||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :59
من الضيوف : 59
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35497897
عدد الزيارات اليوم : 21459
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 382 لسنة 2000 فصل بتاريخ 2000/5/27

استئناف جزاء
382/2000

بسم الله الرحمن الرحيم

محكمة الاستئناف المنعقدة في رام الله

الديباجة

المستأنف : مساعد النائب العام المستأنف عليهم :ر. ر. أ أ. س. ع ق.ف. ر و. أ. ب

الهيئة الحاكمة : برئاسة القاضي السيد سامي صرصور وعضوية القاضيين السيدين زهير خليل وعوني الناظر

القــرار

الأسباب والوقائع
هذا استئناف ضد قرار محكمة بداية رام الله الصادر بتاريخ 22/3/2000 في الدعوى الجزائية (جناية) رقم 90/98 القاضي بإعادة الأوراق لمصدرها باعتبار أن نظر الدعوى سابق لأوانه بداعي أن قرار الاتهام الصادر ضد المستأنف عليه قد وقع باطلا كونه صادر عن مساعد النائب العام المنتدب ندبا لا يتفق وأحكام القانون .

يستند الاستئناف إلى القول بأن القرار المستأنف مخالف لأحكام القانون وواقع الحال.
لوقوع الاستئناف ضمن المدة القانونية نقرر قبوله شكلاً.
أما من حيث الموضوع فإننا نجد أن هيئة محكمة البداية قضت في قرارها المستأنف اعتبار قرار الاتهام الصادر في هذه الدعوى بتاريخ 22/8/98 " قرارا باطلا بداعي صدوره وتوقيعه من الأستاذ صلاح مناع بعد انتهاء مدة انتدابه مساعدا للنائب العام في يرام الله بموجب قرار الندب الصادر له عن وزير العدل دون مدة محددة الأمر المخالف لأحكام المادة 13 من قانون استقلال القضاء رقم 19 لسنة 1955.

ونحن باستعراض القرار المستأنف والنصوص القانونية التي استندت إليها هيئة محكمة البداية وهي بصدد معالجتها للمسألة التي أثارتها من تلقاء نفسها والمتعلقة بالقول بعدم وجود صلاحية للأستاذ صلاح مناع توقيع قرار الاتهام في هذه الدعوى نجد إنها تعرضت للقوانين التالية والنصوص الواردة فيها على النحو التالي: -
1)لقد تعرضت هيئة محكمة البداية في قرارها المستأنف للقانون رقم 5 لسنة 95 بشأن نقل السلطات والصلاحيات وأوردت من خلال ذلك ما جاء في المادة الأولى منه والتي تنص على "تؤول إلى السلطة الفلسطينية جميع السلطات والصلاحيات الواردة في التشريعات والقوانين والمراسيم والمنشورات والأوامر السارية المفعول في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل 19/5/94". وأوردت أيضا ما جاء في المادة الثانية من هذا القانون التي تنص على " يصدر رئيس السلطة الفلسطينية القوانين بعد موافقة مجلس السلطة" كما أوردت في القرار المستأنف ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون المشار إليه وهو "يتولى رئيس السلطة وأعضاء مجلس السلطة الصلاحيات والسلطات التنفيذية كل في حدود اختصاصه".
2)تعرضت هيئة محكمة البداية في قرارها المشار إليه لقانون استقلال القضاء رقم 19 لسنة 1955 وأوردت نص المادة 5/1 منه والتي جاء فيها "تجري التعيينات والترقيات والتنقلات في وظائف القضاة بقرار من المجلس القضائي وإرادة سنيه تنشر في الجريدة الرسمية" وأوردت فيه أيضا ما نص عليه في المادة الثالثة من هذا القانون إزاء تعريف كلمة قضاء أو قاض أو قضاة على أن يشمل" رئيس وأعضاء محكمة التمييز ورئيس النيابة العامة ومساعده ووكيل وزارة العدلية والمستشار الحقوقي ومفتش العدلية ورئيس وأعضاء محكمة الاستئناف والنائب العام ومساعده ورئيس وأعضاء المحاكم الابتدائية وقاضي تسوية الأراضي وقاضي أمانة العاصمة وقضاة الصلح والمدعين العامين جميعا"، كما تناولت هيئة محكمة البداية من خلال تعرضها لقانون استقلال القضاء المشار إليه ما نصت عليه المادة (13) منه والتي جاء فيها "يجوز لوزير العدل أن يندب في حالة الضرورة أحد القضاة للعمل في محكمة من ذات الدرجة أو أعلى من المحكمة الملحق بها (أ) لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر في السنة الواحدة، (ب) لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أخرى في السنة الواحدة إذا وافق المجلس القضائي على ذلك".
3)كما تعرضت هيئة محكمة البداية وهي بصدد إصدار قرارها المستأنف لقانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 وأوردت من خلال ذلك نص المادة 12/ز من هذا القانون والتي جاء فيها " لوزير العدلية أن ينتدب من حين لآخر لمدة مؤقتة أي مدعي عام أو مساعد رئيس النيابة العامة أو مساعد النائب العام ليقوم بوظيفة قاض في محكمة بدائية أو قاضي صلح آخر أو بوظيفة مدعي عام آخر.
4)ومن ضمن ما تعرضت له هيئة محكمة البداية أيضا في القرار المستأنف ما جاء في المادة 206/1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي نصت على أنه "لا يقدم شخص للمحاكمة في جناية إلا إذا كان النائب العام أو من يقوم مقامه قد اصدر قرارا باتهامه بتلك الجريمة".
هذه هي القوانين والنصوص التي وضعتها هيئة محكمة البداية أمامها وهي تعالج الدعوى والتي بالاستناد إليها أصدرت القرار المستأنف.
والذي نراه على ضوء هذه النصوص أن لا جدال حول ما ورد في المواد الثلاث من القانون رقم 5 لسنة 1995 بشأن نقل السلطات الذي أشارت إليه هيئة محكمة البداية في قرارها المستأنف وهي في إشارتها لهذا القانون أرادت أن تبين أن جميع السلطات والصلاحيات الواردة في التشريعات والقوانين والمراسيم والمنشورات والأوامر السارية المفعول في الضفة وقطاع غزة قبل تاريخ 19/5/94 قد انتقلت إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وليس في هذا الأمر أي خلاف على الإطلاق، فقد بقيت كافة القوانين والمراسيم والمنشورات والأوامر المشار إليها سارية حتى الآن باستثناء ما صدر قانون بإلغائه، ومن ضمن ما تبقى من تلك القوانين قانون استقلال القضاء رقم 19 لسنة 1955 وقانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 وكذلك قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961، وهذه القوانين هي التي استندت إليها هيئة محكمة البداية فيما خلصت إليه في قرارها المستأنف.

والسؤال هنا هل طبقت هيئة محكمة البداية تطبيقا سليما النصوص التي أشارت على الوضع الوظيفي للأستاذ صلاح مناع موقع قرار الاتهام الصادر في هذه الدعوى والذي تقرر اعتباره باطلا للسبب الذي ورد في القرار المستأنف؟
التسبيب
إننا بادئ ذي بدء وعلى ضوء المستندين المرفقين مع هذا الاستئناف واللذين تم الحصول عليهما من مكتب وزير العدل المحفوظ لديه الملف الوظيفي الخاص بالأستاذ صلاح مناع، نجد أن الأستاذ صلاح مناع قد تم تعينه مدعياً عاما في رام الله بالدرجة السادسة اعتباراً من 10/12/1981 بموجب القرار الصادر بتاريخ 14/2/82 ممن كان يسمى في حينه رئيس الإدارة المدنية وذلك وفق أحكام المادة 5/1 من قانون استقلال القضاء رقم 19 لسنة 1955 ثم تم نقله ليعمل مدع عام في نابلس اعتبارا من تاريخ 1/12/92. ونجد أن وضعه الوظيفي هذا بقي كذلك حتى عشية تولي السلطة الوطنية الفلسطينية زمام الأمور في الأراضي الفلسطينية ولا بد من الإشارة هنا بل ومن الجدير بالإشارة أن جميع من تولوا مناصب قضائية في زمن الاحتلال سواء أكانوا قضاة أم من رجال النيابة العام والذين ما زالوا في مناصبهم يزاولون أعمالهم بعد تولي السلطة الوطنية الفلسطينية مهامها في الأراضي الفلسطينية ومن ضمنهم بطبيعة الحالة بعض أعضاء الهيئة مصدرة القرار المستأنف قد تم تعيينهم بذات الطريقة ومن ذات الجهة التي أصدرت قرار تعيين الأستاذ صلاح مناع مدعيا عاما بموجب القرار المشار إليه، وأن بقاءه وبقاءهم في مناصبهم هذه حتى الآن كان وما زال مرتبطاً بما جاء في قرار رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية رقم 1 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 20/5/94 والذي نص على استمرار العمل بالقوانين والأنظمة والأوامر التي كانت سارية المفعول قبل تاريخ 5/6/1967 في الأراضي الفلسطينية" الضفة الغربية وقطاع غزة" وكذلك بما جاء في نفس القرار من أنه " يستمر السادة القضاء النظاميون والشرعيون وأعضاء النيابة العامة في ممارسة أعمالهم كل في دائرة اختصاصه وفقا للقوانين"، كما نجد أن الأستاذ صلاح مناع الذي تم تعينه قبل الكثيرين ممن يعملون حاليا في الجهاز القضائي والنيابة العامة قد بقي منذ ذلك التعين في وظيفته مدع عام إلى أن خضعت الأراضي الفلسطينية للسلطة الوطنية حيث تم انتدابه (ندبه) للعمل مساعدا للنائب العام في رام الله اعتبارا من تاريخ 1/9/1996 وذلك بموجب القرار الصادر عن وزير العدل بذات التاريخ (المحفوظ عنه في صورة في الملف بعد الحصول عليها من مكتب الوزير) وقد جاء في ذلك القرار:-
"بناء على الصلاحيات المخولة وبناء على مقتضيات المصلحة العامة يقرر ما يلي :-
1)يندب كل من الأستاذ / خيري زلوم – مدعي عام بيت لحم – والأستاذ / صلاح مناع – مدعي عام نابلس – للعمل في مكتب الأستاذ /النائب العام برام الله مساعدين للنائب العام.
2)يندب الأستاذ /إبراهيم عمرو – مدعي عام أريحا – للعمل في الادعاء في نابلس لمدة ثلاثة شهور"

كما نجد أيضا أن الأستاذ صلاح مناع الذي بقي منذ ذلك التاريخ أي من 1/9/96 يعمل مساعدا للنائب العام منتدبا بموجب القرار المشار إليه قد تم تعديل وظيفته ليصبح مساعدا للنائب العام في رام الله بالدرجة "B" وذلك اعتبارا من تاريخ 1/7/1998 وفق ما ابلغ به وزير العدل بموجب الكتاب رقم 71754/ت.و /22/7531 المؤرخ 27/8/98 الصادر عن رئيس ديوان الموظفين العام وان وضعه الوظيفي ما زال بهذه الصفة مساعدا للنائب العام حتى الآن.

وعودة إلى القرار المستأنف نجد أن هيئة المحكمة مصدرته قد اعتبرت قرار الاتهام الصادر في هذه الدعوى باطلا لما يلي :-
أولاً : لأنه موقع من الأستاذ صلاح مناع بتاريخ 29/7/98 في حين جرى انتدابه للعمل مساعداً للنائب العام بتاريخ 1/9/96 بموجب قرار وزير العدل الذي جاء خلوا من تحديد مدة الندب بما لا يتفق وحكم القانون "باعتبار أن للانتداب ضوابط ومعايير حددها القانون".
ثانياً : انه لا يغير من الأمر شيئاً ما جاء في الكتاب رقم 71754/ت.و/22/7531 المؤرخ في 27/8/98 الصادر عن رئيس ديوان الموظفين العام والموجه إلى وزير العدل طالما أن صلاحية النقل والتعيين والترقية بموجب أحكام القانون منوطة بقرار من المجلس القضائي وإرداة سنيه من الرئيس ولا تملك أي مرجعية كانت أن تسلب صلاحيات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.

والذي نراه إزاء هاتين الركيزتين اللتين استندت إليهما هيئة محكمة البداية في قرارها المستأنف أنهما جاءتا نتيجة تفسير خاطئ لنصوص القانون نابع عن فهم غير سليم من الناحية القانونية لما ورد من نصوص في القوانين التي أشرنا إليها في مستهل قرارنا هذا وكذلك لما جاء في كتاب رئيس ديوان الموظفين المشار إليه.

فبالنسبة للركيزة الأولى التي استند عليها القرار المستأنف نقول أن هيئة محكمة البداية فهمت قرار الندب الصادر للأستاذ صلاح مناع بتاريخ 1/9/96 من قبل وزير العدل على انه قرار صادر بموجب المادة 13 من قانون استقلال القضاء رقم 19 لسنة 1955، وجاء فهمها هذا خاطئا لأنها بنته على اعتقادين خاطئين أيضا :
الأول: إن رجال النيابة العامة شأنهم في الندب شان القضاة حيث لا يجوز وفق أحكام هذه المادة لوزير العدل أن يندب أحد القضاة لمدة تزيد على ثلاثة أشهر في السنة الواحدة ولمدة تزيد على ثلاثة أشهر أخرى في السنة الواحدة إلا بموافقة المجلس القضائي، مع أن الأمر ليس كذلك لان وزير العدل وان كان مقيدا بما جاء في المادة 13 المشار إليها وهو بصدد ندب أحد القضاة في حالة الضرورة فإن صلاحيته هذه ليست مقيدة بمدة إزاء الندب المتعلق برجال النيابة بما في ذلك بطبيعة الحال مساعدي النائب العام، إذ بالرجوع إلى المادة 12 فقرة "ز" من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 نجدها تنص على ما يلي "لوزير العدلية أن ينتدب من حين لآخر لمدة مؤقتة أي مدعي عام أو مساعد رئيس النيابة العامة أو مساعد النائب العام ليقوم بوظيفة قاض في محكمة بدائية أو قاضي صلح آخر أو بوظيفة مدع عام آخر"، هذا النص يبين الفرق الشاسع بين الندب الذي يقوم به وزير العدل بموجب المادة 13 من قانون استقلال القضاء "والتي يندب حظها الآن فقط وفي وقت متأخر" وبين الندب الذي يمارسه بمقتضى الفقرة (ز) من المادة 12 لقانون تشكيل المحاكم النظامية ولا ندري ما معنى الإشارة التي أوردتها هيئة المحكمة مصدرة القرار المستأنف وهي بصدد الإيماء إلى هذه الفقرة وذلك بالقول أن قانون تشكيل المحاكم جاء سابقا لقانون استقلال القضاء بحيث أصبح مقيدا به، إذ ما نراه أن كون قانون تشكيل المحاكم النظامية قد صدر سنة 1952 وان قانون استقلال القضاء صدر لاحقا سنة 1955 ليس من شأنه الوصول إلى نتيجة مؤداها أن يهمل أو يعمل نص ورد في أحد القانونين على حساب النص الأخر طالما أن كلا القانونين لا يتضمن إلغاء لأية مادة في القانون الأخر أو يشير إلى أي تحفظ بشأنها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فإننا لا نجد على الإطلاق وبخاصة فيما تضمنته المادة 13 من قانون استقلال القضاء ما يتعارض مع أي نص ورد في قانون تشكيل المحاكم النظامية يتعلق بندب موظفي النيابة العامة وبالذات الفقرة (ز) من المادة 12 منه والتي كما بينا وكما هو واضح من نصها قد أجازت لوزير العدل ولمدة مؤقتة مهما بلغت من الزمن أن يندب من حين لآخر أي مدع عام أو مساعد نائب عام ليقوم بأي وظيفة من الوظائف التي يرتايها، وبالتالي فان محاولة الخلط بين نص المادتين المشار إليهما يغدو في غير محله وليس له أي أساس قانوني.

كما لا بد من الإشارة هنا إلى أن هيئة المحكمة مصدرة القرار قد اختلط عليها الأمر في تفهم طبيعة عمل النيابة العامة وتركيبتها الوظيفية واختلافها من هذه الناحية عن طبيعة وهيكلية الجهاز القضائي وكان هذا الخلط ناتج عن فهم خاطئ لنص المادة الثالثة من قانون استقلال القضاء رقم 19 لسنة 1955 من حيث اعتبار المادة 13 من هذا القانون منطبقة على (قضاة النيابة العامة) الذين أطلق عليهم قانون أصول المحاكمات الجزائية هذه التسمية بموجب المادة 11 منه. كما إنها لم تتفهم ما أفصح عنه المشرع في القوانين المشار إليها آنفا وهو بصدد تنظيم عمل النيابة العامة وبيان الجهات المسؤولة عن إدارتها ومراقبتها وتوجيه الأوامر والتعليمات إليها والذي يشير بشكل واضح إلى أن ما يقوم به وزير العدلية وكذلك رئيس النيابة العامة أو النائب العام من إصدار قرارات وأوامر وتعليمات لمساعديهم إنما هي قرارات إدارية بحته يجب التقيد بها ولا مجال لأي محكمة نظامية أن تجعل نفسها محكمة عدل عليا تبت في مدى شرعية وقانونية تلك القرارات وما نقوله بهذا الشأن يؤيده ما جاء في المادة (15) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 والتي تنص على "جميع موظفي النيابة العامة في حلقة الاستئناف وحلقة البداية تابعون للنائب العام وهم مكلفون بالائتمار بأوامر وزير العدلية في شؤونهم الإدارية وإقامة الدعاوي وتعقبها كما يعتبرون جميعهم في جميع حلقاتهم تابعين لرئيس النيابة العامة ومرتبطين بوزير العدلية ضمن نطاق تسلسل هذه الحلقات "هذا النص لم يرد ما يقابله أو ما يشابهه إزاء علاقة وزير العدل مع القضاة الذين يتم انتدابهم من قبله فقط في حدود المادة 13 من قانون استقلال القضاء الأمر الذي نرى معه إن الهيئة مصدرة القرار المستأنف قد تفهمت خطأ معنى ما هو منصوص عليه في المادة الخامسة من القانون المذكور وكذلك ما منصوص عليه في المادة 12 (ز) من قانون تشكيل المحاكم النظامية التي اشرنا إلى نصها آنفا، ونضيف بهذا الصدد ما جاء في المادة 11(1)(2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي توضح أن (القضاة الذين يتولون النيابة العامة يمارسون الصلاحيات الممنوحة لهم قانونا وهم مرتبطون بقاعدة تسلسل السلطة وتابعون إداريا لوزير العدل وان موظفي النيابة العامة ملزمون في معاملاتهم ومطالبهم الخطية بإتباع الأوامر الخطية الصادرة إليهم من رؤسائهم أو من وزير العدلية)، وقد نهج المشرع الفلسطيني من خلال مشروع قانون السلطة القضائية واستقلال القضاء الذي اقر بالقراءات الثلاث على هذا الفهم لطبيعة عمل النيابة حينما افرد لها بابا خاصا مستقلا عن النصوص المتعلقة بالقضاء وأورد فيه الهيكلية التي تتكون منها النيابة العامة وكيفية إجراء التعينات والترقيات التي تتم بالنسبة لأعضائها وبين من خلال ذلك الجهة التي تقوم بهذه التعينات والرقابة والإشراف على أعضاء النيابة وما إلى ذلك من أمور تختلف تماما عما ورد بالنسبة للقضاة وما نص عليه بشأنهم في ذلك المشروع حول تعينهم ونقلهم وندبهم وترقيتهم الأمر الذي نؤكد معه أن ما استندت إليه هيئة المحكمة مصدرة القرار المستأنف من فهم للقوانين التي أشارت إليها في قرارها لم يكن واردا على الإطلاق.

نخلص مما تقدم إلى القول أن مساعد النائب العام لا يخضع في ندبه من قبل وزير العدلية لأحكام المادة 13 من قانون استقلال القضاء إنما لأحكام الفقرة (ز) من المادة 12 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 وللنصوص الأخرى الواردة في هذا القانون وكذلك للأحكام الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية التي أشرنا إليها آنفا وبذا فإن الركيزة الأولى التي استندت إليها الهيئة مصدرة القرار المستأنف في القول ببطلان ندب الأستاذ صلاح مناع موقع قرار الاتهام في هذه الدعوى تغدو في غير محلها هذا إذا أخذنا بالاعتبار أن تاريخ قرار تعديل وظيفته وترقيته لوظيفة مساعد للنائب العام كان سابقا لتاريخ صدور الاتهام في هذه الدعوى وتوقيعه من قبله.
أما بخصوص الركيزة الثانية التي استند إليها القرار المستأنف القائمة على القول أن ما جاء في كتاب رئيس ديوان الموظفين العام لا يغير من الأمر شيئاً طالما أن صلاحية النقل والتعيين والترقية بقرار من المجلس القضائي وإرادة سنية من الرئيس وان أي مرجعية كانت لا تملك الحق في أن تسلب صلاحيات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية... هذا القول الذي لا نرى إزاءه سوى الاستغراب لا يسنده أي منطق أو قانون وذلك للأسباب التالية فضلا عما سبق وبيناه آنفا: -
أولاً : إن الكتاب الموقع من رئيس ديوان الموظفين العام والذي يحمل الرقم 71754/ت و/22/7531 ليس كتاب تعيين أو نقل أو ندب للأستاذ صلاح مناع إنما هو رد وأخبار موجه من رئيس الديوان إلى وزير العدل يعلمه فيه بمايلي: -
"بالإشارة إلى كتابكم رقم بدون تاريخ 27/7/1998 م بشأن طلب تعديل وظيفة السيد /صلاح الدين محمد مناع لتصبح مساعد النائب العام في رام الله وذلك اعتبارا من 1/7/1998" ونرجو أنه لا مانع لدينا من تعديل وظيفته لتصبح مساعد النائب العام في رام الله على التدرج B-A وبالدرجة B وذلك اعتبارا من 1/7/ 1998".

هذا ما جاء حرفيا في كتاب رئيس ديوان الموظفين العام الموجه لوزير العدل بخصوص تعديل وظيفة الأستاذ صلاح مناع، فهل في هذا الكتاب ما يمكن معه القول أن رئيس ديوان الموظفين كان هو مصدر قرار تعديل تلك الوظيفة؟ وهل يستفاد من نص هذا الكتاب ما يمكن معه القول أيضا أن رئيس ديوان الموظفين قد تجاوز صلاحياته واعتدى على صلاحيات غيره سواء كان هذا الغير هو المجلس القضائي أو الإرادة السنية للرئيس حسبما جاء في القرار المستأنف؟ إننا لا نجد حيال هذا التساؤل سوى القول أن هيئة المحكمة مصدرة القرار المستأنف قد أخطأت خطأ جسيماً في تفسيرها لما جاء في الكتاب المشار إليه لم يكن سوى ردا على قرار اتخذه وزير العدل بموجب كتابه المؤرخ 27/7/98 والذي طلب فيه من رئيس ديوان الموظفين (تعديل وظيفة الأستاذ صلاح مناع ليصبح مساعداً للنائب العام). وبالتالي فإن ما جاء في كتاب رئيس ديوان الموظفين المشار إليه آنفا هو تلبية وتنفيذا لذلك القرار ليس إلا.


منطوق الحكم
بناء على ما تقدم وحيث أن القرار المستأنف جاء مخالفا لأحكام القانون ولا يتفق والواقع ومبني على خطأ جسيم في تفهم وتفسير النصوص التي أشارت إليها هيئة المحكمة مصدرته فضلا عن انه بتداعياته يمس أمن المجتمع وسلامته ويخل بروح العدالة وتطبيق القانون سيما أن مثل هذا القرار أدى إلى إطلاق سراح متهمين بتهم خطيرة لم يتم استكمال محاكمتهم بعد فإننا لكل ذلك نقرر قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف وباطاله وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليه منذ صدوره واعتباره كأنه لم يكن وإعادة الأوراق إلى مرجعها للسير في الدعوى حسب الأصول.

جملة الصدور وتاريخ الفصل
قراراً صدر تدقيقاً باسم الشعب الفلسطيني في 27/5/2000.

القضاة في الصدور
قاضي قاضي الرئيس

الكاتب: nibal بتاريخ: الإثنين 12-11-2012 08:07 مساء  الزوار: 1132    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

إصلاحُ الموجودِ خيرٌ من انتظار المفقود. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved