||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :40
من الضيوف : 40
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35348385
عدد الزيارات اليوم : 9169
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 25 لسنة 96 فصل بتاريخ 1996/8/18

عدل عليا
25/96
بسم الله الرحمن الرحيم
محكمة العدل العليا المنعقدة في رام الله

الديباجة
المستدعون: 1- فؤاد حسين عبد الرحمن عطيه/رفح 2- خليل سليمان موسى رمانه/ مخيم الجلزون 3- باجس خليل مصطفى نخله/ مخيم الجلزون 4- طلال عبد الكريم حسين السلك/ حي الزيتون/ غزه 5- فهمي جبريل عبد القادر المقيد/ مخيم جباليا 6- مصطفى محمد سليمان عطاري/ عرابه- جنين 7- محمد عبد العزيز محمد حمدان/بيت سير- رام الله 8- محمد محمد عبد الرحمن بعلوش/ مخيم خانيونس 9- زاهر إبراهيم أحمد صباح/ قفين- طولكرم 10- يزيد يعقوب حيدر أبو غوش/رام الله جميعهم موقوفون في سجن رام الله وكلاؤهم المحامون:- علي غزلان، أحمد الصياد، مروان الخطيب، إيليا تيودوري، أكرم سماره وخضر شقيرات منفردين ومجتمعين المستدعى ضدهما: 1- السيد الرئيس ياسر عرفات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وبصفته وزيراً للداخلية. 2- النائب العام.

الهيئة ألحاكمه:- برئاسة القاضي السيد أمين عبد السلام وعضوية القضاة السادة سامي صرصور ونصري عواد وشكري النشاشيبي وزهير خليل.

القرار

الأسباب والوقائع
هذه دعوى مقدمه من المستدعين ضد المستدعى ضدهما للطعن بالإلغاء في إجراءات اعتقالهم وتوقيفهم في سجن رام الله خلال شهر آذار لسنة 1996 حتى الآن كل حسب تاريخ اعتقاله وتوقيفه الموضح في لائحة الدعوى المتضمنة الوقائع التالية:-
1- المستدعون هم طلاب في جامعة بيرزيت حيث قامت قوات الأمن الفلسطينية باعتقالهم ونقلهم إلى سجن رام الله خلال شهر آذار سنة 1996، إذ أعتقل المستدعون من الأول إلى الخامس في 3/3/96 واعتقل المستدعيان السادس والسابع في 4/3/96 والمستدعي الثاني في 6/3/96 والمستدعي التاسع في 10/3/96 والمستدعي العاشر في 29/3/96 وجميعهم رهن الاعتقال في سجن رام الله حتى تاريخ تقديم هذه الدعوى.
2- إن اعتقال المستدعين تم بوجه غير مشروع لمخالفته الأصول القانونية الواجبة الإتباع.
3- إن اعتقال المستدعين على الوجه المبين أعلاه هو اعتقال تعسفي مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة.
4- قام المستدعون بتاريخ 19/5/96 بواسطة وكلائهم بتقديم طلب إلى مدعي عام رام الله استناداً إلى أحكام المادتين 16 و108/1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961 مطالبين المدعي العام المذكور بالانتقال فورا إلى سجن رام الله لمباشرة المهام المنوطه به بموجب أحكام المادتين آنفتي الذكر.
5- بتاريخ 23/5/96 تسلم وكلاء المستدعين رد مدعي عام رام الله المتضمن أن المستدعين موقوفين من قبل المدعي العام العسكري وليس من قبله ويطلب فيه مراجعة المدعي العام العسكري.
6- بتاريخ 9/6/96 توجه المستدعون بواسطة وكلائهم بطلب للمدعي العام العسكري بالخصوص المذكور حيث أفاد شفويا بأن الأمر لا يتعلق به ويخرج عن اختصاصه.
7- إن إجراء اعتقال وتوقيف المستدعين جاء مخالفاً للقانون والأصول إذ أنهم محتجزون بدون مذكرات توقيف من أي جهة كانت فضلاً عن كونه يشكل جرما يعاقب عليه القانون وإن استمرار اعتقالهم غير القانوني من شأنه أن يضر بهم ضرراً فادحا ويمس بحقوقهم وحريتهم المضمونة بموجب القانون.
وقد طلب وكلاء المستدعين في متن لائحة الدعوى إصدار القرار التمهيدي بإلزام المستدعى ضدهما بيان الأسباب الداعية لاستمرار اعتقال موكليهم الموقوفين بوجه غير مشروع ومن ثم إصدار القرار بالإفراج عنهم فوراً.
وبتاريخ 26/6/96 تقرر عملاً بأحكام المادة 257 من قانون أصول المحاكمات الحقوقية تكليف المستدعى ضدهما بيان الأسباب الداعية لاستمرار اعتقال المستدعين المذكورين وعدم الإفراج عنهم وفي حالة المعارضة في إلغاء إجراء التوقيف المطعون فيه التقدم عملا بأحكام المادة 258 من ذات القانون بلائحة جوابية خلال ثمانية أيام من تاريخ تبلغ لائحة الدعوى ومرفقاتها والقرار التمهيدي الصادر فيها.
تقدم النائب العام (المستدعى ضده الثاني) بلائحة جوابية ردا على الدعوى الأولى مؤرخه في 14/7/96 والثانية بتاريخ 22/7/96 قدمت بعد إجابة الطلب بتمديد المدة، وقد تضمنت اللائحة الجوابية الأولى ما يلي:-
الدعوى مردودة لانعدام السبب.
الدعوى مردوده لعدم انطباق الوقائع الواردة في البندين الثاني والثالث من لائحتها على الواقع ولهذا ينكر المستدعى ضدهما ما ورد في البندين المذكورين.
الدعوى مردودة كونها مقدمه إلى محكمة غير مختصة ذلك أن قرارات الاعتقال المزعومة في لائحة الدعوى غير قابله للطعن الإداري وإنما هي من القرارات القضائية التي حدد لها القانون الجزائي طرقاً خاصة للطعن.
أما اللائحة الجوابية الثانية فقد تضمنت ما يلي:-
المستدعى ضدهما ينكران الدعوى جملة وتفصيلاً.
دعوى المستدعين مردوده شكلاً لانعدام صفة المستدعي ضدهما في الخصومة ذلك أن التشكيل الوزاري للسلطة الفلسطينية جاء خلواً من تعيين وزير للداخلية وعليه فإنه لا يمكن الافتراض بأن المستدعى ضده الأول فخامة الرئيس ياسر عرفات هو وزير الداخلية إلا إذا احتفظ لنفسه رسمياً بهذا المنصب الوزاري وعرض ذلك ضمن التشكيل الوزاري وهو الأمر الذي لم يحدث وتفتقر أوراق الدعوى إلى إثباته.
إن اختصام النائب العام في الدعوى بصفته أصليه كما ورد في لائحتها جاء في غير محله وسابق لأوانه وبيان ذلك أنه وإن كان صحيحا أن النائب العام هو الذي يمثل الحكومة فيما يقام منها أو عليها من دعاوى فإن ذلك يقتضي أن يختصم النائب العام بصفته ممثلاً للجهة الحكومية التي اتخذت الإجراء أو القرار المطعون فيه..... وقد كان على المستدعين اختصام الجهاز الحكومي الذي قام بعملية القبض والاعتقال ويمثله النائب العام لا أن يختصم النائب العام دون الإشارة إلى الجهاز الذي أصدر القرار المطعون فيه، ومن جهة أخرى فإنه وإن كان من المسلمات القانونية أن النيابة العامة هي صاحبة الدعوى العمومية وإنها الجهة المخولة قانوناً بإصدار أوامر القبض والتوقيف وهي الجهة المختصة بمراقبة تطبيق القوانين وتنفيذها فإنه ينبني على ذلك أنه إذا ما وقعت مخالفة للقانون من أي جهاز حكومي فإن النيابة العامة تصبح جهة يشتكى عليها وليس مشكو ضدها فإذا ما راق للشاكي قرار النيابة في المسألة المطروحة عليها ينتهي الأمر أما إذا وجد في قرار النيابة حيفا أو إجحافا فعند ذلك يمكن اختصام النيابة بصفه أصليه وعلى ذلك فإن اختصام النائب العام سابق لأوانه وفي غير محله إذ لم تتلقى النيابة أصلا أي شكوى ولم تصدر بشأنها أي قرار.
الدعوى مردوده لانعدام السبب.
الدعوى مردوده لعدم انطباق الوقائع الواردة في البندين الثاني والثالث منها على الواقع.
الدعوى مردوده كونها مقدمة إلى محكمة غير مختصه ذلك أن قرارات الاعتقال المزعومة في لائحة الدعوى غير قابلة للطعن الإداري وإنما هي من القرارات القضائية التي حدد لها القانون الجزائي طرقاً خاصة للطعن.
وقد طلب النائب العام من خلال هاتين اللائحتين رد الدعوى وإلغاء القرار التمهيدي الصادر فيها بتاريخ 26/6/96 وتضمين المستدعين الرسوم والمصاريف.
وبالمحاكمة الجارية أمام هيئة المحكمة المؤلفة من خمسة قضاه كرر النائب العام ما جاء في اللائحتين الجوابيتين المذكورتين وصرح بأن ليس لديه أية بينة كما صرح وكيل المستدعين المحامي أحمد الصياد بعدم رغبته في تقديم أية بينة وترافع بعد ذلك النائب العام مطالباً برد الدعوى استناداً لما يلي:-
أن المستدعين لم يحددوا في لائحة الدعوى ماهية القرار المشكو منه وعن أي جهة صدر مما يجعل الخصومة غير متوفرة في الدعوى.
أن هناك جهالة تعتري الوصف السليم للقرار المشكو منه مما يجعل سبب الدعوى غير قائم ومنعدم أصلاً حيث أن الوقائع تشير إلى أن المستدعى ضدهما لم يصدرا أوامر الاعتقال المزعومة وهما ينكران ما ورد في السببين الثاني والثالث من لائحة الدعوى.
من جهة أخرى فإن أوامر الاعتقال والقبض هي بطبيعتها من الأوراق القضائية التي تصدر بناء على أوامر قضائية خاضعة للطعن أمام الجهات الجزائية وقد حدد قانون أصول المحاكمات الجزائية الوسائل والطرق لمثل هذه الطعون أمام المحاكم المختصة وكان على المستدعين اللجوء إلى تلك الطرق المتاحة لهم وبالتالي فإن الدعوى تكون غير مسموعة وسابقة لأوانها.
أما وكيل المستدعين فقد ترافع طالباً الحكم حسب لائحة الدعوى استناداً لما يلي:-
إن اعتقال المستدعين جاء مخالفاً لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية وان استمرار احتجازهم في الاعتقال لا يستند لأي نص أو إجراء قانوني سليم ويشكل بحد ذاته سببا كافياً وموجباً لإقامة الدعوى كما أن عدم قيام المدعي موجب لإقامة هذه الدعوى.
إن ادعاء النائب العام بأن المحكمة غير مختصة لنظر الدعوى لأن القرار المطعون فيه هو قرار قضائي وليس قرار إداري غير وارد حيث من الواضح أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء قضائي من قبل أية جهة قضائية بخصوص المعتقلين وبالتالي فإن توقيفهم هو إجراء إداري يجعل محكمة العدل العليا مختصه بنظر الدعوى وفق أحكام المادة العاشرة من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 52.

التسبيب
هذه هي الوقائع والادعاءات والأقوال التي أدلى بها ممثلاً فرقاء الدعوى والتي أثرنا وضعها بالتفصيل كما وردت في محضر المحاكمة كي يكون الأمر واضحاً بكافة جوانبه ولكي تكون أساساً للبت في الإجراء المطعون فيه وفق النصوص القانونية واجبة التطبيق ووفق ما تقتضيه العدالة مبادئ القانون.
إن من أهم الوقائع الثابتة أمامنا وهي الأساس الذي استندت إليه هذه الدعوى هو أن المستدعين هم من طلاب جامعة بيرزيت وقد تم اعتقالهم ونقلهم إلى سجن رام الله خلال شهر آذار سنة 1996 من قبل قوات الأمن الفلسطينية وما زالوا معتقلين هناك حتى الآن وقد أرفقت بلائحة الدعوى تصاريح مشفوعة بالقسم (المبرزات ع/1 – ع/13) تؤيد هذه الواقعة كما أن واقعة اعتقال المستدعين وتوقيفهم في سجن رام الله ثابتة أيضاً بموجب المبرز ع/3 وهو كتاب مدعي عام رام الله الموجه لوكلاء المستدعين بتاريخ 23/5/96 والمتضمن إعلامهم أنه قام بزيارة الأشخاص المذكورين "المستدعين" وتبين له أنهم موقوفين من قبل المدعى العام العسكري.
بناء على ذلك نجد بالأكثرية أن ما صرح به النائب العام في البند الأول في لائحته الجوابية الثانية من أن المستدعى ضدهما ينكران الدعوى جملة وتفصيلاً هو إنكار لواقعة اعتقال ووجود المستدعين في سجن رام الله وبمعنى آخر فإن النائب العام وعلى خلاف ما جاء في كتاب مدعي عام رام الله المبرز ع/3 المشار إليه آنفاً ينكر واقعة علمه بتوقيف المستدعين ووجودهم في السجن المذكور الأمر الذي نرى فيه مسلكاً خطيراً يوحي بأن هؤلاء الأشخاص أصبحوا في حكم المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم أو مكان وجودهم أو من قام بالقبض عليهم وفي هذا إشارة إلى وضع غير سليم قد يمس بالحقوق الأساسية لهم بل ويمس بالنظام والأمن العام بشكل صريح.
وقبل البحث في مدى قانونية اعتقال وتوقيف المستدعين وفق ما هو وارد من وقائع نرى أن نرد على ما أثاره النائب العام من نقاط شكلية طلب بالاستناد إليها رد الدعوى ونحن إذ نفعل ذلك نجد أن تشبث النائب العام بالقول أن الدعوى مردوده كونها مقدمه إلى محكمة غير مختصه بداعي أن قرارات الاعتقال المزعومة غير قابلة للطعن الإداري وإنما هي قرارات قضائية تخضع لطرق طعن منصوص عليها في القانون الجزائي هو قول غير وارد حيث لا نجد في ملف الدعوى ما يشير إلى أن أية جهة قضائية مختصة قد قامت بإصدار أوامر اعتقال أو توقيف ضد أي من المستدعين وطالما لا توجد أية قرارات قضائية باعتقال وتوقيف المستدعين في هذه الدعوى فإن هذه المحكمة تكون بصفتها المذكورة ذات صلاحية ومختصة بنظرها لتعلقها بطلب ينطوي على إصدار أوامر إفراج عن المستدعين الذين يدعون أنهم موقوفون بوجه غير مشروع وأن هذه الصلاحية منصوص عليها بصراحة في المادة العاشرة من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 52 التي منحت محكمة العدل العليا حق النظر في الطلبات التي تنطوي على إصدار أوامر الإفراج عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشروع وكذلك الطلبات المنطوية على إلغاء ما هو في حكم القرارات الإدارية المتمثلة في رفض أو امتناع السلطة الإدارية عن اتخاذ أي قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفاقاً للقوانين والأنظمة. أما القول بأن الدعوى مردودة لانعدام السبب فإننا بالرجوع إلى لائحتها نجد أن هناك ادعاء واضح ووقائع صريحة ومفصلة بوجود المستدعين موقوفين في سجن رام الله منذ شهر آذار سنة 1996، يطالبون بالإفراج عنهم ويدعون أن اعتقالهم وتوقيفهم تم خلافا للقانون، وبناء على ذلك فإنه لا يبقى أي تساؤل حول سبب الدعوى أو الادعاء أنها لا تستند إلى سبب وبالتالي فإن هذا الدفع غير وارد ولا يستند إلى أساس من الواقع.
أما فيما يتعلق بدفع النائب العام القائم على القول بأن الدعوى مردودة لانعدام صفة المستدعى ضدهما في الخصومة فإننا نعالجه بالأكثرية على النحو التالي:
أولاً: فيما يتعلق بمخاصمة النائب العام فإننا نرى بالأكثرية أيضا وهذا ما لا خلاف فيه أن النائب العام هو الذي يمثل الحكومة فيما يقام منها أو عليها من دعاوى، وفي هذه الدعوى بالذات بما تضمنته من وقائع نجد أن النائب العام بصفته هذه يجب أن يكون خصماً مدعى عليه فيها بمعزل عن ذكر الجهاز الحكومي الذي قام بالإجراء المطعون فيه ما دام أن هذا الإجراء يتعلق باعتقال أشخاص وتوقيفهم، وباعتباره رئيساً للنيابة العامة يعرف على أعمالها ووظائفها المبينة في القانون يكون خصماً مباشراً إزاء أي إجراء تتخذه الضابطة العدلية وهي بصدد ممارسة وظائفها ومن ضمن هذه الوظائف القيام بإجراءات الاعتقال والتوقيف التي تخضع لقيود يجب مراعاتها والعمل بموجبها وفق ما هو منصوص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية والذي سنأتي إلى ذكره لاحقاً. وبناء على ذلك فإننا لا نرى فيما أثاره النائب العام حول عدم صحة مخاصمته في الدعوى ما يسنده قانوناً.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن النائب العام يصرح بأن من المسلمات القانونية أن النيابة العامة هي صاحبة الدعوى العمومية وأنها الجهة المخولة قانونا بإصدار أوامر القبض والتوقيف وهي الجهة المختصة بمراقبة تطبيق القوانين وتنفيذها، والسؤال هنا ما هو الدور الذي قامت به النيابة العامة التي يمثلها النائب العام في هذه الدعوى بما يفرضه عليها القانون فإذا كانت هي المخولة قانونا بإصدار أوامر القبض والتوقيف فأين هي تلك الأوامر التي بالاستناد إليها تم اعتقال المستدعين وتوقيفهم؟ ثم أين هي الشواهد التي قدمتها على أنها قامت بالفعل بمراقبة تطبيق القوانين وتنفيذها منذ اعتقال المستدعين وخلال مدة توقيفهم وحتى الآن؟ أليس في عدم القيام بهذه الصلاحيات المخولة لها قانونا وامتناعها عن القيام بواجبها ما يجعلها مسؤولة وخصماً إزاء الإجراء المطعون فيه؟ أن كل ما أشرنا إليه بهذا الصدد كاف للقول بأن النائب العام هو خصم حقيقي ومباشر في هذه الدعوى وأن مخاصمة فيها بصفته المذكورة هي مخاصمة صحيحة.
ثانياً: فيما يتعلق بمخاصمة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وبصفته وزيراً للداخلية فإننا بالأكثرية أيضاً نقول أننا وإن كنا نرى أن في إقامة هذه الدعوى ضد النائب العام فقط ما يكفي وحده للقول بصحة الخصومة فيها دون التعرض لمخاصمة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بأي من الصفتين المذكورتين إلا أننا نرى في ذات الوقت أن إدراج وذكر اسم الرئيس كخصم في الدعوى نابع عن طبيعة الوضع الإداري للسلطة الوطنية الفلسطينية فيما يتعلق بأجهزتها الأمنية المتعددة التي تمارس كل منها وظائف قد تخرج عن اختصاصها وهي من خلال ذلك تتعامل وكأنها صاحبة الصلاحية في اتخاذ هذا الإجراء أو ذاك بحيث تكون النتيجة عدم معرفة الجهاز أو الجهة التي اتخذت ذلك الإجراء مما ينتج عنه إشكالا يؤدي إلى القول بأن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية باعتباره رئيساً عاماً وأعلى للأجهزة الأمنية هو المسؤول عن اتخاذ الإجراء الذي تم القيام به من قبل هذه الأجهزة ولعل هذا الأمر هو الذي دعى المستدعين إلى مخاصمة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية باعتباره الرئيس الأعلى المسوؤل عن تلك الأجهزة سيما أنه من الثابت أن المستدعين يدعون بأن اعتقالهم والقبض عليهم وتوقيفهم تم من قبل قوات الأمن الفلسطينية دون تعيين الجهاز الأمني الذي قام بهذا الإجراء وهذا وضع يقتضي النظر فيه والتعامل معه بجدية لتعلقه بتطبيق القانون وتنفيذه على الوجه الصحيح، وفي جميع الأحوال فإننا لا نرى في مخاصمة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في هذه الدعوى ما يؤدي إلى القول بعدم صحتها أو أنها مردودة لهذا السبب.
أما بخصوص ما أثاره النائب العام من أن المستدعين لم يحددوا في لائحة دعواهم ماهية القرار المشكو منه وعن أي جهة صدر، وأن هناك جهالة تعتري الوصف السليم للقرار المشكو منه مما يجعل سبب الدعوى غير قائم ومنعدم، فإننا لا نجد لهذا القول سنداً يؤيده ذلك أن وقائع الدعوى المبينة في لائحتها تشير بوضوح إلى أن الإجراء المطعون فيه هو اعتقال المستدعين وتوقيفهم خلافاً للقانون والأصول وأنهم محتجزون دون مذكرات توقيف من أي جهة كانت وأن هذا الإجراء يشكل جرماً يعاقب عليه القانون بمعنى أن الإجراء المطعون فيه هو رفض وامتناع الجهة الإدارية المختصة وهي هنا النيابة العامة الإفراج عنهم رغم طلبهم ذلك ورغم وجودهم موقوفين دون مذكرات توقيف منذ شهر آذار سنة 1996 وبالتالي فإن القول بعدم تحديد ماهية القرار المشكو منه في لائحة الدعوى وأن هناك جهالة تعتري وصف ذلك القرار غير وارد لأن امتناع الإدارة ورفضها الإفراج عن المستدعين هو في حكم القرار الإداري الذي يخضع للطعن أمام محكمة العدل العليا ما دام أن مرجع الطعن فيه يستند إلى مخالفة القوانين والأنظمة أو إساءة استعمال السلطة.
نعود بعد ذلك إلى بحث الدعوى من حيث الموضوع لنجد أن النائب العام لم يتقدم بأية بينة تشير إلى أن اعتقال المستدعين وتوقيفهم قد تم لما تقتضيه المصلحة العامة وفقاً للأصول والقانون وما تستوجبه النصوص القانونية الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 61 من إجراءات يجب إتباعها لدى إلقاء القبض على الأشخاص وتوقيفهم، ذلك أن الأصل حسب ما هو منصوص عليه في ا لمادة 103 من القانون المذكور أنه لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً، وفي هذا الصدد لا نجد في ملف الدعوى أي إشارة تدل على أن هناك أمراً من أي سلطة سواء كانت مختصة أو غير مختصة بإلقاء القبض على المستدعين أو حبسهم على ذمة أية تهمة.
ولا نجد أيضاً حتى بعد إلقاء القبض على المستدعين ولغاية إقامة الدعوى ما يشير إلى أنهم قيد التحقيق أو المساءلة القانونية عن أي عمل كان حتى يقال أن هناك ما يدعوا إلى استمرار توقيفهم حتى الآن.
على ضوء ما تقدم نخلص بالإجماع إلى ما يلي:-
أن المستدعين قد أثبتوا عدم مشروعية إجراء اعتقالهم وتوقيفهم من قبل قوات الأمن الفلسطينية منذ شهر آذار لسنة 1996 وأن وجودهم في السجن منذ ذلك التاريخ مخالف للقانون ومشوب بعيب إساءة استعمال السلطة.
أن النيابة العامة ممثلة بالنائب العام لم تقدم أي سبب مهما كان يبرر اعتقال المستدعين وتوقيفهم واستمرار وجودهم في السجن حتى الآن وهذا أمر من الواجب عليها تبيانه باعتبارها مسؤولة عن ذلك وفق أحكام القانون.

منطوق الحكم
لكل ما تقدم نجد أن إجراء اعتقال وتوقيف المستدعين في سجن رام الله منذ شهر آذار سنة 1996 حتى الآن قد تم دون سبب قانوني ومبني على إجراءات باطلة ومخالفة لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية الأمر الذي يستوجب إلغاء هذا الإجراء وبالتالي فإننا نقرر قبول الدعوى موضوعاً وإلغاء إجراء اعتقال وتوقيف المستدعين المطعون فيه والإفراج عنهم فوراً.

جملة الصدور والإفهام وتاريخ الفصل
قراراً صدر وتلي علنا باسم الشعب الفلسطيني بحضور النائب العام ووكلاء المستدعين وأفهم في 18/8/1996.
القضاة في الصدور والإفهام
قاضي مخالف
قاضي
قاضي
قاضي
الرئيس مخالف
قرار المخالفة
إننا نخالف الأكثرية المحترمة فيما ذهبت إليه من معالجتها لموضوع الخصومة إذ أن ما استقر عليه الفقه والقضاء أنه يتعين لمشروعية لائحة الدعوى مخاصمة مصدر القرار الإداري المطعون فيه وإلا ردت الدعوى شكلاً وقد قضت محكمة العدل العليا أن القاعدة في اختصام القرارات الإدارية هي توجيه الخصومة إلى الجهة مصدرة القرار التي تملك حق إلغائه أو تعديله أو إصداره في الوضع السليم أو من يمثل هذه الجهة لتلقي وجوه الطعن في قرارها والدفاع عنه ثم لانفاذ ما تقضي به المحكمة في شأنه ولا يجوز الخلط بين الخصم في دعوى الإلغاء وممثل الشخص المعنوي فيجب توجيه الدعوى إلى مصدر القرار الإداري وليس إلى ممثل الشخص المعنوي لأن التمثيل أمام القضاء يختلف تماماً عن الخصومة في دعوى الإلغاء (كتاب القضاء الإداري) للدكتور علي خطار شطناوي صفحة (497) وقد قضت محكمة العدل العليا في قراراها رقم 35/91 ص 356 من مجلة النقابة سنة 92 بأن القاعدة في اختصام القرارات الإدارية هي توجيه الخصومة إلى الجهة مصدرة القرار والتي تملك حق إلغائه وتعديله أو إصداره في الوضع السليم وعليه فلا تنتصب النيابة الإدارية خصماً للمستدعي الذي يطعن بقرار مدير الجوازات بسحب جواز سفره وبعدم تجديده لأن النيابة العامة الإدارية ليست هي التي أصدرت ذلك القرار.
ينبني على ذلك أن مخاصمة الرئيس السيد ياسر عرفات سواء بصفته رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية أو بصفته وزيراً للداخلية ليست في محلها لأنه لم يثبت أن فخامته هو الذي أصدر ذلك القرار كما لم يثبت أنه يتولى منصب وزير الداخلية الأمر الذي يستلزم وجوب رد الدعوى عنه لعدم صحة الخصومة.
أما مخاصمة النائب العام فإننا ومع تسليمنا بأن مخاصمته لا تجوز بصفته ممثلاً للجهة التي أصدرت القرار المشكو منه، إلا أن الوقائع الثابتة أمامنا أن المدعي أجاب وكلاء المستدعين بأن موكليهم موقوفون في السجن من قبل المدعي العام العسكري، وأن المدعي العام العسكري أجابهم شفوياً أن الأمر غير متعلق به ويخرج عن اختصاصه. فهل ينتصب النائب العام على ضوء هذه الوقائع خصماً في الدعوى؟
لقد نصت المادة (108) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بأن المدعي العام مسؤول عن الإفراج عن أي شخص موقوفاً بصورة غير قانونية ونصت المادة (13) منع بأن أعمال المدعين العامين وجميع موظفي الضابطة العدلية تخضع لمراقبته.
وحيث تبين أن المستدعين موقوفون من قبل بعض الأجهزة الأمنية بصورة غير قانونية فإن من المتوجب على النائب العام مراقبة ذلك والإيعاز للمدعي العام بالإفراج عنهم بصفته منوطاً به مراقبة أعمال المدعين العامين، وبما أن النائب العام هو الجهة التي تملك حق إلغاء قرار التوقيف ونظراً لعدم معرفة الجهة التي أصدرته فإن مخاصمته تتفق وأحكام القانون.
ولا يرد القول أن القرار المشكو منه قرار قضائي لأنه لم يثبت صدوره من جهة قضائية، ولا وفق إجراءات قضائية وأن محكمتنا مختصه بالنظر في هذا الطعن وفق نص المادة 10/3 (و، ج) من قانون أصول المحاكمات الحقوقية. على ضوء ما تقدم فإننا نرى رد الدعوى شكلاً عن المستدعي ضده الأول إلا أننا نتفق من حيث النتيجة مع أكثرية المحكمة في قرار قبول الدعوى موضوعاً بحق المستدعى ضده الثاني وإلغاء إجراء اعتقال وتوقيف المستدعين المطعون فيه والإفراج عنهم فوراً.
قراراً صدر علناً وأفهم في 18/8/1996.
القاضي مخالف
الرئيس مخالف

الكاتب: nibal بتاريخ: الثلاثاء 06-11-2012 12:05 صباحا  الزوار: 1170    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

أقلُّ النَّاسِ سـرورًا الحَسـود. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved