||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :11
من الضيوف : 11
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35407631
عدد الزيارات اليوم : 10746
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 86 لسنة 2009 فصل بتاريخ 2010/4/12

نقض جزاء
رقم:86/2009
السلطــــة الوطنيــــة الفلسطينيـــة
السلطــــة القضائيـــة
محكمــة النقض
" الحكـــــــــــــــــــــــــــم "
الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني.
الديباجة
الهيئة الحاكمة: برئاسة السيد القاضي/ سامي صرصور وعضوية السادة القضاة: محمد شحادة سدر، محمد سامح الدويك، خليل الصياد، عدنان الشعيبي
الطاعــــن: ا.م.ت وكيله المحامي وليد دويكات/نابلس المطعون ضده: الحق العام
الإجــــــــراءات
الأسباب والوقائع
بتاريخ 11/10/2009 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض القرار الصادر عن محكمة استئناف رام الله المنعقدة في نابلس بتاريخ 3/9/2009 في القضية الاستئنافية الجزائية رقم 32/2008 والمتضمن الحكم برد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف من حيث النتيجة الصادر عن محكمة بداية نابلس بتاريخ 9/3/2008 في القضية الجزائية رقم 38/2005 والمتضمن الحكم بادانة المتهم ا بالتهمة المسنده إليه وهي الخيانة خلافاً لاحكام المادتين 111، 112 من قانون العقوبات والحكم بوصفه بالاشغال الشاقه المؤقته مدة خمسة عشره سنة بعد منحه الاسباب المخففه التقديرية طبقاً لأحكام المادة 99/2 من قانون العقوبات.
وتتلخص أسباب الطعن بما يلي:-
القرار المطعون فيه مخالف للاصول والقانون.
أخطأت محكمة الاستئناف في قرارها المطعون فيه حينما رأت ان الطاعن قد أدلى بأقواله لدى النيابة العامة بارادته.
اثبتت البينة الدفاعية عدم وجود أي رابط بين الطاعن وبين ما اسند اليه.
أخطأت محكمة الاستئناف حينما قررت اعتماد الاجراءات التي تمت امام وكيل النيابة رغم استبعادها للافاده التي تمت امام جهاز الامن الوقائي لبطلان الاجراءات التي تمت.
أخطأت محكمة الاستئناف كونها لم تلتفت للكتب الصادره عن الصليب الاحمر.
لهذه الأسباب يطلب وكيل الطاعن قبول الطعن شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية وفي الموضوع نقض القرار المطعون فيه واعلان براءة الطاعن و/أو اجراء المقتضى القانوني.
بتاريخ 5/11/2009 قدم مساعد النائب العام مطالعة خطية طلب بنتيجتها رد الطعن شكلاً و/أو موضوعاً وتأييد القرار المطعون فيه.
التسبيب
المحكمــــــــة
بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد ان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية فنقرر قبوله شكلاً.
كما نجد ان النيابة العامة كانت قد احالت المتهم ا إلى محكمة بداية نابلس بصفتها الجنائية لمحاكمته عن تهمة الخيانة خلافاً لاحكام المادتين 111، 112 من قانون العقوبات، وتتلخص وقائع هذه الدعوى كما وردت باسناد النيابة العامة انه في شهر 3/2004 وأثناء قيام المتهم الاول ا بالقاء الحجارة في قرية صره تم القاء القبض عليه وأخذه إلى نقطة عسكرية عند بيت ابو صالح في قرية صره وطلبو منه التعامل معهم ووافق على ذلك، وفي اليوم التالي ذهب المتهم الاول ا واخذ معه المتهم الثاني م إلى النقطة العسكرية وقابلهم ضابط المخابرات الاسرائيلية وطلب منهم ان يقوموا بنقل اسماء الاشخاص الذين يلقون الحجارة وقاما بإبلاغ المخابرات عن اشخاص في قريتهم وهم ع.ص و م.ف وع.ش و م.ر و ص.ا و ز.ي و ب.ب و ح.ع حيث تم اعتقالهم من قبل الجيش الاسرائيلي ومازالوا رهن الاعتقال.
وكانا يأخذان مبالغ عن كل مره يبلغان فيها عن أشخاص إلى المخابرات الإسرائيلية وقاما أيضاً بالابلاغ عن شخص مسلح كان يحمل حزاماً ناسفاً كان موجوداً عند شقيق المتهم الثاني م حيث تم اعتقاله واعتقال شقيق المتهم م ويدعى م من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي وقد اعترف المتهمان بالتهمة المسنده اليهما.
باشرت محكمة البداية نظر الدعوى واستمعت إلى البينات المقدمة لديها من النيابة العامة والدفاع وباستكمال اجراءات المحاكمة وبتاريخ 9/3/2008 أصدرت قرارها في القضية الجزائية رقم 38/2005 والمتضمن الحكم بادانة المتهم ا بالتهمة المسنده اليه وهي الخيانة خلافاً لاحكام المادتين 111، 112 من قانون العقوبات والحكم بوضعه بالاشغال الشاقه المؤقته مدة خمسة عشرة سنة بعد منحه الاسباب المخففه التقديرية طبقاً لاحكام المادة 99 من قانون العقوبات.
لم يرتض المحكوم عليه ا بهذا القرار فقد طعن به استئنافاً وبتاريخ 3/9/2009 أصدرت محكمة استئناف رام الله قرارها في القضية الاستئنافية الجزائية رقم 32/2008 والمتضمن الحكم برد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف
لم يرتض المحكوم عليه أيضاً بهذا القرار فتقدم بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض القرار المطعون فيه للاسباب الوارده في لائحة الطعن والتي أوردنا ملخصاً عنها في مطلع القرار.
وفي الموضوع وعن اسباب الطعن
وبالنسبة للسبب الاول والذي مفاده تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق القانون على واقعة الدعوى حيث جاء حكمها المطعون فيه مخالفاً للاصول والقانون.
وفي ذلك نجد ان محكمة الاستئناف وبصفتها محكمة موضوع مقيده في حكمها بتطبيق القانون على الوقائع المطروحه امامها.
وان البينة المتوفرة حول تلك الوقائع، وكيفية ارتكابها، وتفاصيلها قد اقتصرت على اقوال المتهم في مراحل ضبط اقواله المختلفة.
فكان عليها ان تبحث الوقائع من جميع الوجوه وتقضي بما يثبت لديها غير مقيده بالوصف الذي جاء في اسناد النيابة العامة بل من واجبها ان تصف الواقعة بالوصف الصحيح الذي يسبغه القانون على ذلك الفعل طبقاً لمؤدى ومفهوم المادة 270 من قانون الاجراءات الجزائية ومن حقها في سبيل ذلك تقدير الدليل ومناقشته واستخلاص الواقعة من خلال اوراق الدعوى حتى تتمكن محكمتنا من بسط رقابتها على القرار المطعون فيه الامر الذي لم يتم في هذه الدعوى.
ونحن بدورنا نجد ان مناط الفصل في الدعوى يدور حول بيان فيما اذا كانت الافعال الماديه التي اقدم عليها المتهم الموصوفه بواقعة النيابة العامة استناداً إلى اعترافه والتي بنت محكمة الاستئناف حكمها على اساسها تشكل جناية الخيانة بالمعنى المنصوص عليه في المادتين 111، 112 من قانون العقوبات؟!!
وفي ذلك نجد ان الجريمة التي ادين بها الطاعن هي جناية الخيانة خلافاً لاحكام المادتين 111، 112 من قانون العقوبات وهي من الجنايات التي تستهدف أمن الدولة الخارجي.
ويطلق على مجموعة الجرائم التي تمس بشكل مباشر الدولة في وجودها واستمرارها وسيادتها على اراضيها ومواطنيها أو تنال من نظام الحكم فيها او تعرض للخطر مؤسسات الدولة الدستورية (الجرائم الواقعة على أمن الدولة).
وان هناك خلاف في النصوص والاحكام بين الجرائم الواقعة على امن الدولة الخارجي والجرائم الواقعة على امن الدولة الداخلي.
وان الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي تؤدي أو تساعد على الاعتداء على شخصية الدولة بصفتها شخص من اشخاص القانون الدولي وبالتالي فإن هذه النصوص تحمي الدولة في مصالحها او حقوقها في مواجهة غيرها من الدول وتحول دون المساس باستقلالها وسيادتها ووحدتها او زعزعة كيانها في المحيط الدولي فتلك الجرائم تهدد الدولة من حيث وجودها وكيانها الدولي ومركزها وصلاتها بغيرها من الدول.
أما الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي فهي التي تقع على نظامها الداخلي فهي جرائم موجهة إلى كيان الدولة الداخلي ومع ذلك فإن اختلاف هاذين النوعين من الجرائم من حيث الحق المعتدى عليه ومن حيث درجة الجسامه لا يعني فقدان الصلة بينهما، اذ ان بينهما رابطه قوية وتأثير متبادل، فصاحب الحقوق المعتدى عليها هو الدولة في الحالتين والاعتداء على النظام السياسي الداخلي قد يؤثر على مركز الدولة بين مجموعة الدول وقد ينال من هيبتها واحترامها بل قد يحدث خللاً في قوة مقاومتها لاعدائها كما ان المساس بسيادة الدولة يكون له رد فعل او انعكاسه على النظام السياسي الداخلي.
وتتبادر إلى الذهن كلمتا الخيانة والجاسوسيه بمجرد ذكر الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي، فقد استقرت لهاتين الكلمتين دلالتهما وحدودهما بفضل الجهود الفقهيه المضنيه التي تركت اثرها على التشريعات الوضعية.
وقد ميزت القوانين بين الخيانة والجاسوسية على اساس ان الخيانة اجرام تقع من مواطن أما الجاسوسية فتقع من أجنبي، فإذا كان الجاني قد اهدر واجب الولاء لوطنه فهو خائن ويعد بالتالي فعله خيانه أما اذا صدر الفعل عن اجنبي لا يرتبط بالدولة التي اضر بها بفعله رابطه الولاء والاخلاص عد فعله تجسساً أي ان الخيانة ماهي إلا العمل الاجرامي الذي يصدر عن شخص من المواطنين لمساندة دولة اجنبية او مساعدتها بقصد الاضرار بمصالح وطنية بينما التجسس فهو النشاط الاجرامي الذي يصدر عن الجاني بقصد اعانة دولة اجنبية على الاضرار بالمصالح الوطنية لدولة اخرى.
والأصل ان تكون قواعد التجريم دقيقه وواضحه لا تترك مجالاً للاجتهاد والتفسير وهذا ما يتفق مع مبدا الشرعية والذي بمقتضاه ان لا جريمة إلا بنص ( م/3 من قانون العقوبات) إلا اننا نلاحظ ان خطة المشرع فيما يتعلق بالجرائم الواقعة على أمن الدولة قد جاءت في كثير من الأحوال خاليه من الدقة والوضوح مما يترك مجالاً واسعاً للاجتهاد وسلطة تقديرية واسعة للقضاء وفي ادخال كثير من الافعال ضمن دائرة التجريم.
وقد نص قانون العقوبات على جرائم الخيانة في الفصل الاول من الكتاب الثاني في المواد من 110 ـ 117.
وبتحليل هذه الجرائم نجد انها تندرج تحت عدة اوصاف ومنها:-
دس الدسائس لدى دولة اجنبية لدفعها للعدوان ضد الاردن (م/111 من قانون العقوبات).
دس الدسائس لمعاونة العدو على فوز قواته (م/112 من قانون العقوبات).
فقد نصت المادة 111 من قانون العقوبات على انه:-
(كل أردني دس الدسائس لدى دولة اجنبية أو اتصل بها ليدفعها إلى العدوان ضد الدولة، او ليوفر الوسائل إلى ذلك عوقب بالاشغال الشاقه المؤبده واذا أفضى عمله إلى نتيجة عوقب بالاعدام).
يستفاد من هذا النص ان المشرع اشترط لقيام هذه الجريمة من جرائم الخيانة توافر الاركان التالية:-
الركن المفترض:-
وهو ان يكون فاعل الجريمة اردنياً أو أجنبياً ساكناً في الاردن فعلاً أو مقيماً فيه حسب التحديد القانوني التي نصت عليه المادة 117 من قانون العقوبات.
الركن المادي:-
لم يبين المشرع تعريفاً للدسائس ولا للتخابر او الاتصال ولقاضي الموضوع استخلاص الافعال التي ينطبق عليها وصف الدسيسه او الاتصال.
ويراد بالتخابر: التفاهم بمختلف صوره سواء حصل شفهياً او كتابةً صريحاً او رمزاً مباشرةً او بالواسطه وهذا المعنى اوسع نطاقاً من عبارة القاء الدسائس ومن الممكن ان يحتوي في معناه مدلول التخابر ومع ذلك لا يشترط لتمام الجريمة ان تقع اكثر من دسيسه او اتصال للقول بتوافر ركنها المادي انما يكفي دسيسه واحدة او تخابر واحد.
والأصل ان تقوم العلاقات بين الدول على مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الاخرى انما قد تتعارض المصالح بين الدول كما قد تتباين الايدلوجيات لكل منها وبذا تتخذ الدول من الاجراءات والاستراتيجيات التي تضمن بها مصالحها ومصالح شعوبها وقد يكون من بين تلك الاجراءات او الاستراتيجيات ما هو سري يحظر افشاؤه لعدم استثارة الدول الاخرى او لعدم استعدائها بالنظر لتعارض تلك المصالح مع مصالح الاخيره وقد يقع ايصال هذه المعلومات ضمن مفهوم عبارة (دس الدسائس) والتي وردت في النص اذا كان من شأن كشفها بالسر او العلن او ايصالها إلى دولة اجنبية مما يؤدي وضمن السير الطبيعي للامور وما يتفق مع العقل والمنطق إلى دفع الدولة الاجنبية لشن عدوان على البلاد.
وقد يلجأ الجاني في سبيل تحقيق اهدافه لدفع الدولة الاجنبية إلى العدوان على البلاد إلى استعمال اساليب المكر والخديعة وقد يلجأ في سبيل الوصول إلى غايته الخبيثه إلى اختلاق وقائع لا حقيقه ولا أصل لها إلا من نسج خيال صانعها.
ويشترط لتحقق الركن المادي لهذه الجريمة ان يكون دس الدسائس او الوشايه قد وقع لدى دولة اجنبية ومع ان اصطلاح دس الدسائس يوحي بالسريه والخفاء إلا ان ذلك ليس شرطاً لازماً لتحقيق هذا الفعل فكما يقع في سرية وكتمان فقد يقع بالجهر والمكاشفه.
والمقصود بالدولة الاجنبية: أي دولة غير الدولة الاردنية لا تقوم حالة العدوان بينها وبين الادرن فإذا قامت بينها وبين الاردن حالة الحرب المعلنه او المكشوفه اخذت تلك الدولة وصف الدولة المعاديه وعلى هذا فإن مجال اعمال نص المادة 111 من قانون العقوبات لا يكون في الغالب إلا في حالة السلم بين الدولة الاردنية والدولة الاجنبية.
وقد أضاف المشرع عبارة الاتصال مع الدولة الاجنبية لدفعها للعدوان على البلاد إلى عبارة دس الدسائس لدى الدولة الاجنبية، وان دس الدسائس قد لا يرقى إلى مرتبة الاتصال الذي يتم باحدى وسائل التخابر سواء الهاتفي او البرقي او باحدى الوسائل التي يكشف عنها التطور العلمي الحديث، ولكن يشترط ان يكون الجاني قد قام بنشاط لدى الدولة الاجنبية.
وان الاتصال مع وزراء الدولة الاجنبية أو موظفيها الرسميين سواء أكانوا عسكريين او مدنيين يدخل ضمن مفهوم الاتصال المباشر بمقتضى النص من اجل مباشرتها العدوان على البلاد.
فقد يتم الاتصال مع عملاء ألعدو ممن يتولون خدمة مصالح الدولة الاجنبية أو تستخدمهم الدولة الاجنبية لاعمال الاستخبار منهم ولا يشترط في هؤلاء ان يكونوا من جنسية الدولة الاجنبية فقد يحملون جنسية دولة غير الدولة التي يقدمون خدماتهم إليها وقد يكونوا مواطنين إنما يشترط في هذه الحالة ان يعلم الجاني بان من يتصل معه او يدس الدسيسه لديه يعمل لمصلحة الدولة الأجنبية التي يقصد استعدادها على البلاد.
ومهما يكن من أمر موضوع الدسيسه فهو يرتبط بالركن المادي لهذه الجريمة وهو قصد حمل الدولة الاجنبية على شن العدوان على البلاد.
ويقع الاتصال او دس الدسائس لمجرد حصوله ولا يتصور فيه الشروع فإما ان يقع أو لا يقع، وان الجريمة متى اكتملت بتوافر أركانها فلا مجال للقول بالعدول عن الاستمرار في دس الدسائس او الاتصال حيث ان المشرع لم يتطلب عدداً من الاتصالات مع الاعداء ولا تكراراً لدس الدسائس لدى الدولة الاجنبية.
الركن المعنوي:-
لا تكون هذه الجريمة إلا قصديه، حيث يلزم لتحقق ركن القصد فيها ان يتوافر لدى الجاني قصدان قصد عام وآخر خاص.
ويتمثل القصد الجنائي العام في مجرد اتجاه نيه الجاني إلى اتيان النشاط المتضمن للاتصال او الدسيسه اما القصد الجنائي الخاص فيتأتى في صورتين:-
ايقاع العدوان من الدولة الاجنبية على البلاد والذي يستند في اصله على أحد اشكال تحريض تلك الدولة على مباشرة العدوان ضد البلاد.
تتمثل في نية توفر وسائل العدوان لدى الدولة الاجنبية من أجل مباشرتها العدوان على البلاد.
ويكفي لقيام هذه الجريمة تحقق أي من الصورتين
فالصورة الاولى تفترض دفع الدولة الاجنبية إلى مباشرة العدوان على البلاد في حين الظروف الدولية لا توحي بذلك بينما توحي الصورة الثانية ان الدولة الاجنبية تضمر نوايا سيئة للبلاد وانها بحاجة إلى اختلاق الذرائع لمباشرة ما تنوي القيام به من عدوان.
فإذا انتفى أي من هاذين القصدين في صورتيهما فلا مجال لتطبيق احكام المادة 111 من قانون العقوبات.
ولا عبرة للباعث او الغاية البعيدة مادام الامر المتوخى هو مباشرة العدوان على البلاد او توفير وسائله وسبله اما اذا كانت الغاية من الاتصال او الدسيسه هو دافع شخصي بمعنى اذا فكر الجاني في مجرد تحقيق اغراض خاصة او تعريض المواطنين لاعمال ثأريه او انتقاميه تقع عليهم أو على اموالهم عندها يتم البحث عن نصوص اخرى في باب الجرائم الواقعة على أمن الدولة.
فلا تقع افعال الاتصال او دس الدسائس تحت مفهوم نص المادة 111 من قانون العقوبات ما لم تكن هذه الافعال في نظر الفاعل مراحل تقود الدولة الاجنبية في النهاية إلى شن العدوان على البلاد وهو في الاصل غايته البعيدة أو قصده الخاص.
كما نصت المادة 112 من قانون العقوبات على انه :-
( كل أردني دس الدسائس لدى العدو او اتصل به ليعاونه باي وجه كان على فوز قواته على الدولة عوقب بالاعدام).
ولهذه الجريمة ركنان: ركن مادي وآخر معنوي.
الركن المادي:-
يتمثل في النشاط المتضمن لدس الدسائس او الاتصال مع الاعداء وقد سبق لنا ان بينا مفوم ومدلول هذا النشاط عند البحث في اركان وعناصر الجناية المنصوص عليها في المادة 111 من قانون العقوبات مع انه يتضمن حيال هذه الجريمة خصوصية محدده، اذ يلزم ان يستهدف ألسعي او الاتصال معاونة الاعداء على فوز قواته على البلاد ولو لم تتحقق بالفعل هذه الغاية او لم ينجم عن دس الدسيسه او الاتصال عون فعلي للدولة المعاديه مادام الجاني قد استهدف تقديم العون.
والشروط المفترض في النشاط الهادف هو ان يكون لدى دولة معاديه أي دولة في حالة حرب مع البلاد.
الركن المعنوي:-
يلزم لقيام هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام المتمثل في قيام الجاني بدس الدسيسه او الاتصال بالاعداء او عملائه عن وعي وإرادة بالاضافة إلى توفر القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية معاونة العدو على فوز قواته.
فان تخلف أي من هاذين القصدين فلا مجال لتطبيق احكام المادة 112 من قانون العقوبات، فاذا فكر الجاني في مجرد تحقيق اغراض خاصة عندها يتم البحث عن نصوص اخرى في باب الجرائم الواقعة على أمن الدولة.
وبذلك فإن لهاتين الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 111، 112 من قانون العقوبات طبيعة مستقلة عن بعضهما البعض بحيث تشكل كل جناية اركانها وعناصرها الخاصة بها.
يتضح من كل ذلك ان الافعال الصادرة عن المتهم لا تشكل اركان وعناصر جناية الخيانة بالمعنى المنصوص عليه في المادتين 111، 112 من قانون العقوبات كما ذهبت في ذلك النيابة العامة في اسنادها ومحكمتي الموضوع في حكمهما وإنما تشكل بالتطبيق القانوني السليم سائر أركان وعناصر الجناية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 118 من قانون العقوبات.
وقد نص قانون العقوبات في المواد 118 - 123 على مجموعة من الجرائم تبدو حكمه التجريم فيها الحفاظ على الموقف المحايد من حرب دائرة بين دولتين وعدم تعكير الصلات مع دولة أجنبية او تعريض المواطنين لاعمال ثأريه او انتقاميه.
فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 118 من قانون العقوبات على هذه الصورة من صور التجريم حيث جاءت على النحو التالي ( من أقدم على اعمال او كتابات او خطب لم تجزها الحكومة فعرض المملكة لخطر اعمال عدائية او عكر صلاتها بدولة اجنبية او عرض الاردنيين لاعمال ثأريه تقع عليهم او على أموالهم).
ولهذه الجريمة ركنان أحدهما مادي والاخر معنوي:-
الركن المادي:
ويتمثل الركن المادي لهذه الجريمة في النشاط الايجابي المتمثل في الاقدام على القيام باعمال او كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة من شأنها ان تستعدي دولة أجنبية وتدفعها إلى احتمال القيام باعمال عدائية ضد البلاد أو أن تعكر صفاء العلاقات بين الدولة الاجنبية والدولة الاردنية أو قد تدفع الدولة الاجنبية أو رعايا تلك الدولة إلى القيام باعمال ثأريه انتقامية ضد المواطنين او ضد اموالهم.
وان طبيعة النشاط المجرم بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 118 من قانون العقوبات هي الاعمال، الكتابات، الخطب، والذي يهمنا في هذا الخصوص هو الاعمال، وان طبيعة الاعمال التي تصدر عن الجاني والتي تستعدي دولة اجنبية وتدفعها إلى احتمال القيام باعمال عدائية ضد البلاد أو قد تدفع الدولة الاجنبية او رعايا تلك الدولة إلى القيام باعمال ثأريه او انتقامية ضد المواطنين او ضد اموالهم لا تقع تحت حصر ولكن يشترط ان تكون تلك الاعمال غير مرخص بها من قبل الحكومة، فإذا اجازت الحكومة مثل تلك الاعمال فلا مسؤولية على الجاني انما يجب ان تكون اجازة الحكومة النافيه لصفة عدم المشروعية عن العمل صريحة وثابته.
الركن المعنوي:
يكفي لتوافر الركن المعنوي لهذه الجريمة القصد الجنائي العام ويقوم القصد الجنائي على عنصرين العلم والارادة.
حيث يتوافر القصد بعلم الجاني في ان الاعمال او الكتابات او الخطب التي يأتيها تثير حفيظه دوله اجنبيه وان الحكومة لم تجزها وبتوجيه ارادته إلى اتيانها.
ولا يشترط ان يتوقع الشخص من وراء اعماله أو كتاباته او خطبه تعريض البلاد لخطر اعمال عدائيه او انتقاميه او تعريض المواطنين لاعمال ثأريه او انتقاميه تقع عليهم او على اموالهم انما يكفى ان تكون تلك الاعمال او الخطب او الكتابات تحمل في طياتها احتمال العدوان او الانتقام سواء على البلاد او على المواطنين او على اموالهم.
وان ضابط التفرقه بين جنايتي الخيانة المنصوص عليهما في المادتين 111، 112 من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 118 من نفس القانون هو معيار الحق المعتدى عليه.
فصاحب الحقوق المعتدى عليها في جنايتي الخيانة هو الدولة في حين نجد ان الحقوق المعتدى عليها في الجناية الثانية هو الدولة او المواطنين أو اموالهم.
وبذلك تكون محكمة الاستئناف قد أخطأت في تطبيق القانون على الافعال الجرمية التي اقدم عليها المتهم والتي تشكل جناية بالمعنى المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 118 من قانون العقوبات الامر الذي يستوجب تعديل وصف التهمة المسندة للمتهم الطاعن.
وعليه فإن السبب الاول من اسباب الطعن يرد على الحكم المطعون فيه مما يتعين نقضه من حيث التكييف القانوني، وحيث توصلنا إلى عدم سلامة التطبيقات القانونية فإنه من السابق لاوانه البحث في قانونية العقوبة المحكوم بها الطاعن
منطوق الحكم
لهـــــــذه الأسبــــــاب
ودون حاجة لبحث ما ورد بباقي اسباب الطعن في هذه المرحلة نقرر قبول الطعن موضوعاً ونقض القرار المطعون فيه واعادة الاوراق إلى محكمة استئناف رام الله للحكم بها من جديد في ضوء ما بيناه اعلاه بهيئة مغايرة.
جملة الصدور وتاريخ الفصل
حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 12/4/2010
القضاة في الصدور
الكاتــب الرئيـــس

الكاتب: mais بتاريخ: الأربعاء 21-11-2012 04:35 مساء  الزوار: 1746    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

السَّاكِتُ عَنْ الحَقِّ شَيطَانٌ أخْرَس. ‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved