنامج دبلوم المحاماة إلا بموافقة واعتماد نقابة المحامين التي يجب أن تتأكد من أن البرنامج متوافق ليس فقط مع محتوه المطلوب وخطته، بل أيضا مع قدرة الجامعة المنفذة واستعدادها لتنفيذ البرنامج وفقا لمتطلباته العملية والفنية ومدى توفر القدرة لديها من ناحية وسائل التدريب وحشد المدربين. هذه الطريقة تشبه النظام الحالي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى حد ما؛ فلا تستطيع أي جامعة فتح برنامج حقوق إلا بعد اعتماده من نقابة المحامين الأمريكية. هذا الأمر قد يساهم أيضا في إمكانية تدخل نقابة المحامين الفلسطينيين في البرامج الأكاديمية لكليات الحقوق للتأكد من أن الكليات الاثنتي عشرة الموجودة حاليا في فلسطين أو الكليات التي يمكن أن تفتح في المستقبل تقوم بتدريس برامج متطابقة (أو على الأقل متقاربة) في مرحلة البكالوريوس. فنقابة المحامين، نظرا لتخصصها، هي الأقدر على الإشراف على كليات الحقوق بدل وزارة التعليم العالي التي تعمل بطريقة بيروقراطية روتينية. كما يمكن أن يستخدم المتدربون الملتحقون بالبرنامج كأداة لتقديم المساعدة القضائية للفقراء؛ ما من شأنه أن يعزز موضوع المساعدة القضائية ويفتح المجال للمتدربين للتعامل مع قضايا عملية يتم تحديد أنواعها وطريقة تقديم المساعدة فيها (مثل استشارت، تمثيل قضائي) والإشراف عليها من خلال النقابة، وبالتنسيق مع العيادات القانونية التي توجد حاليا في معظم الجامعات الفلسطينية. بخصوص الأساس القانوني لتأسيس معهد المحامين وبرنامج دبلوم المحاماة، فلا نحتاج هنا إلى مرسوم رئاسي أو قانون أو قرار بقانون. فقرار من مجلس نقابة المحامين، في تقديري، يكفي. بالطبع هذه الرسالة مجرد فكرة. أما تنفيذها فيحتاج إلى المزيد من التفكير والنقاش والتخطيط، ومجموعة من الخطوات العملية والقرارات المدروسة جيدا. (أفادت هذه المقالة من كتاب "المناهج العالمية للتعليم القانوني: إشارة خاصة للشرق الأوسط"، الذي سينشر من خلال كامبردج سكولز في نيوكاسل، إنجلترا، في 2014؛ وهو من تحرير الدكتور معتز قفيشة وبمساعدة الباحثة القانونية سيسيل فارمر من جامعة فرجينيا.)

الكاتب: lana بتاريخ: الأحد 09-03-2014 06:27 مساء  الزوار: 7228    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

لا تشكون إلى خلق فتشمته *** شكوى الجريح إلى الغربان والرخم. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved