||
اخر ألاخبار
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :16
من الضيوف : 16
من الاعضاء : 0
عدد الزيارات : 35416131
عدد الزيارات اليوم : 19246
أكثر عدد زيارات كان : 59321
في تاريخ : 18 /01 /2020
حكم رقم 111 لسنة 2009 فصل بتاريخ 2010/4/12

نقض جزاء
رقم:111/2009
السلطــــة الوطنيــــة الفلسطينيـــة
السلطــــة القضائيـــة
محكمــة النقض
" الحكـــــــــــــــــــــــــــم "
الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني.
الديباجة
الهيئة الحاكمة: برئاسة السيد القاضي/ سامي صرصور. وعضوية السادة القضاة: محمد شحادة سدر، محمد سامح الدويك، خليل الصياد، عدنان الشعيبي.
الطاعـــــــــن: ا.و.ي. وكيلاه المحاميان احمد وفارس شرعب. المطعون ضده: الحق العام.
الإجــــــــــــــراءات
الأسباب والوقائع
بتاريخ 1/12/2009 تقدم الطاعن بواسطة وكيليه بهذا الطعن لنقض القرار الصادر عن محكمة استئناف رام الله المنعقدة في نابلس بتاريخ 22/10/2009 في القضية الإستئنافية الجزائية رقم 140/2008 والمتضمن الحكم بتأييد القرار المستأنف من حيث النتيجة والذي قضى بإدانة المستأنف بما اسند إليه وهي تهمة التخابر ومعاونة قوات الاحتلال وتقديم المساعدة لهم والمعلومات خلافا لأحكام المادة (111) من قانون العقوبات ولورود السبب الثالث من أسباب الاستئناف الحكم بتعديل العقوبة بما يتفق وأحكام المادة 12/3 من قانون إصلاح الأحداث وذلك بالحكم على المستأنف بالاعتقال مدة سبع سنوات ونصف محسوبة له مدة التوقيف.
وتتلخص أسباب الطعن بما يلي:-
أخطأت محكمة الاستئناف بتخفيض العقوبة بل كان يتوجب عليها إعلان براءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.
أن البينه الدفاعية أثبتت بأن الطاعن ليس له علاقة بالتهمة المسندة إليه.
إن الإفادة التي أدلى بها الطاعن أمام النيابة العامة مخالفة لنص المادة (214) من قانون الإجراءات الجزائية.
القرار المطعون فيه جاء ضد وزن البينه وغير متفق وأحكام القانون.
أخطأت محكمة الاستئناف في فرض العقوبة على الطاعن.
إن إجراءات التحقيق التي تمت مع الطاعن مخالفة لنص المادة (15/1) من قانون الأحداث.
إن توقيف الطاعن لدى جهاز الأمن الوقائي قد وقع باطلا.
لهذه الأسباب يطلب وكيلا الطاعن قبول الطعن شكلا لتقديمه ضمن المدة القانونية وفي الموضوع نقض القرار المطعون فيه وإعلان براءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.
بتاريخ 16/1/2010 قدم مساعد النائب العام مطالعة خطية طلب بنتيجتها رد الطعن شكلا و/أو موضوعا وتأييد القرار المطعون فيه.
التسبيب
المحكمــــــــــــــــــة
بعد التدقيق والمداولة قانونا نجد أن الطعن مقدم ضمن المدة القانونية فنقرر قبوله شكلا.
كما نجد أن النيابة العامة كانت قد أحالت المتهم أ إلى محكمة بداية نابلس بصفتها الجنائية لمحاكمته عن تهمة الخيانة خلافا لأحكام المادة (111) من قانون العقوبات، وتتلخص وقائع هذه الدعوى كما وردت بإسناد النيابة العامة انه في نهاية عام 2001 كان المتهم يعمل على نقل البضاعة ما بين بلده جيت وصره على حمار وتعرف على العميل ز حيث أقدم على الارتباط معه وكان يقوم بنقل شنطه سوداء اللون لا يعرف المتهم ما بداخلها لأشخاص عملاء للجيش الإسرائيلي مقابل مبلغ عشرون شيكلا في كل مرة.
وفي عام 2003 التحق المتهم بصفوف الأمن الوطني وعندما شاهده جندي على حاجز طلب منه معلومات عن الأمن الوطني ووحداته وعدد الدورات التي ينظمها وأسلحته وقادته، وبالفعل أقدم المتهم على تزويدهم بمعلومات عن الأمن الوطني وبعدها تم فصله من الجهاز وحبسه في السجن العسكري، وقد اعترف بالتهمة المسندة إليه.
باشرت محكمة البداية نظر الدعوى واستمعت إلى البينات المقدمة لديها من النيابة العامة والدفاع وباستكمال كافة إجراءات المحاكمة وبتاريخ 13/7/2008 أصدرت قرارها في القضية الجزائية رقم 123/2005 والمتضمن الحكم بإدانة المتهم بالتهمة المسندة إليه وهي التخابر ومعاونة قوات الاحتلال وتقديم المساعدة لهم والمعلومات خلافا لأحكام المادة (111) من قانون العقوبات والحكم بوضعه بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة خمسة عشرة سنة بعد منحه الأسباب المخففة التقديرية طبقا لأحكام المادة (99) من قانون العقوبات محسوبة له مدة التوقيف.
لم يرتض المحكوم عليه بهذا القرار فقد طعن به استئنافا وبتاريخ 22/10/2009 أصدرت محكمة استئناف رام الله قرارها في القضية الإستئنافية الجزائية رقم 140/2008 والمتضمن الحكم بتأييد القرار المستأنف من حيث النتيجة التي قضى بإدانة المستأنف بما اسند إليه ولورود السبب الثالث من أسباب الاستئناف الحكم بتعديل العقوبة بما يتفق وأحكام المادة (12/3) من قانون إصلاح الأحداث وذلك بالحكم على المستأنف بالاعتقال مدة سبعة سنوات ونصف محسوبة له مدة التوقيف.
لم يرتض المحكوم عليه أيضاً بهذا القرار فتقدم بواسطة وكيليه بهذا الطعن لنقض القرار المطعون فيه للأسباب الواردة في لائحة الطعن والتي أوردنا ملخصا عنها في مطلع القرار.
وفي الموضوع وعن أسباب الطعن:-
وبالنسبة للسبب الرابع والذي مفاده تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق القانون على واقعة الدعوى حيث جاء حكمها المطعون فيه ضد وزن البينه وغير متفق وأحكام والقانون.
وفي ذلك نجد أن محكمة الاستئناف وبصفتها محكمة موضوع مقيدة في حكمها بتطبيق القانون على الوقائع المطروحة أمامها.
وان البينة المتوفرة حول تلك الوقائع وكيفية ارتكابها، وتفاصيلها قد اقتصرت على أقوال المتهم في مراحل ضبط أقواله المختلفة.
وكان عليها أن تبحث الوقائع من جميع الوجوه وتقضي بما يثبت لديها غير مقيدة بالوصف الذي جاء في إسناد النيابة العامة بل من واجبها أن تصف الواقعة بالوصف الصحيح الذي يسبغه القانون على ذلك الفعل طبقا لمؤدى ومفهوم المادة (270) من قانون الإجراءات الجزائية ومن حقها في سبيل ذلك
تقدير الدليل ومناقشته واستخلاص الواقعة من خلال أوراق الدعوى حتى تتمكن محكمتنا من بسط رقابتها على القرار المطعون فيه الأمر الذي لم يتم في هذه الدعوى.
ونحن بدورنا نجد أن مناط الفصل في الدعوى يدور حول بيان فيما إذا كانت الأفعال المادية التي أقدم عليها المتهم الموصوفة بواقعة النيابة العامة والمستفاد من واقعة محكمة الدرجة الأولى استنادا إلى اعترافه والتي بنت محكمة الاستئناف حكمها على أساسها تشكل جناية الخيانة بالمعنى المنصوص عليه في المادة (111) من قانون العقوبات؟!
وفي ذلك نجد أن الجريمة التي أدين بها الطاعن هي جناية الخيانة خلافا لأحكام المادة (111) من قانون العقوبات وهي من الجنايات التي تستهدف امن الدولة الخارجي.
ويطلق على مجموعة الجرائم التي تمس بشكل مباشرة الدولة في وجودها واستمرارها وسيادتها على أراضيها ومواطنيها أو تنال من نظام الحكم فيها أو تعرض للخطر مؤسسات الدولة الدستورية (الجرائم الواقعة على امن الدولة).
وان هناك خلافا في النصوص والأحكام بين الجرائم والواقعة على امن الدولة الخارجي والجرائم الواقعة على امن الدولة الداخلي وان الجرائم الواقعة على امن الدولة الخارجي تؤدي أو تساعد على الاعتداء على شخصية الدولة بصفتها شخص من أشخاص القانون الدولي وبالتالي فإن هذه النصوص تحمي الدولة في مصالحها أو حقوقها في مواجهة غيرها من الدول وتحول دون المساس باستقلالها وسيادتها ووحدتها أو زعزعة كيانها في المحيط الدولي فتلك الجرائم تهدد الدولة من حيث وجودها وكيانها الدولي ومركزها وصلاتها بغيرها من الدول.
أما الجرائم الواقعة على امن الدولة الداخلي فهي التي تقع على نظامها الداخلي وهي جرائم موجهه إلى كيان الدولة الداخلي.
ومع ذلك فإن اختلاف هذين النوعين من الجرائم من حيث الحق المعتدى عليه ومن حيث درجة الجسامة لا يعني فقدان الصلة بينهما، إذ أن بينهما رابطة قوية وتأثير متبادل، فصاحب الحقوق المعتدى عليها هو الدولة في الحالتين والاعتداء على النظام السياسي الداخلي قد يؤثر على مركز الدولة بين مجموعة الدول وقد ينال من هيبتها واحترامها بل قد يحدث خللا في قوة مقاومتها لأعدائها كما أن المساس بسيادة الدولة يكون له رد فعل أو انعكاسه على النظام السياسي الداخلي.
وتتبادر إلى الذهن كلمتا الخيانة والجاسوسية بمجرد ذكر الجرائم الواقعة على امن الدولة الخارجي، فقد استقرت لهاتين الكلمتين دلالتهما وحدودهما بفضل الجهود الفقهية المضنية التي تركت أثرها على التشريعات الوضعية.
وقد ميزت القوانين بين الخيانة والجاسوسية على أساس أن الخيانة إجرام تقع من مواطن أما الجاسوسية فتقع من أجنبي، فإذا كان الجاني قد أهدر واجب الولاء لوطنه فهو خائن ويعد بالتالي فعله خيانة أما إذا صدر الفعل عن أجنبي لا يرتبط بالدولة التي اضر بها بفعله رابط الولاء والإخلاص عد فعله تجسسا أي أن الخيانة ما هي إلا العمل الإجرامي الذي يصدر عن شخص من المواطنين لمساندة دولة أجنبية أو مساعدتها بقصد الإضرار بمصالح وطنية بينما التجسس فهو النشاط الإجرامي الذي يصدر عن الجاني بقصد إعانة دولة أجنبية على الإضرار بالمصالح الوطنية لدولة أخرى.
والأصل أن تكون قواعد التجريم دقيقة وواضحة لا تترك مجالا للاجتهاد والتفسير وهذا ما يتفق مع مبدأ الشرعية والذي بمقتضاه أن لا جريمة إلا بنص (م/3 من قانون العقوبات) إلا أننا نلاحظ أن خطة المشرع فيما يتعلق بالجرائم الواقعة على امن الدولة قد جاءت في كثير من الأحوال خالية من الدقة والوضوح مما يترك مجالا واسعا للاجتهاد وسلطة تقديرية واسعة للقضاء وفي إدخال كثير من الأفعال ضمن دائرة التجريم.
وقد نص قانون العقوبات المطبق لدينا حاليا (قانون العقوبات الأردني) على جرائم الخيانة في الفصل الأول من الكتاب الثاني في المواد من (110 ــ 117).
وبتحليل هذه الجرائم نجد أنها تندرج تحت عدة أوصاف ومنها:-
دس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها للعدوان ضد الأردن (م/111 من قانون العقوبات) فقد نصت المادة (111) من قانون العقوبات على انه (كل أردني دس الدسائس لدى دولة أجنبية أو اتصل بها ليدفعها إلى العدوان ضد الدولة، أو ليوفر الوسائل إلى ذلك عوقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وإذا أفضى عمله إلى نتيجة عوقب بالإعدام).
يستفاد من هذا النص أن المشرع اشترط لقيام هذه الجريمة من جرائم الخيانة توافر الأركان التالية:-
الركن المفترض:
وهو أن يكون فاعل الجريمة أردنيا أو أجنبيا ساكنا في الأردن فعلا أو مقيما فيه حسب التحديد القانوني التي نصت عليه المادة (117) من قانون العقوبات.
الركن المادي:
لم يبين المشرع تعريفا للدسائس ولا للتخابر أو الاتصال ولقاضي الموضوع استخلاص الأفعال التي ينطبق عليها وصف الدسيسه أو الاتصال.
ويراد بالتخابر: التفاهم بمختلف صوره سواء حصل شفهيا أو كتابة صريحا أو رمزا مباشرة أو بالواسطة وهذا المعنى أوسع نطاقا من عبارة إلقاء الدسائس ومن الممكن أن يحتوي في معناه مدلول التخابر ومع ذلك لا يشترط لتمام الجريمة أن تقع أكثر من دسيسه أو اتصال للقول بتوافر ركنها المادي إنما يكفي دسيسه واحده أو تخابر واحد.
والأصل أن تقوم العلاقات بين الدول على مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى إنما قد تتعارض المصالح بين الدول كما قد تتباين الايدلوجيات لكل منها وبذا تتخذ الدول من الإجراءات والاستراتيجيات التي تضمن بها مصالحها ومصالح شعوبها وقد يكون من بين تلك الإجراءات أو الاستراتيجيات ما هو سري يحظر إفشاؤه لعدم استثاره الدول الأخرى أو لعدم استعدائها بالنظر لتعارض تلك المصالح مع مصالح الأخيرة وقد يقع إيصال هذه المعلومات ضمن مفهوم عبارة (دس الدسائس) والتي وردت في النص إذا كان من شأن كشفها بالسر أو العلن أو إيصالها إلى دولة أجنبية مما يؤدي وضمن السير الطبيعي للأمور وما يتفق مع العقل والمنطق إلى دفع ألدوله الأجنبية لشن عدوان على البلاد
وقد يلجأ الجاني في سبيل تحقيق أهدافه لدفع الدولة الأجنبية إلى العدوان على البلاد إلى استعمال أساليب المكر والخديعة وقد يلجأ في سبيل الوصول إلى غايته إلى اختلاق وقائع لا حقيقة ولا أصل لها إلا من نسج خيال صانعها.
ويشترط لتحقيق الركن المادي لهذه الجريمة أن يكون دس الدسائس أو الوشاية قد وقع لدى دولة أجنبية ومع أن اصطلاح دس الدسائس يوحي بالسرية والخفاء إلا أن ذلك ليس شرطا لازما لتحقيق هذا الفعل فكما يقع في سرية وكتمان فقد يقع بالجهر والمكاشفة.
والمقصود بالدولة الأجنبية: أي دولة غير الدولة الأردنية لا تقوم حالة العدوان بينها وبين الأردن فإذا قامت بينها وبين الأردن حاله الحرب المعلنة أو المكشوفة أخذت تلك الدولة وصف الدولة المعادية وعلى هذا فإن مجال أعمال نص المادة (111) من قانون العقوبات لا يكون في الغالب إلا في حالة السلم بين الدولة الأردنية والدولة الأجنبية.
وقد أضاف المشرع عبارة الاتصال مع الدولة الأجنبية لدفعها للعدوان على البلاد إلى عبارة دس الدسائس لدى الدولة الأجنبية، وان دس الدسائس قد لا يرقى إلى مرتبة الاتصال الذي تم بإحدى وسائل التخابر سواء الهاتفي أو البرقي أو بإحدى الوسائل التي يكشف عنها التطور العلمي الحديث، ولكن يشترط أن يكون الجاني قد قام بنشاط لدى الدولة الأجنبية.
وان الاتصال مع وزراء الدولة الأجنبية أو موظفيها الرسميين سواء أكانوا عسكريين أو مدنيين يدخل ضمن مفهوم الاتصال المباشر بمقتضى النص من اجل مباشرتها العدوان على البلاد.
فقد يتم الاتصال مع عملاء العدو ممن يتولون خدمة مصالح الدولة الأجنبية أو تستخدمهم الدولة الأجنبية لأعمال الاستخبار منهم ولا يشترط أن يكونوا من جنسية الدولة الأجنبية فقد يحملون جنسية دولة غير الدولة التي يقدمون خدماتهم إليها وقد يكونوا مواطنين إنما يشترط في هذه الحالة أن يعلم الجاني بان من يتصل معه أو يدس الدسيسه لديه يعمل لمصلحة الدولة الأجنبية التي يقصد استعداءها على البلاد.
ومهما يكن من أمر موضوع الدسيسه فهو يرتبط بالركن المادي لهذه الجريمة وهو قصد حمل الدولة الأجنبية على شن العدوان على البلاد.
ويقع الاتصال أو دس الدسيسه لمجرد حصوله ولا يتصور فيه الشروع فإما أن يقع أو لا يقع، وان الجريمة متى اكتملت بتوافر أركانها فلا مجال للقول بالعدول عن الاستمرار في دس الدسائس أو الاتصال حيث أن المشرع لم يتطلب عددا من الاتصالات مع الأعداء ولا تكرار لدس الدسائس لدى الدولة الأجنبية.
الركن المعنوي:-
لا تكون هذه الجريمة إلا قصديه، حيث يلزم لتحقق ركن القصد فيها أن يتوافر لدى الجاني قصدان قصد عام وآخر خاص.
ويتمثل القصد الجنائي العام في مجرد اتجاه نية الجاني إلى إتيان النشاط المتضمن للاتصال أو الدسيسه أما القصد الجنائي الخاص فيأتي في صورتين:
إيقاع العدوان من الدولة الأجنبية على البلاد والذي يستند في أصله على احد أشكال تحريض تلك الدولة على مباشرة العدوان ضد البلاد.
تتمثل في نية توفر وسائل العدوان لدى الدولة الأجنبية من اجل مباشرتها العدوان على البلاد.
ويكفي لقيام هذه الجريمة تحقق أي من الصورتين:
فالصورة الأولى تفترض دفع الدولة الأجنبية إلى مباشرة العدوان على البلاد في حين الظروف الدولية لا توحي بذلك بينما توحي الصورة الثانية أن الدولة الأجنبية تضمر نوايا سيئة للبلاد وأنها بحاجة إلى اختلاق الذرائع لمباشرة ما تنوي القيام به من عدوان.
فإذا انتفى أي من هذين القصدين في صورتيهما فلا مجال لتطبيق أحكام المادة (111) من قانون العقوبات.
ولا عبرة للباعث أو الغاية البعيدة ما دام الأمر المتوخى هو مباشرة العدوان على البلاد أو توفير وسائله وسبله أما إذا كانت الغاية من الاتصال أو الدسيسه هو دافع شخصي بمعنى إذا فكر الجاني في مجرد تحقيق أغراض خاصة أو تعريض المواطنين لأعمال ثأرية أو انتقامية تقع عليهم أو على أموالهم عندها يتم البحث عن نصوص أخرى في باب الجرائم الواقعة على امن الدولة.
فلا تقع أفعال الاتصال أو دس الدسائس تحت مفهوم نص المادة (111) من قانون العقوبات ما لم تكن هذه الأفعال في نظر الفاعل مراحل تقود الدولة الأجنبية في النهاية إلى شن العدوان على البلاد وهو في الأصل غايته البعيدة أو قصده الخاص.
يتضح من كل ذلك أن الأفعال الصادرة عن المتهم (الطاعن) لا تشكل أركان وعناصر جناية الخيانة بالمعنى المنصوص عليه في المادة (111) من قانون العقوبات كما ذهبت في ذلك النيابة العامة
في إسنادها ومحكمتا الموضوع في حكمهما وإنما تشكل بالتطبيق القانوني السليم سائر أركان وعناصر الجناية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (118) من قانون العقوبات.
وقد نص قانون العقوبات في المواد من (118 ــ 123) على مجموعة من الجرائم تبدو حكمه التجريم فيها الحفاظ على الموقف المحايد من حرب دائرة بين دولتين وعدم تعكير الصلات مع دولة أجنبية أو تعريض المواطنين لأعمال ثأرية أو انتقامية.
فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (118) من قانون العقوبات على هذه الصورة من صور التجريم حيث جاءت على النحو التالي ( من أقدم على أعمال أو كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة فعرض المملكة لخطر أعمال عدائية أو عكر صلاتها بدولة أجنبية أو عرض الأردنيين لأعمال ثأرية تقع عليهم أو على أموالهم).
ولهذه الجريمة ركنان احدهما مادي والآخر معنوي
الركن المادي:
ويتمثل الركن المادي لهذه الجريمة في النشاط الايجابي المتمثل في الإقدام على القيام بأعمال أو كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة من شانها أن تستعدي دولة أجنبية وتدفعها إلى احتمال القيام بأعمال عدائية ضد البلاد أو أن تعكر صفاء العلاقات بين الدولة الأجنبية والدولة الأردنية أو قد تدفع الدولة الأجنبية أو رعايا تلك الدولة إلى القيام بأعمال ثأرية انتقامية ضد المواطنين أو ضد أموالهم.
وان طبيعة النشاط المجّرم بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة (118) من قانون العقوبات هي الأعمال، الكتابات، الخطب، والذي يهمنا في هذا الخصوص هو الأعمال، وان طبيعة الأعمال التي تصدر عن الجاني والتي تستعدي دولة أجنبية وتدفعها إلى احتمال القيام بأعمال عدائية ضد البلاد أو قد تدفع الدولة الأجنبية أو رعايا تلك الدولة إلى القيام بأعمال ثأرية أو انتقامية ضد المواطنين أو ضد أموالهم لا تقع تحت حصر ولكن يشترط أن تكون تلك الأعمال غير مرخص بها من قبل الحكومة، فإذا أجازت الحكومة مثل تلك الأعمال فلا مسؤولية على الجاني إنما يجب أن تكون إجازة الحكومة النافية لصفة عدم المشروعية عن العمل صريحة وثابتة.
الركن المعنوي:
يكفي لتوافر الركن المعنوي لهذه الجريمة القصد الجنائي العام ويقوم القصد الجنائي على عنصري العلم والإرادة حيث يتوافر القصد بعلم الجاني في أن الأعمال أو الكتابات أو الخطب التي يأتيها تثير حفيظة دولة أجنبية وان الحكومة لم تجزها وبتوجيه إرادته إلى إتيانها.
ولا يشترط أن يتوقع الشخص من وراء أعماله أو كتاباته أو خطبه تعريض البلاد لخطر أعمال عدائية أو انتقامية أو تعريض المواطنين لأعمال ثأرية أو انتقامية تقع عليهم أو على أموالهم إنما يكفي أن تكون تلك الأعمال أو الخطب أو الكتابات تحمل في طياتها احتمال العدوان أو الانتقام سواء على البلاد أو على المواطنين أو على أموالهم.
وان ضابط التفرقة بين جناية الخيانة المنصوص عليها في المادة (111) من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (118) من نفس القانون هو معيار الحق المعتدى عليه.
فصاحب الحقوق المعتدى عليها في جناية الخيانة هو الدولة في حين نجد أن الحقوق المعتدى عليها في الجناية الثانية هو الدولة أو المواطنين أو أموالهم.
وبذلك تكون محكمة الاستئناف قد أخطأت في تطبيق القانون على الأفعال الجرميه التي أقدم عليها المتهم (الطاعن) والتي تشكل جناية بالمعنى المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (118) من قانون العقوبات الأمر الذي يستوجب تعديل وصف التهمة المسندة للمتهم (الطاعن).
وعليه فإن السبب الأول من أسباب الطعن يرد على الحكم المطعون فيه مما يتعين نقضه من حيث التكييف القانوني، وحيث توصلنا إلى عدم سلامة التطبيقات القانونية فإنه من السابق لأوانه البحث في قانونية العقوبة المحكوم بها الطاعن.
منطوق الحكم
لهــــذه الأسبـــــــــاب
واستنادا لما تقدم ودون حاجة لبحث ما ورد بباقي أسباب الطعن في هذه المرحلة نقرر قبول الطعن موضوعا ونقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى محكمة استئناف رام الله للحكم بها من جديد في ضوء ما بيناه أعلاه بهيئة مغايرة.
جملة الصدور وتاريخ الفصل
حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 12/4/2010
القضاة في الصدور
الكاتــب الرئيـــس

الكاتب: mais بتاريخ: الأربعاء 21-11-2012 04:41 مساء  الزوار: 3535    التعليقات: 0



محرك البحث
الحكمة العشوائية

اشكر من أنْعَمَ عليـك ***‏ وأنْعِمْ على من شكـرك.‏
تطوير تواصل بإستخدام برنامج البوابة العربية 3.0 Copyright©2012 All Rights Reserved