||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :22
من الضيوف : 22
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35389739
عدد الزيارات اليوم : 17491
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 38 لسنة 97 فصل بتاريخ 1997/11/30

عدل عليا
38/97
بسم الله الرحمن الرحيم
محكمة العدل العليا المنعقدة في رام الله

المبادئ القانونية
محكمة العدل العليا هي الجهة المختصة بإصدار أوامر الإفراج عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشروع وفقاً للمادة 3 / ج من قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 1952، وما دام لم يثبت أن المستدعي المعتقل لم يصدر أي أمر بتوقيفه واعتقاله من جهة قضائية مختصة فإن تشبث النيابة العامة بالقول بعدم إختصاص محكمة العدل العليا يغدو غير وارد وواجب الرد.
وكالة المحامي المقام بموجبها الدعوى للإفراج عن المستدعي والموقعة من والد الموقوف المطلوب الإفراج عنه هي وكالة قانونية ولا يفقدها قانونيتها توقيعها من إبن المستدعي الموقوف ما دام أن الأمر يتعلق بدعوى موضوعها طلب إصدار أمر بالإفراج، ذلك أن الإدارة قد منعت المستدعي من توكيل المحامي للدفاع عنه بمنعها إياه من زيارته وأخذ وكالته مما أرغم ابنه على إعطاء الوكالة وتوقيعها.
النائب العام وبالرغم من كونه ممثل الجهة المستدعى ضدها الأولى إلا أنه وبذات الوقت خصم حقيقي في الدعوى بمعزل عن تلك الجهة التي قامت بالإجراء المطعون فيه ما دام أن هذا الإجراء وهو الإعتقال والتوقيف يضع النائب العام أمام واجبه القانوني بإعتبار أن النيابة العامة التي يرأسها هي الجهة المخولة قانوناً بإصدار أوامر القبض والتوقيف وهي المختصة بمراقبة تطبيق القوانين وتنفيذها.
لا يجوز القبض على أي انسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية، وحيث لا يوجد أمراً من سلطة مختصة بإلقاء القبض على المستدعي أو حبسه على ذمة أي تهمة ولم يرد ما يشير أن المستدعي قيد التحقيق أو المساءلة القانونية عن أي عمل يقال معه أن هناك ما يدعو إلى إستمرار توقيفه، فإن توقيفه يكون مخالفاً للقانون مما يستوجب إلغاء إجراء اعتقاله والإفراج عنه فوراً.
الديباجة
المستدعي: محمود إبراهيم محمود مصلح / عين سينيا وكلاؤه المحامون خضر شقيرات وشوقي العيسه وحسني كلبونة وهيثم القاضي منفردين ومجتمعين. المستدعى ضدهما: 1- السيد ياسر عرفات بصفته وزير الداخلية. 2- النائب العام في السلطة الفلسطينية.
الهيئة الحاكمة: برئاسة القاضي السيد سامي صرصور وعضوية القاضيين السيدين نصري عواد وهشام الحتو
القرار
الأسباب والوقائع
قدمت إلينا هذه الدعوى بتاريخ 23/9/97 ضد المستدعى ضدهما بالطعن في إجراء اعتقال المستدعي من قبل قوات المخابرات العامة في السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله بتاريخ 4/9/97 واستمرار احتجازه حتى الآن بناء على ذلك الاعتقال الذي تم – حسبما يدعي – بوجه غير مشروع ومخالف للأصول القانونية.
تستند الدعوى إلى القول بأن الإجراء المطعون فيه مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة وفيه مساس خطير بالحقوق الطبيعية والقانونية للمستدعي ، وهو مخالف للقانون والأصول ويشكل جرما معاقبا عليه وفيه مساس بحريته المضمونة بموجب القانون.
وفي الجلسة المعينة بتاريخ 29/9/97 حضر وكيل المستدعي الأستاذ خضر شقيرات وكرر لائحة الدعوى وقدم بينته الخطية المؤلفة من المبرزات ع/1 – ع/5، وشهد بعد القسم حول الظروف التي واكبت محاولته زيارة المستدعي في التوقيف من أجل الحصول على توكيل منه، وبين من خلال شهادته تلك كيف رفض طلبه هذا أكثر من مرة وما واجه من صعوبات في سبيل الحصول على ذلك التوكيل الأمر الذي اضطره إلى إقامة الدعوى بموجب وكالة موقعه من ابن المستدعي بتاريخ 15/9/97، وطلب بالنتيجة إصدار القرار التمهيدي بإلزام المستدعى ضدهما لبيان الأسباب الداعية لاعتقال المستدعي والاستمرار في اعتقاله وكذلك إصدار القرار بالزامهما بالإفراج عنه وكذلك السماح بزيارته في مقر المخابرات العامة في رام الله.
وبدأت التاريخ واستنادا لتلك البينات أصدرت هذه المحكمة قرارها بالأكثرية المتضمن ما يلي:
أن هذه الدعوى قدمت بموجب الوكالة المؤرخة 15 / 9 / 97 المعطاة من قبل ابن المستدعي وذلك نتيجة أحداث وممارسات شهد عليها المحامي خضر شقيرات، حالت دون مقابلته للمستدعي لأخذ توكيل منه يمكنه من إقامة الدعوى مما أدى في النتيجة إلى حرمان المذكور من حق له ضمنه القانون، وقد خلصت المحكمة (بالأكثرية) إزاء هذه المسألة إلى أن التوكيل بإقامة الدعوى هو توكيل صحيح سيما أن وظيفة محكمة العدل العليا العمل على تحقيق العدالة والعدل ومراقبة أي تجاوز للقانون تقوم به جهة الإدارة يحول دون ممارسة الفرد لحقوقه الأساسية التي كفلها القانون ، وقد أشرنا في حينه إلى قرار صادر عن محكمة العدل العليا الأردنية وهو القرار رقم 16/53 كسابقه ثابت فيها إجراء التوكيل من زوجة الموقوف في الدعوى الصادر فيها ذلك القرار بل وتقديم الدعوى من قبلها شخصيا.
2. تكليف النائب العام بصفته مستدعى ضده ثان وبصفته ممثلا للمستدعى ضده الأول ببيان الأسباب الداعية لاستمرار اعتقال المستدعي وعدم الإفراج عنه وفي حالة المعارضة بذلك التقدم بلائحة جوابية خلال خمسة عشرة يوما من تاريخ تبليغه لائحة الدعوى ومرفقاتها والقرار التمهيدي الصادر فيها.
وبتاريخ 23/10/97 تقدم مساعد النائب العام بصفته ممثلا قانونيا للجهة المستدعى ضدها بلائحة جوابية ورد فيها ما يلي:
أن دعوى الجهة المستدعية واجبة الرد لعدم صحة الخصومة لأن مخاصمة السيد الرئيس ياسر عرفات بصفته وزيرا للداخلية ليست في محلها ومخالفه لواقع الحال لأنه لا يتولى منصب وزير الداخلية وليس هناك ما يشير من قريب أو بعيد أنه هو الذي اصدر القرار المشكو منه سيما أن الخصومة لا توجه إلا لمصدر القرار الإداري المطعون فيه .
الدعوى واجبة الرد لانتقاء شرط المصلحة القانونية والتي تعتبر الأساس الذي تقوم عليه الدعوى حيث يجب على كل من يطعن في قرار إداري أن يبين له حقا قانونيا أخل به وأن من ليس له مثل هذا الحق لا يستطيع أن يلجأ إلى محكمة العدل العليا بطلب إلغاء هذا القرار.
الدعوى واجبة الرد لأنها مقامة ممن لا يملك حق إقامتها حيث أن مبادئ القانون تقضي بعدم سماع الطلبات والاستدعاءات التي تقدم لمحكمة العدل العليا من أجل إلغاء القرارات المشكو منها إلا إذا قدمت هذه الطلبات والاستدعاءات من الشخص الذي يلحقه إجحاف من تلك القرارات وهذا الأمر غير متوافر في الدعوى.
أن دعوى المستدعي واجبة الرد لعدم الاختصاص وهي مسألة أولية ينبغي النظر فيها ابتداء لأنها من حق القانون وليس من حق المتداعيين، وحيث أن قرار الاعتقال المزعوم في لائحة الدعوى غير قابل للطعن الإداري وإنما - على فرض وقوعه – هو من القرارات القضائية التي حدد لها القانون طريقا مهينا وثابتا للطعن فيها فان الدعوى مردودة لهذا السبب أيضا.
أما البنود 5- 9 من اللائحة الجوابية المذكورة فقد تضمنت على التوالي أن الدعوى غير مسموعة ولا تستند إلى أساس قانوني وهي مخالفة لأحكام الأصول والقانون وتفتقر إلى أية أسباب .
وقد طلب مساعد النائب العام بالاستناد لذلك رد دعوى المستدعي وإلغاء القرار التمهيدي الصادر فيها بتاريخ 29 / 9 / 97 .
وبالمحاكمة الجارية أمامنا بعد ذلك في جلسة 23 /11 /97 المنعقدة بحضور الطرفين كرر مساعد النائب العام ما جاء في لائحته الجوابية وصرح بأنه لا يرغب في تقديم بينات واكتفى بتقديم مرافعته الخطية
في حين ترافع وكيل المستدعي وطلب بالنتيجة تثبيت القرار التمهيدي الصادر في الدعوى وإصدار القرار بإلزام المستدعى ضدهما بالإفراج عن المستدعي فورا.
ونحن بالرجوع إلى لائحة الدعوى نجدها تتضمن الوقائع التالية :
المستدعي هو من سكان رام الله ، وبتاريخ 4/9/1997 قامت قوات من جهاز المخابرات العامة في رام الله باعتقاله من الجمعية الخيرية الإسلامية في رام الله عند صلاة العشاء وهو رهن الاعتقال لدى المخابرات العامة في رام الله حتى تاريخ تقديم هذه الدعوى.
إن اعتقال المستدعي تم بوجه غير مشروع لمخالفته الأصول القانونية واجبة الإتباع.
إن اعتقال المستدعي على الوجه المبين أعلاه هو اعتقال مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة .
إن استمرا احتجاز المستدعي على هذا النحو يشكل مساسا خطيرا بحقوقه الطبيعية والقانونية كما يلحق به ضررا شديدا على الصعيد النفسي والاجتماعي .
قام المستدعي بتاريخ 18 /9 /1997 بواسطة وكلائه بتقديم طلب إلى مدعي عام رام الله استنادا لأحكام المادتين 16 و 108 / 1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 61 يطالبون بالانتقال فورا إلى سجن رام الله لمباشرة المهام المنوطة به بموجب المادتين آنفتي الذكر.
بتاريخ 18 /9 /1997 تسلم وكلاء المستدعي رد مدعي عام رام الله المتضمن أن المستدعي غير موجود في سجن رام الله .
بتاريخ 21 / 9 /97 توجه المستدعي بواسطة وكلائه بطلب للمدعي العام العسكري بالخصوص المذكور حيث أفاد شفويا بأن الأمر لا يتعلق به ويخرج عن اختصاصه.
إن إجراءات اعتقال وتوقيف المستدعي جاءت مخالفة للقانون والأصول إذ أنه محتجز بدون مذكرة توقيف من أي جهة كانت فضلا عن أن هذا الاعتقال والتوقيف يشكل جرما يعاقب عليه القانون وأن استمرا اعتقال المستدعي غير القانوني من شأنه أن يضر به ضررا فادحا ويمس بحقوقه وحريته المضمونة بموجب القانون.
وبالرجوع إلى البينات التي قدمها وكيل المستدعي نجد أن هناك كتابا وجه لمدعي عام رام الله ( المبرز ع / 1 ) بتاريخ 15 /9 /97 طلب فيها وكلاء المستدعي من المدعي العام المذكور الانتقال الفوري إلى مقر المقاطعة ( مقر الاستخبارات العسكرية في رام الله ) وإجراء التحقيق اللازم بشان المستدعي الموقوف و/ أو المسجون و/ أو المحتجز بصفة غير قانونية والأمر بالإفراج عنه عملا بأحكام المادة 108 / 1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961 ، ونجد كذلك أن مدعي عام رام الله قد رد على هذا الكتاب بكتابه المبرز ع / 2 المؤرخ 18 /9 /97 يوضح فيه للجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة ومشيرا من خلاله إلى تاريخ الكتاب ع / 1 أن المستدعي المدعو محمود مصلح غير موجود في سجن رام الله، كما نجد أيضا أن وكلاء المستدعي قد تقدموا بالكتاب المبرز ع / 3 الموجه للمدعي العام العسكري يطلبون منه الإفراج الفوري عن موكلهم وبيان أسباب اعتقاله و/ أوامر اعتقاله أو الجهة التي أصدرت أمر

الاعتقال و /أو تزويدهم بذلك خطيا مرفقا بالسبب القانوني، وقد تضمن هذا الكتاب طلب الوكلاء المذكورين تبليغهم خطيا بالإجراءات المتخذة محتفظين بحقهم في اللجوء إلى المحكمة المختصة ضمانا لتنفيذ حكم القانون حسب الأصول، ونجد أيضا أن من ضمن البينات المقدمة تصريح مشغوع بالقسم موقع من المستدعي أمام المحامي الوكيل هيثم القاضي المصادق على ذلك التوقيع يتضمن تصريح المستدعي المذكور بصحة ما جاء في بنود الدعوى، هذا بالإضافة إلى شهادة وكيل المستدعي المحامي خضر شقيرات أمام المحكمة والتي جاء فيها بعد القسم القانوني ما يلي :
" منذ توكلي في القضية حاولت بموجب وكالة من ابن المستدعي زيارة موكلي واستخدام الوكالة للحصول على وكالة من قبل المستدعي ، توجهت إلى مقر المخابرات العامة في رام الله داخل المقاطعة من أجل الحصول على إذن لزيارة موكلي وأخذ وكالة منه وقد تم رفض وعدم الاستجابة لطلبي خلافا للقانون ، توجهت بعدها للمدعي العام العسكري والمدني لإبلاغهم بذلك ومحاولة الحصول على إذن لزيارة موكلي ولم يتم الاستجابة لطلبي وقد حاولت مرة أخرى زيارة موكلي صباح تقديم هذا الالتماس وطلب مني الحضور يوم الجمعة مع العائلة وليس بصفتي محامي ورفضت ذلك وبعدها قمت بتقديم الالتماس بناء على الوكالة الموقعة من ابن المستدعي صاحب المصلحة في الخصومة بسبب الظرف القصري والخارج عن إرادتي وإرادة موكلي وإرادة عائلة موكلي بالحصول على وكالة موقعة من قبل المستدعي نفسه ... حاولت زيارة موكلي من أجل الحصول على وكالة بعد ذلك أيضا وتم ترتيب موعد للزيارة وعند حضوري في الموعد تم رفض الطلب وإبلاغي بان المستدعي معتقل بموجب قانون الطوارئ الذي سيعلن بعد نصف ساعة عنه من قبل سيادة الرئيس وكان هذا بتاريخ 27 / 9/ 97 يوم السبت الساعة الحادية عشرة صباحا وتوجهت مرة أخرى صباح يوم الأحد ووافقت على مبدأ عدم زيارته والاكتفاء بتمرير الوكالة إلى المستدعي لتوقيعها منه وإعادتها لي وقد رفض طلبي هذا أيضا وإني أضع كل هذه الأمور أمام محكمتكم الموقرة لإصدار ما تراه مناسبا ... ) .
هذه هي مجمل الوقائع والادعاءات والأقوال التي أدلى بها ممثلا الفريقين في الدعوى والتي يتبين منها بشكل قاطع لم ينكره احد أن المستدعي موقوف في السجن نتيجة اعتقاله من قوات المخابرات العامة التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية .
التسبيب
والذي نراه بادىء ذي بدء ضرورة معالجة الدفوع التي أثارها مساعد النائب العام وجميعها دفوع شكلية طلب بالاستناد إليها رد الدعوى .
ونحن إذ نفعل نجد فيما يتعلق بدفع الدعوى لعدم الاختصاص أنه غير وارد إذ بالرجوع إلى لائحة الاستدعاء المقدم نجد أن المطلوب فيه هو إصدار أمر بالإفراج عن المستدعي الموقوف بوجه غير مشروع ، وثابت من نص المادة العاشرة فقرة 3/ ج من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 أن محكمة العدل العليا هي الجهة المختصة بإصدار أوامر الإفراج عن الموقوفين بوجه غير مشروع من قبل جهة قضائية ، وحيث لم يرد ما يثبت إصدار أمر بتوقيف واعتقال المستدعي من قبل أية جهة قضائية مختصة فان تشبث مساعد النائب العام بالقول بعدم اختصاص هذه المحكمة لهذا السبب يغدو في غير محله ونقرر رده .
أما بخصوص دفع الدعوى بالقول أنها واجبة الرد لانتفاء شرط المصلحة القانونية فإننا نجد على ضوء مرافعة مساعد النائب العام حول هذه المسألة أنه يقصد بذلك أن الدعوى مردودة لأنها مقدمة من محام لم توقع وكالته من المستدعي بالذات إنما من ابن المستدعي الذي لا يملك الحق في ذلك.
والذي نراه بخصوص هذا الدفع أن مساعد النائب العام ممثل الجهة المستدعى ضدها قد أبدى هذا الدفع دون الالتفات إلى طبيعة الطلب موضوع هذه الدعوى وهو طلبه بإصدار أمر إفراج عن شخص يدعي أنه موقوف بوجه غير مشروع ، ذلك أننا بالرجوع إلى ما تعرض إليه فقهاء القانون الإداري إزاء تقديم طلبات أوامر الإفراج عن الأشخاص الموقوفين من قبل جهات غير قضائية نجد أن إمكانية تقديم هذه الطلبات بالنيابة عن أولئك الأشخاص قائمة وتبررها قواعد العدل والإنصاف ولها أساسها القانوني والتاريخي ، وإذا ما عدنا إلى ما ورد في كتاب القضاء الإداري في الأردن للدكتور حنا نده نجده قد تعرض على ص56 وما بعدها لبحث الرقابة القضائية على أعمال الإدارة ومن خلال ذلك البحث إلى التطور التاريخي لتلك الرقابة وأشار من خلال ذلك إلى ما كان يتعلق بأوامر الإفراج حيث يقول على ص 60 من ذات المرجع ( ... وفي سنة 1679 صدر قانون أوامر الإفراج ويطبق هذا القانون على الأشخاص الموقوفين بتهمة، ويحق لهؤلاء الأشخاص أو أي شخص آخر بالنيابة أن يقدم طلبا للإفراج، فإذا اقتنعت المحكمة إن الشخص كان موقوفا بوجه غير مشروع تصدر مذكرة بدعوة الشخص الموقوف لديه المستدعي طالبه إحضار المستدعي مع بيان سبب توقيفه وإذا تبين للمحكمة أن الشخص موقوف بوجه غير مشروع تطلق سراحه فورا ... )
ونحن إذ نأخذ بهذا المبدأ انطلاقا من رؤيا تقوم على أساس منع الإدارة من التعسف في استعمال الحق ومخالفة القانون فإننا أيضا نستند في ذلك إلى اجتهاد صادر عن محكمة العدل العليا الأردنية سنة 1953 يتمثل في قرارها رقم 16 /53 الذي اشرنا إليه في قرارنا التمهيدي ، هذا القرار الصادر تاريخ 9 / 5 /53 في دعوى مقدمة من زوجة المستدعي الموقوف في سجن الجفر بالأردن لإخلائه من السجن وقد صدر هذا القرار في ظل قانون الدفاع الأردني حيث قضت محكمة العدل العليا في حينه بإلغاء أمر التوقيف المشكو منه وإخلاء سبيل زوج المستدعية رغم أن استدعاء الدعوى مقدم من الزوجة وليس من الموقوف بالذات ، كما أننا نرى أن ما يبرر الأخذ بهذا الاتجاه ما تقوم به الإدارة في أغلب الأحيان من وضع العقبات والعراقيل التي تحول دون قيام الموقوف بممارسة حقه الطبيعي والقانوني بتوكيل محام أو منع المحامي من زيارته كما هو الحال في هذه الدعوى التي ثبت من خلال البينات المقدمة فيها ( شهادة المحامي خضر شقيرات 2 – 4 ) إن الإدارة قد حرمت المستدعي من توكيل محام للدفاع عنه بمنعها للمحامي من زيارته واخذ وكالة منه مما أرغم ابنه على إعطاء تلك الوكالة .
نخلص من ذلك أن الوكالة المقامة بموجبها الدعوى هي وكالة قانونية وأن توقيعها من قبل ابن المستدعي الموقوف لا يفقدها قانونيتها هذه مادام الأمر يتعلق بدعوى موضوعها طلب إصدار أمر إفراج وبالتالي فان هذا الدفع مردود أيضا .
وفيما يتعلق بالدفع بعدم صحة الخصومة بداعي أن سيادة الرئيس لا يتولى منصب وزير الداخلية وليس هناك ما يشير إلى أنه هو الذي أصدر القرار المشكو منه فإننا نجد بادىء ذي بدء أن هذا القول على فرض صحته لا يبرر رد الدعوى عن النائب العام المستدعى ضده الثاني إذ فضلا عن أن النائب العام ممثل الجهة التي أصدرت القرار أو الإجراء المشكو منه أثناء المحاكمة إلا أنه وبذات الوقت هو خصم حقيقي في الدعوى بمعزل عن تلك الجهة التي قامت بالإجراء المطعون فيه مادام أن هذا الإجراء وهو الاعتقال والتوقيف يضع النائب العام أمام واجبه القانوني باعتبار أن النيابة العامة التي يرأسها هي الجهة المخولة قانوناً بإصدار أوامر القبض والتوقيف وهي المختصة بمراقبة تطبيق القوانين وتنفيذها ، ورغم ذلك فانه لم يقم بواجبه هذا ولم يبين لنا ما يشير إلى أنه قام بالفعل في مراقبة تطبيق القوانين وتنفيذها وما هو سبب تخلفه عن ذلك وبالتالي فإن طلبه رد الدعوى لعدم الخصومة على إطلاقه يغدو في غير محله ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وفيما يتعلق بمخاصمة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية فإننا بالرجوع إلى شهادة وكيل المستدعي المحامي خضر شقيرات ص 3 من الضبط نجده قد ذكر فيها بأنه ابلغ (( أن المستدعي معتقل بموجب قانون الطوارئ الذي سيعلن عنه بعد نصف ساعة من قبل سيادة الرئيس ... )) كما أن مساعد النائب العام وفي مرافعته الخطية ادعى بشكل غير مباشر أن الإجراء الذي تم بخصوص اعتقال المستدعي وتوقيفه هو عمل ما أعمال السيادة ، ونحن نتساءل على ضوء ذلك من هي الجهة الواجب مخاصمتها قانونا إذا كان اعتقال المستدعي قد تم استنادا إلى قانون الطوارئ أو على أساس اتخاذ السلطة إجراء تعتبره من أعمال السيادة ، إن الإجابة على ذلك توصلنا بالنتيجة إلى أن الخصومة في هذه الدعوى صحيحة بالكامل وبالتالي فان هذا الدفع غير وارد أيضا ونقرر رده .
نأتي بعد ذلك لمعالجة الدعوى من حيث الموضوع لنجد أن مساعد النائب العام ممثل الجهة المستدعى ضدها لم يأت بأي دفع موضوعي يدفع به ما ورد في لائحة الدعوى وأن الوقائع الواردة في تلك اللائحة قدمت بشأنها البينة التي نجدها كافية قانونا للقول بأن المستدعي موقوف خلافا للقانون والأصول وما تستوجبه النصوص القانونية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 61 من إجراءات يجب إتباعها لدى إلقاء القبض على الأشخاص وتوقيفهم ، سيما أن الأصل وفق نص المادة ( 103) من ذلك القانون أنه لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا ، ولا نجد في ملف الدعوى أية إشارة تدل على أن هناك أمراً من أي سلطة مختصة بإلقاء القبض على المستدعي أو حبسه على ذمة أي تهمة ، كما لم يرد ما يشير إلى أن المستدعي قيد التحقيق أو المساءلة القانونية عن أي عمل كان حتى يقال أن هناك ما يدعو إلى استمرار توقيفه حتى الآن .
نخلص من ذلك أن المستدعي اثبت عدم مشروعية اعتقاله وتوقيفه وأن وجوده في الاعتقال مخالف للقانون وأن النيابة العامة لم تقدم أي سبب مهما كان يبرر ذلك الاعتقال والتوقيف واستمرار المستدعي موقوفا في السجن دون إسناد تهمة إليه الأمر الذي نرى معه ضرورة إلغاء هذا الإجراء والإفراج الفوري عن المستدعي.
منطوق الحكم
وعليه فإننا نقرر قبول الدعوى وتثبيت القرار المؤقت الصادر فيها والحكم بإلغاء الإجراء و / أو القرار المطعون فيه والإفراج عن المستدعي فورا .

جملة الصدور والإفهام وتاريخ الفصل
قرارا صدر وتلي باسم الشعب الفلسطيني وأفهم بحضور وكيل المستدعي وممثل الجهة المستدعى ضدها مساعد النائب العام وأفهم في30 / 11 /1997 .
القضاة في الصدور والإفهام
قاضي
قاضي
الرئيس

الكاتب: nibal بتاريخ: الثلاثاء 06-11-2012 12:03 صباحا  الزوار: 1164    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

الشَّـكُّ مِفتـاحُ كُـل مَعْرِفَـةٍ.
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved