||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :21
من الضيوف : 21
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35607627
عدد الزيارات اليوم : 3686
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 46 لسنة 97 فصل بتاريخ 1998/2/24

عدل عليا
46/97

بسم الله الرحمن الرحيم
محكمة العدل العليا المنعقدة في رام الله

المبادئ القانونية
الخصم الحقيقي في دعوى الإلغاء هو مصدر القرار الإداري المطعون فيه، والنائب العام ليس إلا ممثلاً لمصدر القرار ولا يتعدى دوره ذلك.
القبول للقرار الإداري الذي يسقط الحق بالطعن فيه يكون إما بالإذعان لهذا القرار أو تنفيذه مادياً، أما مجرد قبض الراتب لا يشكل بحد ذاته سبباً للقول أن المستدعي قبل وبإرادة حرة ما جاء في القرار المطعون فيه من تعديل درجته الوظيفية.
المجلس القضائي وحده الذي يملك إصدار توقيع العقوبات التأديبية على القضاة إذا ما توافرت الشروط لذلك بموجب المادة 44 من قانون استقلال القضاة رقم 19 لسنة 1955 بما في ذلك تخفيض الراتب لمدة معينة وتنزيل الدرجة، وبالتالي فإن القرار الصادر من وزير العدل ورئيس ديوان الموظفين بتنزيل درجة القاضي يكون صادراُ عن جهة غير مختصة وواجب الإلغاء.
الديباجة
المستدعـــــى: القاضي محمد نور الدين ابو غوش / اريحـا وكيله المحامي بسام ساحليـه / رام اللـه المستدعى ضدهما: 1) رئيس ديوان الموظفين في السلطة الوطنية الفلسطينية بالاضافة لوظيفته 2) وزير العدل في السلطة الوطنية الفلسطينية بالاضافة لوظيفتـه.

الهيئة الحاكمة: برئاسة القاضي السيد سامي صرصور وعضوية القاضيين السيدين زهير خليل ونصري عـواد.
القــرار
الأسباب والوقائع
هذه دعوى مقدمة للطعن بالالغاء في القرار الصادر عن المستدعى ضده الاول بتاريخ 10/4/97 المتضمن تعديل تدرج وظيفة المستدعي ليصبح "بدرجة 1_C وبالدرجة الأولى" اعتبارا من 1/3/97 وذلك بالاشارة لكتاب المستدعى ضده الثاني "بلا رقم" تاريخ 2/4/97 الموجه للمستدعى ضده الأول.
تستند الدعوى للأسباب التالية:-
القرار المطعون فيه منعدم لصدوره عن جهه غير مختصة.
بالتناوب، القرار المذكور مخالف للقانون وصادر بموجب نظام باطل.
القرار المطعون فيه مشوب بعيب اساءة استخدام السلطة ومخالف للقوانين والانظمة المرعيه.

بتاريخ 29/10/97 واستنادا للبينات المقدمه في حينه وهى المبرزات ع/1 – ع /8 وشهادة المستدعي فقد تقرر عملا باحكام
المادة 257 من قانون أصول المحاكمات الحقوقيه
تكليف المستدعى ضدهما ببيان الاسباب التي تحول دون الغاء القرار المطعون فيه وفي حالة الممانعة بذلك التقدم عملا
بالمادة 258 من ذات القانون
بلائحة جوابية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تبلغهما لائحة الدعوى ومرفقاتها والقرار المؤقت الصادر فيها.

وبتاريخ 18/11/97 تقدم المستدعى ضدهما بواسطة مساعد النائب العام بلائحه جوابية تضمنت القول بأن دعوى المستدعي واجبة الرد لعدم الخصومه وعدم الاختصاص ولفوات المدة ولأنها غير مستنده الى اساس او سبب قانوني ولكونها مشوبه بالجهالة ومخالفة للأصول والقانون والواقع، وقد ورد في البندين التاسع والعاشر من تلك اللائحة ان القرار المطعون فيه سليم وصادر طبقا لأحكام الاصول والقانون وغير مشوب بعيب اساءة استعمال السلطة وليس فيه اية مخالفة للقوانين والانظمة المرعيه.
بالمحاكمة الجارية امامنا بعد ذلك كرر مساعد النائب العام ما جاء في اللائحة الجوابية وقدم بينته المتمثله في المبرز ن/1 ثم ترافع خطيا طالبا رد الدعوة على ضوء ما ورد دفوع في اللائحة الجوابية في حين تقدم وكيل المستدعي بمرافعة خطيه ايضا طلب فيها الغاء القرار المطعون فيه وتثبيت القرار المؤقت الصادر في الدعوى وتضمين المستدعى ضدهما الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.
التسبيب
والذي نراه بادئ ذي بدء البحث اولا في الدفوع الشكلية التي اثارها ممثل الجهة المستدعى ضدها بخصوص عدم قبول الدعوى، ونحن اذا نفعل نجد ان القول بأن الدعوى مردودة لعدم صحة الخصومة بداعي ان القانون واجب اقامة الدعاوي ضد الحكومة على النائب العام هو قول في غير محله ولا يتفق والاحكام واجبة التطبيق امام محكمة العدل العليا وما استقر عليه الفقه والقضاء من ان الخصم الحقيقي في دعوى الطعن بأي قرار اداري هو مصدر ذلك القرار وان وان النائب العام ليس الا ممثلا امام المحكمة لمصدر هذا القرار وان دوره لا يتعدى هذه الصفه التمثيلية فقط كما انه لا مجال هنا لتعرض ممثل الجهة المستدعى ضدها واستناده بهذا الخصوص الى قانون دعاوي الحكومة لان احكام هذا القانون لا مجال لتطبيقها في دعاوي العدل العليا.
أما فيما يتعلق بالقول بعدم اختصاص هذه الحكمة بنظر الدعوى وعدم استنادها الى سبب قانوني فهو غير وارد ايضا اذ بالرجوع الى المادة (10) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 52
الساري المفعول نجدها قد جعلت لمحكمة العدل العليا صلاحية النظر في الطلبات المتعلقة بإلغاء القرارات الادارية اذا كان مرجع الطعن فيها عدم الاختصاص او مخالفة القوانين او الانظمة او الخطأ في تطبيقها او اساءة استعمال السلطة، وحيث أن دعوى المستدعي تستند في الطعن بالقرار الاداري المشكو منه الى كونه صادر عن جهة غير مختصة ولمخالفته القانون وانه مشوب بعيب اساءة استعمال السلطة فإن هذه المحكمة تون مختصه بنظر هذه الدعوى التي تستند الى سبب قانوني يبرر اقامتها، كما لا يرد القول بأن الدعوى واجبة الرد لقبول الجهة المستدعية بالقرار المطعون فيه بداعي ان المستدعي قبل الراتب المحدد بمقتضى ذلك القرار لان القبول للقرار الاداري الذي يسقط الحق في اقامة الدعوى للطعن فيه يكون اما بالاذعان لهذا القرار او تنفيذه ماديا ولا نجد من خلال وقائع الدعوى والبينات المقدمة فيها مايشير الى ان المستدعي اتبع ايا من هاتيين الحالتين ازاء القرار الذي يطلب الغاءه. ولا يرد القول ان المستدعي بقبضه راتبه المحدد بذلك القرار قد اسقط حقه في اقامة الدعوى لان مجرد قبض هذا الراتب لا يشكل بحد ذاته سببا للقول انه قبل وبارادة حره ما جاء في القرار المطعون فيه هذا بالاضافة الى نسبه لاحقا بخصوص انطباق مسألة الاذعان على القرار المذكور فيه وفيما اذا كان قرارا منعدم او لا.
أما وقد فرغنا من الرد على الدفوع الشكلية التي استندت اليها الجهة المستدعى ضدهما في طلبها رد الدعوى فاننا نعود الى البينات المقدمة فيها لنجد ان فيها بينة المستدعي قد اثبتت الوقائع التالية:-
1. بموجب المبرز ع/1 وبقرار من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الصادر برقم (35 سنة 96) تم تعيين المستدعي قاضيا في محكمة البداية حيث جاء في القرار المذكور المادة "1" منه (يعين الاستاذ محمد نور الدين راغب ابو غوش بمحكمة البداية وينقل من كادر الامن العام الى مرتب وزارة العدل"، وجاء في المادة (2) من ذلك القرار (على جميع الجهات المختصه كل بما يخصه تنفيذ هذا القرار ويعمل به من تاريخ "25/5/1994م" وينشر في الجريدة الرسمية).
2. ان رئيس المحكمة العليا قاضي القضاة في السلطة الوطنية الفلسطينية قام بتاريخ 14/4/96 بتوجيه الكتاب المبرز ع/4 ورقمه م ع/2/4 الى المستدعى جاء فيه ما يلي: (نرجو العلم بان قاضي محكمة البداية مطلوب له في الكادر الجديد الموجود لدى سيادة الرئيس درجة مدير عام الوزارة وهو ما اتفق عليه مع السيد  رئيس ديوان الموظفين ولا مانع من منحكم هذه الدرجة مع العلاوة المقررة لرئيس محكمة البداية المعمول بها في الضفة الغربية وقدرها 230%).
3. ان المستدعي قام بتاريخ 1/12/96 بتوجيه الكتاب (المبرز ع/3) الى رئيس المحكمة العليا قاضي القضاة ورد فيه (الأخوة في ديوان الموظفين وبمالية رام الله يعاملونني في العلاوة كقاضي صلح علما انني اقوم بواجبات رئيس المحكمة، ارجو التكرم بما ترونه مناسبا مناسبا معاليكم ودمتم لنا).
4. بتاريخ 17/5/97 وجه "المسجل الاعلى قاضي المحكمة العليا" المستشار محمد محمود صبح الكتاب المبرز ع/2 رقم م ع 1 الى معالي وزير العدل المتضمن ما يلي:-
"الموضوع: كتاب السيد / القاضي محمد ابو غوش رئيس محكمة بداية اريحا.
مرفق لسيادتكم الكتاب المذكور الوارد الينا من قبل الاستاذ محمد ابو غوش بواسطة الفاكس والمؤرخ 15/5/97 لتعديل وضعه الوظيفي.
" نشير لكتابنا المؤرخ 28/4/97 بهذا الشأن ونوصي ايضا بتعديل وضعه الوظيفي وانصافه".
كما نجد ان هذا المبرز (ع/2) قد ابرز مرة اخرى وميز بحرف ع/9، وتضمن تأشيرا عليه من قبل وزير العدل بالعبارة التالية:-
(وضعه سليم ومرتبه اكبر من مرتبك يا أخ طلال).
5. بتاريخ 10/4/97 وجه رئيس ديوان الموظفين العام الكتاب المبرز ع/5 الى السيد وزير العدل بشأن المستدعى جاء فيه ما يلي:-
(بالاشارة لكتابكم رقم بدون تاريخ 2/4/1997 بشان الموضوع عاليه ونرجو العلم بأنه تقرر تعديل تدرج وظيفة السيد  محمد نور الدين ابو غوش هوية رقم 41089343 لتصبح 1-C وبالدرجة الاولى وذلك اعتبارا من 1/3/1997 اسوة بزملائه).
ونجد ان السيد وزير العدل قد اشر على ذلك بعبارة (مع الموافقة).
6. بموجب قسائم راتب المستدعي (المبرزع/6) المتعلقة بالاشهر 3 و4 و5 لسنة 1997 يتبين ان درجة المستدعي حسبما وردت في تلك القسائم هي (26/B) براتب (في البنك) مقداره (5640) شاقلا و87 اغورة بالنسبة لشهري 4 و5 لسنة 97 ومبين فيها جميعها ان الراتب الاساسي للمستدعي هو 2111.27 شاقلا بعلاوة مهنه 205%.
7. بموجب قسيمة الراتب المبرز ع/7 المتعلقة براتب الشهر السادس لسنة 1997 تبين ان درجة المستدعي اصبحت (1/26) براتب اساسي 1613.14 شاقلا وبعلاوة مهنية مقدارها 205%.
8. بتاريخ 8/10/97 وجه رئيس المحكمة العليا قاضي القضاة الكتاب المبرز "ع/8" الى فخامة الرئيس ياسر عرفات تتضمن ما يلي:-
(ايماء الى الطلب المقدم لفخامتكم من القاضي محمد ابو غوش والمحول الينا في شأن تخفيض درجته من B الى الدرجة الاولى فأننا نرى ان يلجأ المذكور الى رفع دعوى امام محكمة العدل العليا طاعنا في القرار الاداري الصادر بتخفيض درجته اذا ما رغب في ذلك والمحكمة المختصة هي التي تقرر فيما اذا كان يجوز للادارة تخفيض الدرجة بدون حكم قضائي او تأديبي من عدمه..
اما الجهه المستدعى ضدها فقد تقدمت ببينتها المؤلفة من المستند المبرز ن/1 وهو الكتاب المؤرخ 16/11/97 الموجه من المستدعى ضدهما معا الى النائب العام وقد تضمن ما يلي:-
"نشير الى الطلب رقم 46/97 عدل عليا / الضفة الغربية بشأن الاستدعاء المقدم من الاستاذ القاضي محمد نور الدين ابو غوش ضد كل من السيد / رئيس ديوان الموظفين العام والسيد / وزير العدل نفيدكم بالوقائع التالية بهذا الخصوص.
اولا: بتاريخ 28/5/1994 صدر قرار سيادة الرئيس بتعيين العقيد  محمد نور الدين ابو غوش قاضي محكمة بداية اريحا بشكل مؤقت اعتبارا من تاريخ 25/5/1994 وقد باشر العمل اعتبارا من 25/5/1994 وكان يصرف راتبه من موازنة قوات الامن الوطني.
ثانيا: بتاريخ 9/4/1996 صدر قرار سيادة الرئيس بتعيين المذكور قاضيا بمحكمة بداية وينتقل من كادر الامن العام الى مرتب وزارة العدل وذلك اعتبارا من تاريخ 25/5/1994.
ثالثا: بتاريخ 17/4/1996 صدر قرار السيد / موسى غوشة مدير عام ديوان الموظفين بالضفة الغربية (سابقا) وذلك باعطاء المذكور الدرجة B +17 علاوة وعلاوة مهنة 135% قاضي بمحكمة بداية اريحا مع احتساب مدة خدمته السابقة اعتبارا من تاريخ تخرجه حتى 25/5/1994.
رابعا: وبتاريخ 2/6/1996 صدر كتاب اعلام تغيير المعتمد من مدير عام ديوان الموظفين في الضفة الغربية (سابقا) المتضمن تغيير علاوة المهنه للمذكور الى 2.5% اعتبارا من 1/4/1996. وتعديل سنوات الخبرة للمذكور الى 25 سنة اعتبارا من 1/4/1996.
خامسا: ان الملاك المعمول به في الضفة الغربية عند صدور القرار بتعيين المذكور قاضيا محكمة بداية هو 4-2 وكان الملاك المعمول به في قطاع غزة لمثل وظيفته هو 1-C.
ومن هنا تبين ان تعيين المذكور عل درجة(B) لم يكن مطابقا للملاك المعمول به في الضفة الغربية او حتى المعمول به في قطاع غزة.
سادسا: بتاريخ 1/3/1997 تم تعديل الملاك المعمول به للسادة القضاه في الضفة الغربية لمساواته بملاك قطاع غزة بحيث انهى الفروق الكبيرة في الرواتب وعملا بهذا التعديل فقد اصبحت وظيفة قاضي محكمة بداية 1C- بدلا من 4-2 وعلى الرغم من هذا التحسين في ملاك درجات السادة القضاه الا ان المذكور ظل حاصلا على درجة اعلى من الذي استحقها حسب التعديل الجديد بل اعلى درجة من قضاه محكمة الاستئناف.
سابعا: نظرا للحصول فروقات غير قانونية ين قضاة محكمة البداية الواحدة وحيث انه لا يعقل ان تكون درجة قاضي محكمة بداية اعلى او مماثلة لملاك قاضي محكمة استئناف مما اوجد اشكالات بين السادة القضاة مما دعى الاستاذ / وزير العدل للتدخل لإنهاء هذا الاشكال ووضع الامور في نصابها حيث طلب من ديوان الموظفين العام بتاريخ 2/4/1997 اعادة تقييم ملاك ودرجة المذكور ومنحه الملاك والدرجة المخصصة للوظيفة اسوة بزملائه.
ثامنا: بتاريخ 10/4/1997 قرر السيد / رئيس ديوان الموظفين العام تعديل تدرج وظيفة المذكور ليصبح 1C- وبالدرجة الاولى اعتبارا من 1/3/1997 اسوة بزملائه مع منحه علاوة المهنه المخصصه لوظيفته.
تاسعا: ان الوظيفة القضائية التي يشغلها القاضي المذكور حسب قرار سيادة الرئيس هي وظيفة قاضي محكمة بداية ولا يوجد حتى الان ما يتناقض مع هذا التعيين كما ان الوظائف القضائية تحدد بقرار من سيادة الرئيس فقط.
عاشرا: ان القرار بتحديد ملاكات السادة القضاه صدر من الجهه القانونية المختصه وهي ديوان الموظفين العام والذي يملك بالتالي صلاحية التقييم ووضع كل وظيفة في نصابها).
هذه هي مجمل الوقائع والبينات المقدمة من الطرفين والتي على اساسها يمكن الفصل في الدعوى التي لا نرى كبير عناء في البحث عن القانون واجب التطبيق ازائها، الا ان هذه المحكمة ترى قبل ذلك ان تبدي اسفها الشديد وشعورها بالخجل والالم في ذات الوقت وهي تنظر في دعوى ليست الاولى – مع الاسف- ويبدو انها ليست الاخيرة يقيمها قاضٍ للمطالبة بحقوقه، قاضٍ يترك منصة القضاء التي من المفروض ان يكون جالسا عليها ليعطي كل ذي حقا حقه يأتي ليجلس بين المتخاصمين جنبا الى جنب ينشد العدالة ويطلب رفع الظلم عنه، ومن المضحك المبكي ان القاضي المستدعي - يطلب من هذه المحكمة الغاء القرار الاداري الصادر ضده للابقاء على درجة "B" التي يرى انها من حقه في حين ان رئيس هذه المحكمة (العليا) او أي واحد من اعضائها لا يحمل تلك الدرجة ولا يتمتع بما يترتب عليها من امتيازات سواء كانت متعلقة بالراتب او اية امور اخرى.
دعوة الى ما هو ثابت امامنا من خلال البينات المقدمة نقول اننا لسنا بصدد بحيث كيف تم تعيين المستدعي قاضيا في الجهاز القضائي سواء من حيث احقيته بمنصب قاضي في محكمة البداية او من حيث منحه درجة "B" او حتى من حيث طريقة تعينه، كما اننا لسنا في معرض محاسبته او محاسبة غيره عن ذالك التعيين وما تبعه من امتيازات طالما اصبح وضعه الوظيفي امرا واقعا اكسبه مركزا قانونيا اضحا جديرا بالحماية على ضوء احكام القانون واجب التطبيق.
الا اننا نود ان نضع الارقام على الحروف ازاء بعض الامور التي وردت من خلال البينات المقدمة ونعرض لبعض منها على سبيل المثال فقط سيما تلك العبارة التي اوردها المستدعى ضده الثاني وزير العدل في شرحه على المبرز ع/9 (ع/2) والتي جاء فيها (وضعه سليم ومرتبه اكبر من مرتبك يا أخ طلال) لنقول اننا مع احترامنا للاخ طلال المذكور الذي لا نعرف عنه شيئا لا من حيث طبيعة وظيفته ولا من حيث تدرجه الوظيفي وما اذا كان مديرا عاما او انه يحمل درجة تفوق درجة قاضي، نقول ما هو المانع من ان يكون مرتب القاضي اكبر من مرتب الاخ طلال اذا كنا بالفعل ننظر الى الجهاز القضائي نظرة احترام وتقدير كما هو الحال في الدول المجاورة التي قد يفوق فيها راتب الوزير ووكيل الوزارة او المدير العام؟، وهل من العجب العجاب ان يتمتع القاضي براتب مميز ووضع اجتماعي لائق وامتيازات يتمتع فيها الكثير ممن هم بوظائف لا تقارن اهميتها باهمية عمله؟.

اننا لا نرى في ذلك أية غرابة اذا كنا نسعى بالفعل الى ترتيب البيت من الداخل وترسيخ اسس دولة القانون ومن اهمها قضاء نزيه محترم يكون همه الوحيد تحقيق العدل وتطبيق القانون بدلا من انشغال قضاته وصرف تفكيرهم في امور مادية نرى ان تركيز الاهتمام عليها قد يعصف بنزاهة القضاء الى الهاوية فضلا عن ظروف اخرى يمر فيها القضاء ليست محل بحث في هذا المقام وهذا ما نحذر منه ونحمل المسؤولية عنه لمن هو في موقع المسؤولية.
كما نود ان نشير ايضا الى بعض ما جاء في المبرز ن/1 وهو الكتاب الموقع من المستدعي ضدهما معا والموجه الى النائب العام، لنقول ان واقع الحال بالنسبة لدرجات قضاة الضفه وعلى العكس مما ورد في المبرز المذكور لم يتحسن على الاطلاق بل ان الفروقات غير القانونية بين القضاة وحتى قضاة المحكمة الواحدة ترسخت بشكل غير مقبول ولا معقول سواء لقضاة المحكمة من ذات الدرجة او بين قضاة محكمة ادنى واخرى اعلى منها، ولتوضيح ذلك نقول ودون ان نقلل من احقية المستدعي في حصوله على الدرجة التي تم تنزيلها ان رئيس محكمة الاستئناف العليا في الضفة الذي كان قبل تعديل الملاك يحمل الدرجة الثانية باقدمية تسع سنوات اصبح بموجب التعديل يحمل درجة C بذات الاقدمية وهذه لبدرجة اعطيت ايضا لمن كان يحمل الدرجتين الثالثة والرابعة قبل التعديل بمعنى ان هذا التعديل الجديد للملاك منح على حد سواء من كان يحمل الدرجة الثانية والثالثة والرابعة درجة C دون الاخذ بالاعتبار التدرج الوظيفي السابق واصبح الجميع متساوون في الدرجة دون الاخذ بالاعتبار التدرج الوظيفي السابق كما ان ما هو حاصل الان ان قاضي محكمة العدل العليا في الضفة يحمل درجة D في حين ان قاضي صلح يحمل ذات الدرجة وان قاضي محكمة البداية يحمل درجة C في حين ان رئيس هذه المحكمة يحمل درجة اقل من ذلك وبذا فأن تعديل الملاك بالنسبة للقضاة في الضفة لم يأت لهم بالذئب من ذيله بل اجحف بحق البعض منهم وبالتالي فاننا لا نتفق مع قول المستدعى ضدهما ان الامور قد وضعت في نصابها كما لا يمكن القول ان تعديل درجة المستدعي ليصبح (C-1 وبالدرجة الاولى) اسوة بزملائه يمثل الحقيقة لان زملاء المستدعي من قضاة ليسوا في وضع وضيفي يحسدون عليه كي يكونوا قدوة في ذلك يتأسى به غيرهم مبدين هنا أن تحسين وضع القضاة من حيث درجاتهم لا يكون على حساب تنزيل درجة المستدعي.
نعود بعد ذلك للبت في الدعوى من حيث الموضوع ونقول ان القانون واجب التطبيق ازاءها هو قانون استقلال القضاء المعمول به في الضفة وهو قانون 19 لسنة 1955
الذي ما زال ساري المفعول حت الان ولم يتم تعديله او الغاؤه من قبل السلطة الوطنية، وبذا فهو واجب التطبيق على جميع القضاة الذين يعملون في الجهاز القضائي في الضفة الغربية سواء اكان تعيينهم قائما قبل تولي السلطة الوطنية زمام الامور او بعد ذلك سيما ان قانونا فلسطينيا بهذا المجال ما زلنا نحلم وننادي بوضعه منذ زمن طويل ولكن دون جدوى.
وتأسيسا على ذلك فان المستدعي وهو قاضي في الجهاز القضائي يخضع للقانون المذكور بما له من حقوق وما عليه من واجبات وفي كل ما يتعلق بطريقة تعيينه وشروط هذا التعيين وترقيته ونقله ونديه واحالته على التقاعد وحتى محاكمته وتاديبه وما يترتب على ذلك من آثار تمس مركزه الوظيفي كقاضي وقد بين هذا القانون الجهة المخولة قانونا للقيام بالامور المشار وهي المجلس القضائي الذي يملك وحده بموجب المادة 44 من القانون المذكور اذا ما توافرت موجباتها اصدار القرار في توقيع العقوبات التأديبية على القضاة بما فيها تخفيض الراتب لمدة معينه وتنزيل الدرجة.
وحيث ان مرجعنا للفصل في هذه الدعوى هو القانون والقانون فقط فاننا على ضوء ما بيناه نخلص الى ان قرار تنزيل او تعديل درجة المستدعي وبالتالي تخفيض راتبه فضلا عن عدم استناده الى قانون هو قرار صادر عن جهه غير مختصة في اصداره ومجحف بحق المستدعي وواجب الالغاء.

منطوق الحكم
وعليه فاننا نقرر قبول الدعوى وتثبيت القرار المؤقت الصادر فيها بتاريخ 29/10/1997 والغاء القرار المطعون فيه وابطاله.
جملة الصدور والإفهام وتاريخ الفصل
قرارا صدر وتلي علنا باسم الشعب الفلسطيني بحضور المستدعي ووكيله وحضور ممثل المستدعي ضدهما مساعد النائب العام وافهم في 24/2/1998.
القضاة في الصدور والإفهام
قاضي
قاضي
الرئيس

الكاتب: nibal بتاريخ: الثلاثاء 06-11-2012 10:39 مساء  الزوار: 931    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

أعلى الممالك ما يُبنى على الأسلِ. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved