||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :6
من الضيوف : 6
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35315542
عدد الزيارات اليوم : 7240
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 125 لسنة 2011 فصل بتاريخ 2012/2/29

نقض جزاء

رقم : 125/2011
السلطــــة الوطنيــــة الفلسطينيـــة
السلطــــة القضائيـــة
محكمــة النقض
" الحكـــــــــــــــــــــــــــم "
الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني.


الديباجة
الهيئة الحاكمة: برئاسة السيد القاضي/ محمد شحادة سدر. وعضوية السادة القضاة: عماد سليم، د. عثمان التكروري، محمد سامح الدويك، خليل الصياد.

الطاعـــــــــنان: 1- (م.ف.س.ق) 2- (ج.ف.س.ق) وكيلهما المحامي إياد خير/ بيت لحم. المطعون ضده: الحق العام.

الإجـــــــــــــراءات
الأسباب والوقائع
بتاريخ 7/7/2011 تقدم الطاعنين بواسطة وكيلهما بهذا الطعن لنقض القرار الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 31/5/2011 في القضية الإستئنافية الجزائية رقم 101/ 2010 المتضمن الحكم برد الاستئناف موضوعا وتأييد القرار المستأنف الصادر عن محكمة بداية بيت لحم بصفتها الإستئنافية بتاريخ 22/11/2010 في القضية الجنائية رقم 1/2010 المتضمن الحكم بإدانة المتهم الأول (م) بالتهمة المسندة إليه وهي القتل القصد لأحكام المادة 326 من قانون العقوبات وتعديل وصف التهمة المسندة للمتهم الثاني (ج) من جناية التدخل في القتل القصد خلافا لأحكام المادتين 326 ، 80/هـ من قانون العقوبات لتصبح جنحة إخفاء الأداة المستخدمة بالجريمة خلافا لأحكام المادة 83 من ذات القانون ووضع المتهم الأول (م) بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة خمسة عشر عاما محسوبة له مدة التوقيف والحكم على المتهم الثاني (ج) بالتهمة المسندة إليه وبوصفها المعدل بالحبس مدة ثلاثة أشهر والغرامة خمسون دينارا.

وتتلخص أسباب الطعن بما يلي:-
أخطأت محكمتي الموضوع (البداية والاستئناف) في تطبيق القانون حيث أنها عالجت ما أثاره الطاعنين معالجة خاطئة حول صفة الطبيب زياد الأشهب حيث ادعى بأنه طبيب شرعي مع العلم انه ليس اختصاصي طب شرعي بل طبيب عام.
أخطأت محكمة الاستئناف في تطبيق القانون حيث أن الوقائع التي استندت إليها لا تنطبق على هذه التهمة بل كان على المحكمة تطبيق نص المادة (343) من قانون العقوبات.
أخطأت محكمتي الموضوع (البداية والاستئناف) في تفسير نص المادة 326 من قانون العقوبات.
أخطأت محكمة الدرجة الأولى في إسناد حكمها بالكامل على اعتراف المستأنف أمام النيابة العامة حيث أن الاعتراف ليس حجة في ذاته وهو من جملة الأدلة ومن الجائز عدم الأخذ به حتى لو كان صادرا عن المتهم بلا ضغط أو إكراه.
أخطأت محكمة الاستئناف في تفسير نص المادة 83 من قانون العقوبات.
لهذه الأسباب يطلب وكيل الطاعنين قبول الطعن شكلا لتقديمه ضمن المدة القانونية وفي الموضوع نقض القرار المطعون فيه وإعادة ملف الدعوى لمصدرها وبالنتيجة الحكم بإعلان براءة الطاعنين من التهمة المسندة لكل منهما.
بتاريخ 19/9/2011 قدم مساعد النائب العام مطالعة خطية طلب بنتيجتها رد الطعن موضوعا وتأييد القرار المطعون فيه.
التسبيب
المحكمـــــــــــــــــــة
بعد التدقيق والمداولة قانونا نجد أن الطعن مقدم ضمن المدة القانونية فنقرر قبوله شكلا.
وفي الموضوع وعن أسباب الطعن:
وبالنسبة للسببين الثاني والثالث نجد أن محكمتي الموضوع قد فصلت في الدعوى دون أن تستند إلى وقائعها كما استخلصتها وقنعت بها من البينات المقدمة والمستمعة بها والمتمثلة ببينات النيابة العامة والـدفاع والنصوص القانونيـة الواجبـة التطبيق علـى هذه الواقعـة وإنما اعتمدت في قرارها على واقعـة النيابة العامة كما جاء في قرار الاتهام ولائحته من أن المتهم (م) قام بإخراج خنجر من داخل الجرار
الموجود في الطاولة وسدد ضربه مباشرة إلى قلب المغدور مما أدى إلى سقوطه على الأرض وما ورد على لسان الشاهد الدكتور زياد أبو محفوظ والتي ورد بها (الطاعن كان يقف أمام المغدور اتجاه الضربة كان مباشرا إلى القلب بالنسبة للخط الوهمي المنصف للجسم من أعلى الرأس وحتى القدمين...).
وان محكمتي الموضوع مقيدتين في حكمهما بتطبيق القانون على الوقائع الثابتة التي توصلتا إليها فكان عليها أن تبحث تلك الوقائع من جميع الوجوه وان تقضي بما ثبت لديها غير مقيدة بالوصف الذي جاء في إسناد النيابة العامة بل من واجبها أن تصف الواقعة بالوصف الصحيح الذي يسبغه القانون على ذلك الفعل طبقا لمؤدى ومفهوم المادة (270) من قانون الإجراءات الجزائية.
ولما كانت النية في القتل وسائر الأفعال الجرمية القصدية الأخرى أمر باطني يضمره الجاني في نفسه ولا يظهره وإنما يستدل عليه من الأفعال والشواهد الخارجية التي يقارفها الجاني أثناء ارتكاب الجريمة.
وان محكمتي الموضوع لم تبين أو تحاول أن تستظهر كيف استدلت على أن نية المتهم قد انصرفت إلى قتل المغدور سوى ما ورد في واقعة النيابة المشار إليها سابقا في حين أن النيابة العامة لم تقدم أية بينة تثبت أن المتهم قد ارتكب جريمته عن قصد.
وان الوقائع الثابتة في الدعوى من خلال البينة المقدمة المتمثلة ببينات النيابة العامة والدفاع والتي توصلت إليها محكمتا الموضوع ابتداء لا تصلح منطقيا لترتيب القول بتوافر القصد الجرمي لدى المتهم (م) وان ما أوردته من تبريرات واستنتاجات للوصول إلى نتيجة الحكم لا تستند إلى أي أساس قانوني أو واقعي سليم ولم تكن معالجتهما في ذلك صحيحة وقد شاب حكمهما الفساد في الاستدلال والتعليل.
وان ما استعرضته لعدد من الوقائع لتوافر عنصر القصد الجرمي فهي عبارة عن استنتاجات مخالفة للحقيقة والوقائع والقانون معا وذلك للأسباب التالية:
أن محكمتي الموضوع قامتا باستعراض واقعة النيابة وتسمية بيناتها التي استندت إليها في تكوين قناعتها وان البينة المتوفرة حول الوقائع الجرمية وكيفية ارتكابها وتفاصيلها قد اقتصرت على أقوال المتهم (م) لدى الشرطة والنيابة العامة المبرزين (م/1 ، ن/1) ومن مقارنة أقوال المتهم (م) لتلك الأقوال نجد أنها جاءت متطابقة في الأمور الجوهرية وان محكمتي الموضوع قد استندت إلى تلك البينة الرئيسية في استخلاص وقائع هذه الدعوى.
وباقي البينات بالإضافة إلى كافة المحاضر والضبوط والتقارير والكشف على مكان الحادث وتقرير الكشف على الجثة وشهادة منظمة الدكتور زياد محفوظ وهذا ما أشارت إليه محكمة الموضوع بالوقائع الثابتة لديها في البنود من (1 ــ 10) ومن (12 ــ 15).
وقد تمثلت تلك الوقائع الثابتة من خلال تلك البنود بأنه بيوم وتاريخ الحادث موضوع الدعوى ما بين الساعة الخامسة والسادسة مساء حضر المغدور (ن) إلى بيت المتهم (م) وطلب منه الجلوس في المكتب مكان وقوع الجرم وتم ذلك بالفعل وان المكتب مساحته 3×4 ويقع في الطابق الأول لمنزل المتهم (م) المكون من ثلاثة طوابق وغرفة المكتب لها باب حديدي بطول 180 سم ويوجد له فواحات زجاج على طوله ومن على الدفتين بطول 70 سم وبعرض 60 سم، حيث دار نقاش واخذ المغدور يسب ويشتم المتهم (م) بالماسوني والحقير والدجال وانه سوف يدعس على رقبته وان الأمور تطورت إلى اشتباك بالأيدي وان المتهم (م) كان يجلس على كرسي خلف طاولة المكتب له عجلات وانه لذلك رجع إلى الخلف وان المغدور رمى صحن زجاج على المتهم (م) لم يصبه وان المغدور قام ببعثرة الأغراض الموجودة على طاولة المكتب وانه كان هناك شفرات ياباني موجودة على الطاولة وان المتهم (م) خاف من استعمال (ن) لها وان المغدور حاول الاقتراب من المتهم (م) الذي ما كان منه إلا أن قام بفتح جرار المكتب واستل منه خنجر المبرز ن/5 كان موجودا بجرار المكتب وان المتهم (م) مسك الخنجر بيده اليمنى حيث كان يقف خلف الطاولة، وانه طلب من المغدور الخروج ولم يخرج وان المغدور هجم على المتهم (م) وقام الأخير بعبط المغدور والخنجر بيده اليمنى وتدافعا إلى أن وصلا عند باب المكتب حتى ضرب المغدور (صدم) في الباب الذي له فواحات من الزجاج وهنا قال المغدور للمتهم (م) ترفع عليَ سكين وان المغدور لم يكن يحمل بيده أي آله حاده أو أي شيء وأثناء العراك لم يكن داخل المكتب سوى المتهم (م) والمغدور "وفي هذه الأثناء حصلت الطعنه" وان المتهم (م) أول من شاهد الدم على يده اليمنى التي كان يحمل بها الخنجر... وان المتهم (م) طلب من المتهم الثاني (ج) إخفاء الخنجر وعندما أعطاه الخنجر كان يلهث ولم يكن طبيعي وكان وضعه النفسي غير جيد وقال له احتمال أن تكون الضربة أي ضربة (ن) من الخنجر وبعد وصول المغدور إلى المستشفى حصلت الوفاة وقد ورد في تقرير الكشف على الجثة وشهادة الدكتور زياد محفوظ أن سبب وفاة المغدور هو إصابته بطعنه واحده مباشرة للقلب بأداة حاده ذو حافيتين حادتين نافذة للتجويف الصدري من الجهة اليسرى ما بين الضلع
الخامس والسادس مما أدى إلى إصابة عضلة القلب وحدوث صدمه نزفيه أدت إلى الوفاة وانه لا يوجد سوى طعنه في جسم المغدور وانه لا يمكن أن تكون انتحارية أو أن تكون نتيجة لوح زجاج.
نجد أن محكمة الموضوع بعد أن استخلصت تلك الوقائع الثابتة وأوردتها في مضمون قرارها فكان يقتضي تطبيق حكم القانون على هذه الوقائع إلا أنها عادت وذهبت منحا آخر وتبنت واقعه جديدة تناقضت مع ذاتها تناقضا جوهريا لما أثبتته سابقا بطريقه لا تتفق وأحكام القانون ودون أي سند قانوني وشرعت في سرد مواد قانون الإجراءات الجزائية التي تعطيها الصلاحية التقديرية بذلك كما استأنست بمجموعه قرارات صادرة عن محكمة النقض المصرية والتمييز الأردنية وكذلك القرائن والاستنتاجات رغم وجود أدلة تكفي لبناء حكم عليها.
وفي هذا الخصوص نجد أن القاضي حر في تكوين قناعته في الدعوى من أي دليل يجده في أوراقها طالما أن المشرع أطلق له حرية الاقتناع بما يراه إلا أن هذه الحرية لا تعني السلطة المطلقة غير المحددة بل هي مقيدة بضوابط وان من حق محكمتنا التصدي لجانب الوقائع في نطاق معين هو الرقابة على كفاية الأسباب الواقعية والرقابة على صحة اقتناع محكمة الموضوع من حيث مصادر الاقتناع ومن حيث منطقية الاقتناع.
وان قناعة محكمة الموضوع بالبينه وان كانت لا تخضع لرقابة محكمتنا باعتبارها من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع إلا أنها تخضع لرقابة محكمتنا من حيث اعتبار الدليل دليلا قانونيا أم لا لان ذلك من المسائل المتعلقة بالتطبيقات القانونية ومن المعروف فقها وقضاء أن القرينة وان كانت تصلح لان تكون دليلا إلا أنها تعتبر من اقل البينات مرتبّة.
وبذلك لا يكفي أن تقنع المحكمة بتصور واقعه بل لا بد لها أن تبين الأدلة التي أدت إلى قناعتها ولا يكفي أن تورد في حكمها أن المتهم (م) قام بطعن المغدور مباشرة غيله وغدرا دون أن تسوق الدليل الذي اعتمدته وادي إلى قناعتها مما يشوب حكمها بعيب القصور في التعليل وإيضاح الدليل المؤدى إلى القناعة.
وبذلك تجد محكمتنا انه لا بد للوقوف على الحقيقة من خلال الواقعة الجديدة التي توصلت إليها محكمة الدرجة الأولى وأخذت بها محكمة الاستئناف على ضوء ظروف وملابسات هذه الدعوى وباقي بينات النيابـة العامـة والدفاع وكافـة الضوابط والتقاريـر وتقـرير الكشـف على مكان الجريمـة وتقـرير

الكشف على جثة المغدور ومن خلال تدقيق محكمتنا لتلك البينات نجد أن تلك الواقعة تنطوي على تناقضات جوهرية للوقائع الثابتة التي توصلت إليها سابقا وان تلك الواقعة لم ترد عليها البينة ولم يرد لها ذكر في أقوال المتهم (م) في مراحل ضبط أقواله المختلفة أمام الشرطة والنيابة العامة عن وقائع الجريمة طالما وحسب ما اشرنا سابقا من أن أقواله هي البينة الوحيدة الأساسية على الوقائع المباشرة للجريمة ونعرض ذلك بصورة خاصة القصد الجرمي (النية الجرمية) حيث أن المتهم الطاعن لم يعترف بأنه كان قد طعن المغدور عن قصد ولم ترد أية بينه على ثبوت هذا الركن.
وان قول محكمة الموضوع بأن المتهم (م) طعن المغدور طعنه واحده غيله وغدرا هو قول لم تدلل المحكمة على ثبوته بأي بينه وان مثل هذا الاستنتاج الذي لم يسبقه ما يدعمه أو يسبغ عليه المنطق له نتائج خطيرة على مصير المتهم مما لا يمكن قبوله إلا بدليل قاطع ويقيني ولا يجوز للمحكمة افتراض الوقائع من أقوال المتهم أو شهادات الشهود إلا ما يرد على ألسنتهم بوضوح وخصوصا الوقائع التي تضر بمصلحة المتهم ويتضح ذلك من الآتي:-
أن الثابت من أوراق الدعوى أن المغدور عندما حاول الاقتراب من المتهم (م) قام بفتح جرار المكتب واستل منه الخنجر الذي كان موجودا من السابق وان المتهم (م) مسك الخنجر في يده اليمنى حيث كان يقف خلف طاولة المكتب ولم يطعن المغدور مباشرة وإنما طلب منه الخروج إلا انه رفض وان المغدور هجم على المتهم (م) الذي قام بعبط المغدور والخنجر لا زال بيده اليمنى وتدافعا إلى أن وصلا باب المكتب الرئيسي حيث صدم المغدور في الباب الذي له فواحات من الزجاج مما أدى إلى كسر الزجاج عندها قال المغدور للمتهم (ترفع علّي سكين) وفي هذه الأثناء حصلت الطعنه وهذه الوقائع الثابتة هي التي استندت إليها المحكمة في البنود (1، 2، 3، 4، 5، 8، 9) وهي مناقضه للرواية الثانية والتي جاءت على النحو التالي (... عندما حاول المغدور الاقتراب من المتهم الأول (م) قام بسحب الخنجر من جرار المكتب وامسك الخنجر بيده اليمنى ورفعه على المغدور وان المغدور حينها قال له ترفع علّي سكين وان المتهم كان يقف أمام المغدور وجها لوجه وبيده اليمنى السكين... وان المتهم (م) طعن المغدور غيله وغدرا...
لقد ورد في تقرير الكشف على مسرح الجريمة المبرز (ن/1) وجود كسر في زجاج باب المكتب الرئيسي وتحطيمه على الأرض مما يثبت واقعة العراك والتدافع بينهما إلى أن وصلا الباب المذكور بما يتفق وأقوال المتهم.
أن الثابت من خلال الكشف الظاهري على جثة المغدور المبرز (ن/3) وشهادة منظمة الدكتور زياد محفوظ والملف الطبي الخاص به أن سبب وفاة المغدور (ن) هو إصابته بطعنه واحدة مباشرة للقلب بأداة حاده ذو حافتين حادتين نافذة للتجويف الصدري من الجهة اليسرى ما بين الضلع الخامس والسادس مما أدى إلى إصابة عضلة القلب وحدوث صدمه نزفيه أدت إلى الوفاة وان الجرح الموجود على جثة المغدور هو من النوع الطعني ولا يمكن أن تكون طعنة انتحارية أو أن تكون نتيجة لوح زجاج وهي شهادة تنصب على خبرة فنيه فيما يتعلق بطبيعة الإصابة ومكان وجودها في جسم المغدور ومدى خطورتها عليه وسبب الوفاة ولا يجوز نقضها إلا بخبره فنيه مساوية لها أو اقوي منها ولم يرد في تقرير الكشف الظاهري على جثة المغدور المبرز (ن/3) أية إشارة للكيفية أو الهيئة التي كان يقف بها المتهم (م) وكيفية تنفيذ الجريمة وان كانت الطعنه قد أصابت المغدور من الأمام في صدره الأيسر وان الشاهد المذكور لم يقم بتشريح جثة المغدور وبالتالي فإن شهادته تنحصر حول تقريره الطبي المنظم من قبله بصفته طبيبا شرعيا وليس خبيرا لبيان تلك الواقعة لما لها من أهمية في التطبيقات القانونية وان العبارة التي وردت في أقوال الشاهد أمام المحكمة من أن الطاعن كان يقف أمام المغدور اتجاه الضربة كان مباشرا إلى القلب لا ينفي وقوع العراك والتلاحم بين المغدور والمتهم (م) والتدافع إلى أن وصلا إلى باب المكتب.
وعليه وحيث وان كان توافر عنصر القصد الجرمي (النية الجرمية) من عدمه يدخل ضمن صلاحية محكمة الموضوع إلا انه يشترط أن يكون الاستخلاص سائغا تؤيده ظروف الدعوى ووقائعها وحيث أن ظروف الدعوى ووقائعها على ضوء ما سبق بيانه لا يؤدي إلى ما توصلت إليه لأنها استخلصت قناعتها الثانية من استنتاجات لا تكفـي للوصول إلى النتيجـة التي خلصت إليها وهو نفي لدليل ثابت في أوراق الدعـوى فيكـون القـرار المطعون فيه في غير محله وهاذين السببين يردان عليه مما يستوجب نقضه من حيث وصف التهمة المسندة للمتهم الطاعن (م) والعقوبة المحكوم بها.

وبتطبيق القانون على الوقائع الثابتة المشار إليها سابقا نجد أن المشرع عندما قرر إباحة الدفاع الشرعي جعله سببا من أسباب التبرير الرئيسية إنما هدف بذلك إلى مقاومة العدوان ومنعه والتخلص منه وليست إباحته من اجل الانتقام من المعتدي أو معاقبته ولذلك فإن على المدافع أو المعتدى عليه أن يلتزم بحدود هذا الحق ولا يفرط في ممارسته.
وقد نصت المادة (60/3) من قانون العقوبات انه إذا وقع تجاوز في الدفاع أمكن إعفاء فاعل الجريمة من العقوبة في الشروط المذكورة في المادة (89) من ذات القانون.
والتي نصت على انه (لا يعاقب الفاعل على فعل ألجائه الضرورة إلى أن يدفع به في الحال عن نفسه أو غيره أو عن ملكه أو ملك غيره خطرا جسيما محدقا لم يتسبب هو فيه قصدا شرط أن يكون الفعل متناسبا والخطر).
وتجاوز حدود الدفاع الشرعي لا ينشأ إلا إذا كان هذا الحق مستوفيا جميع الشروط التي نص عليها القانون.
فلا يصح القول بتجاوز الحق إلا مع وجوده وقيامه فإذا ما وقع من المدافع عنف لرد العدوان متناسبا مع خطره كان هذا العمل مبررا تبريرا تاما أما إذا ما وقع كان أكثر من الرد اللازم لدفع الاعتداء فانه يكون معتديا بالقدر الذي يتجاوز به حقه في الدفاع.
ويقصد بالتجاوز: أن تكون أفعال العنف والقوة الصادرة من المعتدى عليه لرد العدوان قد تعدت مقدار خطر الاعتداء الموجه إليه من المعتدي بصوره يقدرها الإنسان العادي لو أحاطت به نفس الظروف والملابسات ويعاقب المدافع الذي يتجاوز حدود الدفاع الشرعي والناتج عن خطأ في التقدير بعقوبة الجريمة غير العمدية لوجود العذر ولانتفاء القصد الجرمي مما يعني انعدام التناسب بين قوة فعل الدفاع ومقدار خطورة الاعتداء وان لا يكون هذا الفعل قد تم عن قصد جنائي وسوء نية.
وبالتالي فإن أفعال المتهم (م) والحالة هذه لا تشكل جناية القتل القصد خلافا لأحكام المادة (326) من قانون العقوبات كما ذهبت في ذلك النيابة العامة في إسنادها ومحكمة الاستئناف في قرارها المطعون فيه وإنما تشكل أركان وعناصر جنحة القتل من غير قصد طبقا لأحكام المادة (343) من ذات القانون مما يتعين تعديل وصف التهمة المسندة له.

منطوق الحكم

لهذا كله واستنادا لما تقدم ودون حاجه لبحث باقي أسباب الطعن نقرر قبول الطعن موضوعا ونقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق لمصدرها محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة في ضوء ما بيناه.
جملة الصدور وتاريخ الفصل
حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 29/2/2012

القضاة في الصدور
الكاتــب الرئيــــس

الكاتب: nibal بتاريخ: الثلاثاء 13-11-2012 05:32 مساء  الزوار: 4045    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

إذا كُنْـتَ ذا رَأيٍ فَكُنْ ذا عَزِيمـةٍ. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved