||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :34
من الضيوف : 33
من الاعضاء : 1
عدد الزيارات : 35359942
عدد الزيارات اليوم : 6482
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 12 لسنة 97 فصل بتاريخ 1997/7/12


بسم الله الرحمن الرحيم
لدى محكمة الاستئناف العليا بغزة
في الاستئناف الجزائي رقم 12/97
**************************
المبادئ القانونية
جرائم القتل تتميز قانونا بينة خاصة وهي القتل وإزهاق الروح مما يتعين معه على المحكمة استظهار القصد الخاص والأدلة التي تكشف عنه وتدل عليه، ذلك أن النية أو القصد أمر داخلي يبطنه الجاني ويضمره في عقله يصعب معه التثبت من وجوده لديه مباشرة بشهادة الشهود، الأمر الذي يجعل للمحكمة حرية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
الطريق الطبيعي لاستظهار القصد الخاص عند المتهم هو استنتاج المجهول من المعلوم وذلك بالإستناد إلى القرائن والمظاهر الخارجية التي تظهر النية، وإن أكثر القرائن والمظاهر الخارجية إظهارا لنية القتل لدى المتهم هي استخدامه وسيلة قاتلة بطبيعتها أو بكيفية استخدام تلك الوسيلة بتوجيه الضربات والطعنات في مقتل أو بكليهما.
إن قيام الجاني باستخدام المسدس وإطلاق النار منه على المتهم في مناطق قاتلة وإصابته في مقتل وفي ظروف كان يستطيع فيها التفكير وتقدير نتيجة فعله بعد إعداده السلاح لا يدع مجالا للشك في توافر نية القتل لدى الجاني.
إن مجرد وقوع تناقض في شهادات الشهود لا يمنع المحكمة من استنتاج الوقائع التي وقع التناقض بشأنها، وللمحكمة تقدير الشهادة الشفوية وعدالة الشهود باعتبار ظروف القضية والدلائل الأخرى.
الأصل أن يفسر الشك لمصلحة المتهم، ولما تولد الشك للمحكمة من تناقض أقوال الشهود وعدم قناعتها واطمئنانها لشهادتهم فقد أصابت في عدم الأخذ بها وبالتالي تبرئة المتهم.
الديباجة
أمام السادة القضاة: الأستاذ/ قصي العبادلة رئيساً وعضوية الأستاذين/ رضوان الاغا وحمدان العبادلة. وسكرتارية : نور فارس.

المستأنف : ع . ح. م / مسجون بسجن غزة المركزي. وكيله المحامي/ يونس الجرو. المستأنف ضده: الأستاذ/ النائب العام.


الحكم المستأنف: 1- الحكم الصادر من لدى محكمة الجنايات الكبرى الموقرة بغزة بتاريخ 24/2/1997م في القضية 9/96 والقاضي بإدانة المستأنف طبقاً للمواد 214،215،216، 23 عقوبات لسنة 36 عن التهمة الأولى والحكم عليه بالحبس المؤبد عن التهمة الأولى.
2- الحكم القاضي بإدانة المستأنف طبقاً للمادة 319 عقوبات لسنة 36 عن التهمة الثانية والحكم عليه فيها بالحبس مدة خمس سنوات مع النفاذ.

تاريخ تقديمه : 26/2/1997م. جلسة يوم: السبت/ 12/7/1997م. الحضور : حضر المستأنف ووكيله المحامي / يونس الجرو. وحضر وكيل النيابة الأستاذ / عبد الرحيم نصر. وحضر المستأنف ضده في الاستئناف 21/97 محمود أبو عواد. ========================

// القرار//

الأسباب والوقائع
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعه والمداوله قانوناً.
وحيث أن الاستئنافين قد حازا أوضاعهما القانونية فهما مقبولان شكلاً.
وحيث أن الوقائع تخلص في أن النيابة العامة قدمت المتهم المستأنف في الاستئناف رقم 12/97 ع. ج. م، والمستأنف ضده في الاستئناف رقم 21/97 ع . ج. م لدى محكمة الجنايات الكبرى في الدعوى رقم 9/69 مع أخرين متهمة أياهما بالتهم التالية:
أولاً: القتل قصداً وبالاشتراك طبقاً للمواد 214،215،216، 23 من قانون العقوبات لسنة 1936 ، ذلك أنهما قتلا قصداً وبالاشتراك المجنى عليه/ س.س.س. بأن بيتا النية على قتله وأعدا لتلك الغاية سلاحاً ناريا (كارلوجوستاف)، وما أن ظفرا به حتى أطلق المتهم الأول المستأنف محمد جدوع أبو عواد النار عليه بينما كان المتهم الثاني يناوله خزنات الذخيرة قاصدين قتله فاحدثا به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ثانياً: الحرق الجنائي طبقا للمادة 317 من قانون العقوبات لسنة 36 ضد المتهم المستأنف محمد جدوع أبو عواد، ذلك أنه قد أضرم النار في حظيرة المواشي المبينة الوصف والقيمة في المحضر مما أدى إلى نفق عدد من الحيوانات (سبع رؤوس من الماشية) قصداً وبوجه غير مشروع.
ثالثاً: تهم اخرى مبينة الوصف في لائحة الاتهام.
وحيث أن محكمة الجمايات الكبرى بعد الاطلاع على أوراق الدعوى وسماعها لمرافعة الطرفين وما أبداه من دفاع ودفوع قررت في جلستها المنعقدة يوم 24/2/1997 مايلي:
1-ادانة المتهم الأول ع . ج. م (المستأنف في الاستئناف 12/97) بالتهمة الاولى المسندة إليه في لائحة الاتهام (القتل قصداً) وبالتهمة الثانية( الحرق الجنائي) وبراءته من الاولى المسندة إليه في لائحة الاتهام (جرح شخص أخر) وحكمت عليه بمعاقبته بالحبس المؤبد عن التهمة الاولى والحبس لمدة خمس سنوات عن التهمة الثانية.
2-براءة المتهم الثاني ع . ج . م ( المستانف ضده في الاستئناف رقم 21/97) من التهمة الاولى المسندة إليه في لائحة الاتهام (الاشتراك في القتل).
3-إدانة جميع المتهمين الآخرين المبينة أسمائهم في لائحة الاتهام عدا المتهم الأول محمد جدوع أبو عواد بالتهم المسندة إلى كل منهم في لائحة الاتهام ومعاقبة كل واحد منخم لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب لكل منهم في صحيفة الاتهام.
وبنت محكمة أول درجة حكمها على أساس أنه قد ثبت لها من تدقيق الأوراق وبالدليل القاطع أن المتهم الأول ع.ج.م قد أطلق النار من سلاحه على المغدور سلامة من مسافة قريبة فأحدث فيه الإصابات المبينة في التقرير الطبي والتي أودت بحياته, وقد تأكد لها أن المتهم المذكور كان لديه القصد الخاص والنية لأزهاق روح المغدور والتصميم على قتله أو قتل أي فرد من أفراد عائلته, بانية ذلك على أساس أنه كان هناك خلافاً قائماً بين المتهم وعائلة المغدور وللإستعماله أداة قاتلة لطبيعتها ولأتخاذه موضعاً مريحاً بجلوسه على الأرض مستقيماً مرتكزاً مصوباً ومنشناً سلاحه تجاه المغدور ولأطلاقه النار دون إستثارة أنية وبتفكير هادئ ودون حدوث أهي مقاومة من عائلة المغدور وبالنسبة للتهمة الثانية (الخرق الجنائي) فقد بنت المحكمة حكمها عليه على أساس أن المتهم إعترف بها في التحقيقات الأولية وتعزز إعترافه بأقوال الشهود وتقرير الكشف والمعاينة.
وبالنسبة للمتهم الثاني محمود جدوع أبو عواد فقد بنت محكمة أول درجة قرارها ببراءته من تهمة الأشتراك في القتل المسندة إليه على أساس أن بينات النيابة العامة جاءت متناقضة, ذلك أن الشاهد ر.م شهد أنه لم يشاهد ج.م يناول ج.م أي شيئ بينما شهد س وأكد أن م أعطى ثلاثة أمشاط ذخيرة والمسافة بينهما 20-30 متر وشهد ب.ح أن المسافة كانت بين م وم 30-40 متر وشهد ب.أ أن م في تقديره تقريباً كان يعطي محمد مشاط ذخيرة وعليه لم تطمئن المحكمة إلى شهادتهم وأقوالهم لما إعتراها من وهن وشك مما جعل المحكمة تطرح شهاداتهم جانباً وتحكم ببراءة المتهم الثاني ع.ج.م مما هو مسند إليه.
وحيث أن قضاء محكمة أول درجة لم يلق قبولاً لدى المستأنف ج.م فتقدم بعريضة استئنافه لدى قلم كتاب محكمة الاستئناف العليا ضد الأستاذ/ النائب العام قيدت برقم 12/97 بنى فيه استئنافه على أساس ما يلي:-
أولاً: أن الوقائع التي استمعت إليها محكمة أول درجة تؤكد أن المجني عليه (المغدور) لا يمكن أن يكون قد قتل من مسافة بعيدة, وأن المكان الذي أطلق من المستأنف النار يبعد عن وجود المغدور مسافة مابين 30-40م.
ثانياً: أن التقرير الطبي الصادر عن الطبيب الشرعي أثبت أن المغدور قتل بعيار ناري واحد فقط أطلق من مسافة لا تزيد عن متر أو مترين وأن ذلك العيار أطلق بشكل إفقي.
ثالثاً: أن المستأنف أنكر التهم المسندة إليه في لائحة الاتهام لدى الشرطة وأمام قاضي التحقيق.
رابعاً: أن الجريمة وقعت قبل قدوم السلطة الوطنية وأن الشهود من أقارب المغدور وأن أقوالهم وشهادتهم تتناقض مع ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من وقائع.
وانتهى تالمستانف في صحيفة استئنافه – عن طريق موكله – إلى طلب الحكم ببراءته من التهم المنسوبة إليه.
كما وأن قضاء محكمة أول درجة بالنسبة للمتهم محمود جدوع لم يلق قبولاً لدى النيابة العامة فتقدم الأستاذ/ النائب العام يصحيفة استئنافه الماثلة لدى قلم كتاب المحكمة العليا قيدت برقم 21/97 ضد المستأنف عليه ع.ج.م بنى فيها استئنافه على أساس أن النيابة العامة قدمت في سبيل إثبات دعواها أمام محكمة أول درجة بينات كافية لإدانة المستأنف ضده ج.م بالتهمة المسندة إليه, حيث شهد عدد من الشهود منهم ش.س وب.ص وب.ح بأن المتهم المستأنف ضده كان يناول أخيه ذخيرة وأن حماد وسليمان أبو بريك سمع المتهم المستأنف ضده يقول لأخيه "طخه" ولأن شهادات شهود دفاع المتهم المستأنف ضده جاءت متناقضة, ولأن محكمة أول درجة لم تقم بأعمال وتطبيق أحكام نص المادة 23 من قانون العقوبات, وعليه تكون محكمة أول درجة قد استثنت بينات النيابة العامة خطئاً مما يجعل حكمها معيباً, وانتهى النائب العام في صحيفة استئنافه إلى طلب قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بفسخ حكم محكمة أول درجة وإدانة المتهم المستأنف ضده بالتهمة المسندة إليه في لائحة الاتهام وتوقيع العقوبة التي تتناسب مع الجرم الذي اقترفه.
وحيث أنه في الجلسة المحددة لنظر الاستئنافين يوم 9/6/97 طلب ممثل النائب العام ضم الاستئنافين رقم 12/97 و21/97 لنظرهما والسير فيهما معاً لوحدة الموضوع وقد استجابت المحكمة لطلب ممثل النائب العام وقررت ضم الاستئناف رقم 21/97 إلى الاستئناف رقم 12/97 لنظرهما والسير فيهما معاً لوحدة موضوعهما والحكم الصادر فيه.
وحيث أن وكيل المستأنف كرر ما جاء في صحيفة الاستئناف وأضاف في مرافعته الشفهية أن أقوال الشهود الذين إعتمدت المحكمة على شهادتهم تتعارض مع ما جاء في تقرير الصفة التشريحية حيث قرروا أن إطلاق النار على المغدور كان عن بعد وأن المسافة بين المتهم والمغدور كانت تتراوح ما بين 20-30م بينما قرر الطبيب الشرعي في تقريره أن النار أطلقت على المغدور عن قرب كما وأن أقوال الشهود جاءت متناقضة مع بعضها البعض يضاف إلى ذلك أن بعض الشهود قرروا في أقوالهم أن هناك عدة أشخاص في مكان الحادث كانو يطلقون النار بشكل عشوائي, وأن الطبيب الشرعي قرر أن إتجاه الطلقة كان أفقياً في جسم المجني عليه بينما يقرر الشهود أن المتهم كان يطلق النار وهو جالس على ركبة ونصف, مما يتوجب معه أن يكون إتجاه الطلقة من أسفل إلى أعلى في جسم المجني عليه وليس في إتجاه أفقي كما قرر الطبيب الشرعي, وإستطرد وكيل المستأنف قائلاً أن إطلاق النار حصل أثناء مشاجرة وكان هناك أشخاص آخرون يطلقون النار, مما يعنى أن نية القتل غير متوفرة لدى المتهم المستأنف وأما بالنسبة لتهمة الحرق الجنائي فقد إعترف بها المتهم إلا أنه لم يعثر على أي ماشية محروقة أو مسروقة وإنتهى في مرافعته إلى طلب فسخ الحكم المستأنف والحكم ببراءة موكله المستأنف ع.ج.م من التهم المنسوبة إليه, وتأييد حكم محكمة الجنايات بالنسبة للمستأنف ضده ع.ج.م القاضي ببراءته.
وحيث أن ممثل النيابة العامة رد على ما جاء في مرافعة وكيل المستأنف ع.ج.م قائلاً أن المستأنف اعترف في مراحل التحقيق أنه أطلق ثماني رصاصات وقد نتج عنها إصابة المغدور, وأن إدعاء وكيل المستأنف بوجود تناقض بين شهادات الشهود إدعاء غير صحيح حيث أجمع الشهود على أن إصابة المغدور كانت من الخلف نتيجة إطلاق المستأنف النار عليه, أما عن إتجاه الرصاصة في جسم المجني عليه فإنه لا يغير من الأمر شيئاً إذ أن الحادث وقع في أرض خلاء غير مستوية والطبيب الشرعي لم يعاين مكان الحادث عند كتابة تقريره ليعرف طبيعة الأرض, يضاف إلى ذلك أن المستأنف أثناء إطلاق النار لم يكن ثابتاً في مكان واحد وعليه فليس هناك تناقضاً بين أقوال الشهود وما ورد في التقرير الطبي الشرعي, وأضاف أن نية القتل كانت متوفرة لدى المتهم المستأنف محمد جدوع يؤكد ذلك ما قرره شهود النيابة من أنهم شاهدوا المتهم وهو ينشن عند إطلاقه النار على المغدور مما يؤكد توافر نية القتل والقصد الجنائي لدى المتهم واسترد وكيل النائب العام في مرافعته قائلاً أنه بالنسبة للمستأنف ضده ع.ج.م فإن النيابة قد أثبتت إشتراكه في جريمة القتل بشهادة الشهود الذين شهدوا أنه كان يناول أخيه المستأنف ج.م الرصاص ويشد من أزره.
وانتهى ممثل النيابة في مرافعته إلى طلب تأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم المستأنف ع.ج.م, وفسخ قرار محكمة أول درجة القاضي ببراءة المتهم المستأنف ضده ع.ج.م من تهمة الاشتراك في القتل المنسوبة إليه وإدانته عليها والحكم عليه بالعقوبة المناسبة.
وحيث أن المحكمة قررت حجز الدعوى لجلسة يوم 12/7/1997 للحكم فيها.
أولاّ: الاستئناف رقم 12/97 المرفوع من المستأنف ع.ج.م ضد النائب العام.
حيث أنه يبين من عرض ما تقدم أن واقعة الدعوى في صدد الاتهام المنسوب إلى المتهم محمد جدوع أبو عواد وفقاً لما استقر عليه يقين المحكمة ووجدانها في حقه أخذاً من الأدلة المقولية والفنية وغيرها من البينات التي تقدمت بها النيابة العامة في سبيل إثبات دعواها فإن حاصل الواقعة يخلص في أنه كان هناك قائماً بين المتهم ج.م وأقاربه من جهة وبين المغدور وعائلته من جهة أخرى على أرض, وأن هناك مشاجرة قد وقعت في صباح يوم الحادث بين العائلتين وأنه على أثر ذلك حضر المتهم مع آخرين إلى مكان وقوع الحادث وأخذ يطلق النار من سلاح كان يحمله وهو مرتكزاً على ركبة ونصف تجاه المغدور فأصابه بلإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد قرر عدد من الشهود أنه الوحيد الذي كان يحمل السلاح, وإذ كان ذلك فقد وجهت النيابة العامة إلى المتهم ع.ج.م تهمة القتل قصداً طبقاً للمواد/ 214, 215, 216 من قانون العقوبات لسنة 1936.
وحيث أن المادة 216 من قانون العقوبات تنص على أنه قتل شخص آخر عمداً:
أ-متى صمم على قتل ذلك الشخص أو على قتل أي فرد من أفراد عائلته أو فرد من أفراد العنصر الذي ينتمي إليه.....
ب-متى قتل الشخص بدم بارد دون إستثارة آنية في ظروف كان يستطيع فيها التفكير وتقدير نتيجة أعماله.
ج- متى قتل ذلك الشخص بعد أن أعد بذاته العدة لقتله أو قتل أي فرد من أفراد عائلته أو العنصر الذي ينتمي إليه....
وحيث أنه يبين من نص المادة السابق بيانها ومما استقر عليه القضاء في جرائم القتل أنها تتميز قانوناً بنية خاصة هي إنتواء القتل وإزهاق الروح لدى المتهم مما يتعين معه على القاضي أو المحكمة في مثل هذه الجرائم استظهار القصد الخاص والأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه, وذلك لأن القصد أو النية بطبيعتهما أمر داخلي يبطنه الجاني ويضمره في نفسه مما يصعب معه التثبت من توفره لديه مباشرة بشهادة الشهود مما يجعل للمحكمة حرية استخلاص نية المتهم وقصده من ظروف الدعوى وملابساتها, والطريق الطبيعي لاستظهار القصد الخاص لدى المتهم هو استنتاج المجهول من المعلوم وذلك بالأستناد إلى القرائن من وقائع الدعوى وأكثر القرائن والمظاهر الخارجية التي تظهر نية القتل هي إستعمال وسيلة قاتلة بطبيعتها أو كيفية إستعمالها بتوجيه الإصابة في مقتل أو هما معاً, أو علاقة الجاني بالمجني عليه وأسباب القتل ودوافعه وغير ذلك من الظروف والملابسات.
لما كان ذلك وبالبناء على ما تقدم فإن واقعة الدعوى بالصورة التي استقر عليها يقين هذه المحكمة من الظروف والملابسات التي سبقت أو صاحبت ارتكابها وكيفية تنفيذها والألة المستعملة فيها (كارلو جوستاف) وتصويب المتهم إلى مواضع قتل من جسم المجني عليه (المغدور) وإصابته في مقتل, وإطلاق النار على المغدور دون استثارة آنية من أحد وفي ظروف كان يستطيع فيها التفكير وتقدير نتيجة فعلته, بعد إعداده ذلك السلاح, فإن كل ذلك لم يدع مجالاً للشك لدى هذه المحكمة من أن المتهم المستأنف كان أضمر في نفسه وقصد قتل المغدور إزهاق روحه, وعليه تكون محكمة أول درجة قد أصابت جادة الحق والصواب فيما انتهت إليه في قرارها بإدانة التهم المستأنف محمد جدوع أبو عواد بتهمة القتل المسندة إليه في لائحة الاتهام ومعاقبتها له عليها بالحبس المؤبد.
كما وترى هذه المحكمة أن محكمة أول درجة قد أصابت فيما انتهت إليه في حكمها بإدانة المتهم المستأنف على تهمة الحرق الجنائي التي إعترف بها ولم ينكرها وتأيدت بشهادات الشهود والبينات الأخرى.
ثانياً: الاستئناف رقم 21/97 المرفوع من الأستاذ/ النائب العام ضد المتهم ع.ج.م.
الثابت من الأوراق ومما سبق بيانه أن النيابة العامة وجهت للمستأنف ضده ع.ج.م تهمة القتل قصداً وبالاشتراك مع أخيه ع.ج.م خلافاً للمواد 214, 215, 216, 23 من قانون العقوبات وذلك تأسيساً على أنه كان متواجداً في مكان الحادث وكان يناول أخيه المتهم الأول ج.م الذي كان يطلق النار من السلاح الذي كان يحمله, خزنات الذخيرة, مما يجعله شريكاً له في قتل المغدور سلامة سلام سلامة, وقد قضت محكمة أول درجة ببراءته من التهمة المسندة إليه على أساس أنها لم تطمئن إلى أقوال الشهود لما اعتراها من وهن وشك وتناقض, وطعنت النيابة العامة على هذا القرار مدعية أن البينات التي قدمتها كافية لأثبات التهمة قبل المتهم المستأنف ضده وأن محكمة أول درجة قد أخطأت في حكمها لاستثنائها هذه البينات وعدم الأخذ بما جاء فيها مما يجعل حكمها واجب الفسخ.

التسبيب
وحيث أن هذه المحكمة لدى اطلاعها على أوراق الدعوى وما قدمته النيابة العامة من بينات في سبيل إثبات التهمة المسندة للمستأنف ضده في لائحة الاتهام تبين لها أنها كما يلي:
قرر الشاهد أحمد بريك مبارك في أقواله أمام قاضي التحقيق أنه شاهد ع.ج بعينه يطلق النار على سلامة كما وشاهد أخيه ج.م يعطيه الذخيرة , ولدى سماع شهادته أمام محكمة الجنايات قال أنه لم يذهب إلى مكان الحادث وأنه سمع طخ ولا يعرف من الذي كان يطخ.
وقرر الشاهد سليمان محمد سلمى عرق في أقواله أمام قاضي التحقيق أنه شاهد ج.م يطلق النار من سلاحه وشاهد أخيه م يعطيه ذخيرة ثم عاد وقال في أقواله" بعدين قالوا محمود الذي يعطي الذخيرة وأنا لم أعرف قبل وأنا على شوف زوله بأقول أنه م...." ولدى إدلائه بشهادته لدى إمام محكمة الجنايات قال أنه شاهد محمد يطخ في الهواء وأحياناً ينشن ولم يذكر في شهاته شيئاً عن محمود.
وقرر الشاهد سالم إشتيان وأكد أمام قاضي التحقيق أن م كان معه كارلو ويطلق النار وأن أخوه م كان يعبئ ذخيرة ثم عاد وقال "يمكن يعبئ ذخيرة في جيوبه وأنا لا أعرف لماذا كان يعبئ ذخيرة وأن أخوه م عبأ مرتين..." وفي أقواله لدى محكمة الجنايات قال أنه شاهد ج.م يطخ سلامة وأن م كان يعبئ له ذخيرة رصاص في الخزنة، وأنه شاهد م أعطى م ثلاث مشوط، واستطرد قائلاً أن المسافة بين م وم كانت ما بين 20 إلى 30م !!.
وقرر الشاهد حماد سليمان حماد بريك أمام قاضي التحقيق أن م كان يطلق النار وهو جالس على ركبة ونصف وكان أخيه يناوله سبيرات، ولدى محكمة الجنايات قال أن م كان يطلق النار وأصاب المغدور س وأنه سمع أخيه م يقول لأخيه م طخه وأنه كان يعبئ له الرصاص.
وقرر الشاهد ب.س.أ لدى قاضي التحقيق أن م كان يطخ وم كان يناوله سبيرات من كيس أسود، وقال أمام محكمة الجنايات أن م كان معه كيس أسمر وكان يناول أخيه محمد تقريباً ذخيره أنه رأى السبير.
وقرر الشاهد معيوف غانم أنه شاهد شخصاً كان يحمل كارلو ويطلق النار ولم يعرف من هو ولم ير أحداً يناوله ذخيرة.
وقرر شهود الدفاع خ.ز.س وش.س.ج وع.م.ص وس.م –بعد حلفهم اليمين- أنهم شاهدوا ع.ج.م يطلق النار من سلاحه ونفوا جميعاً مشاهدتهم للمتهم ج.م يناول أخيه م ذخيرة في مكان الحادث كما ونفوا وجوده في مكان الحادث.
وحيث أنه يبين مما تقدم أن هناك تناقضاً وخلافاً فيما قرره الشهود م.ب.أ وع.م.س وأ.س في شهاداتهم أمام قاضي التحقيق ولدى محكمة الجنايات كما سبق بيانه وقد نفى شاهد النيابة معيوف غانم مشاهدته لأحد يناول ج.م ذخيرة لأثناء إطلاقه النار من سلاحه وأيده في ذلك أربعة شهود من شهود الدفاع السابق ذكرهم.
وحيث أنه بالنسبة لشهادات شهود الاثبات ح.س.ص وب.س.ج وب.س.أ الذين قرروا في شهادتهم أنهم شاهدوا المتهم المستأنف ج.م يعطي أخيه ذخيرة فأن هذه المحكمة لا تطمئن إلى شهادتهم ذلك أنه بالإضافة إلى كونهم من خصوم المتهم المستأنف فأن هناك بعض التناقض والإختلاف في شهاداتم لدى قاضي التحقيق ومحكمة الجنايات فالشاهد ح.س.ص يقرر في أقواله أن م كان يناول م سبيرات وقال الشاهد ب.س.ج أمام محكمة الجنايات أن م كان يعبئ لأخيه الرصاص وأنه سمعه يقول له طخه وقال الشاهد ب.س.أ أن محمود كان يناوله م سبيرات من كيس أسود وفي أقواله أمام محكمة الجنايات قال أن م كان يناول أخيه م تقريباً ذخيرة وأنه رأى سبير.
وحيث أن المادة 11 من قانون البينات رقم 11 لسنة 1922 تنص على:"أن مجرد وقوع تناقض في شهادة الشهود لا يمنع المحكمة من استنتاج الوقائع التي وقع التناقض بشأنها.
كما تنص المادة/12 من نفس القانون على أنه "يعود للمحكمة تقرير الشهادة الشفوية وعداله الشهود باعتبار سلوك وظروف القضية وغير ذلك من دلائل الصدق التي تظهر أثناء المحاكمة........."
وحيث أنه طبقاً لأحكام المادتين السابقتين فإن محكمة الموضوع هي صاحبة الحق في تقدير شهادات الشهود ومدى عدالتها على أساس ما تلاحظه من تصرفات الشهود وظروف القضية ومن الدلائل الأخرى التي تظهر لها أثناء سير المحاكمة. وعليه ولعدم قناعة محكمة أول درجة وإطمئنانها لشهادة شهود الاثبات قبل المتهم المستأنف ضده للتناقض الواقع بينهما، مما أوجد لديها شكاً في صحتها، والأصل أن يفسر الشك لمصلحة المتهم.
وحيث أنه بالبناء على ما تقدم فإن هذه المحكمة ترى أن محكمة أول درجة قد أصابت جادة الحق والصواب فيما انتهت إليه في حكمها ببراءة المتهم المستأنف ضده من التهمة المسندة إليه للأسباب التي بنا عليها، مما يتعين معه رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به.

منطوق الحكم
فلهذه الأسباب
وباسم الشعب الفلسطيني
// الحكم//
حكمت المحكمة حضورياً بقبول الإستئنافين رقم 12،21/97 شكلاً، وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به على المستأنف ع.ج.م عن تهمة الحرق الجنائي (خمس سنوات) مع العقوبة المقضى بها عليه عن تهمة القتل قصداً (الحبس المؤبد)،

جملة الصدور وتاريخ الفصل
صدر هذا الحكم وتلى علناً بجلسة اليوم السبت الموافق 12/7/1997م.

القضاة في الصدور
عضو عضو رئيس المحكمة
(حمدان العبادلة) (رضوان الآغا) (قصي العبادلة)

الكاتب: yasmeen بتاريخ: الإثنين 19-11-2012 11:09 مساء  الزوار: 1287    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

لِكُلِ دَاءٍ دواءٌ يستطب به ***‏ إلا الحماقة أعيَتْ من يُداويِها.
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved